(47) المَداخِلة والجاميَّة وشيوخ السلطان؛ هُم العدُوّ فاحْذَرهم
أبو فهر المسلم
وليوقن الغَرور، أن أسيادَه لن يدوم مُلكُهم، وأولياءَه تُزلزَلُ قريبًا عُروُشُهم، ولن يَنفعَهُ رِقُّهم، ولا يُنجيه ذُلُّهم
- التصنيفات: الفرق والجماعات الإسلامية -
ألا فلتعلموا يا كرام أن الذي يتديَّن طواعيةً وانشراحًا، لارُغمًا ولا إكراهًا، بالتبليغ عن مُخالفِيه، والوشايةِ بمُعارضِيه، لدى الحاكم المبدل لشرع الله، وأمن دولة الجائر الظالم، ويَرى ذلك لهم، حقًّا وطاعة، ولزومًا للجماعة، لا يتورَّع مثلُه أبدًا؛ عن تلقِّي الخُطبةَ مَكتوبة، والمحاضرةَ مَسبوكة؛ قد أتتْهُ فيها أوامرُ من أسيادِه، وتوصياتٌ من أوليائه؛ بالتحريض على المسلمين؛ أفرادٍ وجماعات، وأقطارٍ ودُوَيلات، فيُصبح السَّفيهُ؛ أُركوبةَ الخائنين، ومجمعَ قمامة العاهرين، وبوق إعلام المجرمين، ينفُثُ سُمومَ المُخابَرات، ويُهيء بعَتَهِه المُخطَّطات، ويَدقُّ لهم طُبولَ المؤامرات.
قد اكتَفى أربابُه من وراء حجاب؛ بنعيق هذا الخبيث الكذَّاب، وقد اعتلَى منبرًا شريفًا؛ ليصيحَ مِن فوقِه نُباحًا ونَهيقًا، وهم على الأسِرَّة يَسخرون، وعلى المَكاتب يَضحكون، بالعميل يَفرحون، وبالذليل يَهزؤن، صيدٌ لهم ما أثمنَه، وليُّ ذلٍّ ما أطوعَه، ألا فليعلم الجَهول، وليوقن الغَرور، أن أسيادَه لن يدوم مُلكُهم، وأولياءَه تُزلزَلُ قريبًا عُروُشُهم، ولن يَنفعَهُ رِقُّهم، ولا يُنجيه ذُلُّهم، ففي العذابِ يَؤمُّهم، وفي القيامة رِفدُهم، وها هنا قصاصًا منه قبلَهم، بأيدي المؤمنين يَرونَهم، فيشفي اللهُ صدورَهم، ويُذهب غيظَ قلوبهم.
هُمُ العدوّ فاحْذَرهم!
وفي أمثال هؤلاء؛ يقول الإمام يوسف الحنبلي رحمه الله: "العجَب من بعض المُتفقِّهة الفجَرة، يَذكرون -أحاديث الطاعة- لكثيرٍ من الظلَمة، ممَّن انغمس في الظلم، وعامَ فيه وسبَح، وأخذ أموالَ الناس من غير حِلِّها، وقَتل النفسَ الحرامَ أكثر من ألفِ مرة بغير حقّ، واستحلَّ أموال الناس، ودماءَهم وأعراضهم، ويُزيِّن له أنه عادل، ولولا أنت ولولا أنت! ليتوجَّه بذلك عنده، ويُنفق سوقَه، فلا كثَّر الله في المسلمين مِن أمثالهم".
فاحْذَرُوا -هؤلاء- إخواني.
فوَالله إن إفسَادَهم زماننَا هذا؛ لَشرٌّ مُستطير، وعُدوانٌ كبير.