اعتذار إلي ملكة جمال فلسطين

منذ 2003-08-02

.. فنحن مدينون بالاعتذار إلى ملكة جمال فلسطين الاستشهادية التي تفجر نفسها فيمن أذلنا وقهرنا وجعلنا معرّة الأمم ..

نحن - أنا وأمثإلى - مدينون باعتذار تاريخي إلى المجاهدين من الشعب الفلسطيني الأسير، خاصة المرأة الفلسطينية، والاستشهادية علي وجه أخص ..
فقد فَجَعنا بعض المصريّين حين أقاموا في « مارينا » - شاطئ المشاهير والأساطير - حفلاً لاختيار ما يُسمّي «ملكة جمال مصر»، وزادوا في فجيعتهم لنا حين أعلنوا أنهم كانوا قد أجلوا الحفل أسبوعًا تضامنًا مع الانتفاضة الفلسطينية!

في العصر الثوري الجمهوري يسعى البعض إلى استعادة الملكية، ولو بالاسم - في صورة فتاة تطرح جسدها أمام الرأي العام، مع أخريات، ليقوم الباحثون عن الملكية بتطبيق مقاييس الجمال الأنثوي، واختيارها ملكة (!!) لمصر!

استطاع هذا البعض أن يشغل الناس عبر الصحافة والتلفزة بالملكة المنتخبة (!!) ويقدمها في عناوين كبري، وصور تملأ الأغلفة والصفحات، وبثّ مباشر أو مسجل عبر قنوات أرضية وفضائية، محلية وعربية، وقد خصصت قناة فضائية طائفية لبنانية أكثر من ساعتين، لتقديم بناتنا المتسابقات وهنّ شبه عرايا. في أوضاع مختلفة، حتى تمّ تتويج الفتاة (الملكة)، مع التعريف بها من حيث الطول، والبرج الذي تنتمي إلىه، وهوايتها، ولون شعرها وعينيها، وكونها تعدّ نفسها سفيرة لمصر في الخارج وسفيرة للسلام! فضلاً عن طبيعة (الماكياج) الذي تستخدمه، والكريم الذي تفضله، والألوان التي تحبذها، والتاج الذي صُمًّم لها .. ولم تقصر الصحافة والتلفزة في تقديم أو ذكر الملكات السابقات للجمال في مصر منذ عام 1987 حتى الآن، وكأنه مجد تليد ينبغي الاحتفاء به وتخليده.

ويحاول بعضهم أن يغطي علي الجريمة التي تسمي مسابقة ملكة جمال مصر، بالقول إن المسابقة ثقافية، تقوم علي اختيار أفضل المتسابقات في المعلومات العامة والثقافة والذكاء، ويدلّلون علي عمق الفكر الثقافي في الأسئلة الموجهة إلى الفتيات بسؤال عن « الخُلع » في الشريعة الإسلامية، ويشيرون إلى طرافة بعض الإجابات مثل قول إحداهن: إن من حق المرأة الخلع إذا « زهقت » من زوجها مثل الرجل تمامًا عندما « يزهق » من زوجته فيتزوج عليها!!

لا ريب أن المتسابقات لا ينتمين إلى القاعدة الشعبية العريضة من المصريين التي تعيش تحت خط الفقر أو فوقه بقليل، ومن المؤكد أنه لا تشغلهن لقمة العيش، ولا صعوبة المواصلات، ولا زحام المساكن، ولا سكّان القبور الأحياء، ولا الدروس الخصوصية، ولا البطالة، ولا الوقوف في طوابير الخبز أمام الأفران البلدي، ولا انتظار مواسم التخفيضات (الأوكازيون) لشراء بعض الملابس أو الأحذية المخفضة.

ولا ريب أن المتسابقات لا تشغلهن قضايا الأمة علي المستوي الوطني أو القومي أو الإسلامي، فلا يعنيهن مثلاًً حاجة مصر إلى القمح واستجدائه من دول الغرب الصليبي، ولا يعلمن شيئًا عن ديون مصر لهذه الدول، ولا يعرفن ما يترتب علي هذه الديون من ذلّ وهوان وفقدان للاستقلال السياسي والحضاري.

ولا ريب أن هؤلاء الفتيات لا يعلمن شيئًا عن الإسلام ولا تعإلىمه ولا أخلاقه، فمن منهن تعلم أن جسد المرأة المسلمة تنبغي صيانته عن الابتذال والعري وتعرض الآخرين له؟ ومن منهن تعلم أن حرية المسلمة تكمن في سلوكها وفكرها وإنسانيتها وثقافتها، لا في شعرها وعينيها وخصرها وساقيها ولون بشرتها؟ ومن منهن تعلم أن ربط قيمة المرأة بجسدها وسنّها مخالف لمبادئ الإسلام وقيمه؟ ومن منهن تعلم أن جمال المرأة في الإسلام يكمن في الروح والعاطفة وخدمة المجتمع؟

سألت نفسي: من يكون الآباء والأمهات لهؤلاء الفتيات؟.. هل أخذتهم الغيرة عليهن وهنّ بين أيدي السادة تجار الأجساد يقلّبونهن ويقيسون خُصُورهن وصدورهن ونحورهن وسيقانهن؟ يقال إن الخنزير وحده لا يغار علي أنثاه سواء كانت زوجته أو قريبته ..
فكيف انخدع الآباء والأمهات لتقديم بناتهم علي مذبح العرض الجسدي؟

لقد تحولت المرأة في الغرب الصليبي إلى سلعة أو جارية تباع وتشتري مع الفارق الزمني بينها وبين جارية الزمن الماضي.
ومع الفارق الزمني أيضًا بين التماس القديم والتماس الصليبي المعاصر ومن يقلّدونه من غير الصليبيين. صارت المرأة هناك مجرد جسد يعرض الثياب: الفساتين وقمصان النوم والمايوهات وقطع الذهب والماس والفضة التي تتحلى بها النساء في الأذنين والرقبة وإلىدين والقدمين، وصارت المرأة مجرد جسد لقضاء المتعة علي شاشات السينما والتلفزة وصفحات الجرائد والمجلات، صارت المرأة مجرد « سنارة صيد » في السكرتارية والشركات والمؤسسات .. لقد صارت المرأة إلاّ قليلاً مجرد جارية تخدم مافيا السياسة والاقتصاد والتجارة والمخابرات في الغرب الصليبي، ويريدونها هنا أن تلحق بأختها الصليبية لنكون مستنيرين تقدّميّين ثوريّين ..
أما أن تكون ملكة جمال حقيقية في وطنها وأمتها وشعبها، فهذا ما لا يريدونه.

لا يريدون أن تكون ملكة جمال فلسطين أو مصر من عيّنة وفاء إدريس أو آيات الأخرس، أو إيمان حجو ذات السنوات الأربع! يريدونها مجرد جثة تنطبق عليها مقاييس المترات والسنتيمترات وألوان البشرة وأحجام الأنف والأذنين والقدمين .. جثة بلا روح ولا عاطفة ولا وجدان.

لا أستطيع أن أفصل بين مسابقة ملكة جمال مصر، والمهرجانات أو المهارج التي تقام في بعض الدول العربية وخاصة المجاورة لفلسطين، مثل مهرجان صايغ النجوم وسوق عكاظ ومهرجان المحبة، ففي الوقت الذي يتم فيه استئصال الشعب الفلسطيني الأسير، وضربه بالطائرات والدبابات والمدافع والصواريخ، وقتل أبنائه ومجاهديه، وأسٍر نشطائه، وتدمير بيوته، وفرض الحصار وحظر التجول علي القرى والمدن الفلسطينية ينشغل البعض منّا بالرقص والطبل والزمر واختيار ملكات الجمال، وكأن كل شيء هادئ على الجبهة، وكأننا نعيش السلام والرخاء الأبديين! وكأنّ الصليبيّين الاستعماريين لا يريدوننا أن ندخل إلى ساحة التبعية والتغريب!!
أخشى أن يقول عنّا أحرار العالم: إننا فقدنا الإحساس والشعور، بعد أن فقدنا الغيرة والنخوة، وفي كل الأحوال،

فنحن مدينون بالاعتذار إلى ملكة جمال فلسطين الاستشهادية التي تفجر نفسها فيمن أذلنا وقهرنا وجعلنا معرّة الأمم .. أما أنتم يا ملكات مارينا، فالويل لكم من الله، ثم من الشعوب!
  • 30
  • 1
  • 29,730
  • ام انس

      منذ
    [[أعجبني:]] المقارنة بين المجاهدات والدنيويات [[لم يعجبني:]] ذكر فتيات مصر فقط كمثال
  • لانا

      منذ
    [[أعجبني:]] نعم هذا ما نراه من الفتيات االان خاصه على محطات التلفز يأتون متعريات هل هذا هو الصحيح هل هذا ديننا أعتقد انه لا يوجد لهم اهل أو أن أهلهم نفس الشيئ ولكن علينا ألا نتعود على هذه المناظر ونحاربها وننقدها دائما حتى تذهب كل الحثاله [[لم يعجبني:]] لا يوجد شيئ لم يعجبني
  • أبو عمر (علاء)

      منذ
    [[أعجبني:]] هذه المقالة تجسد واقع موجود بالفعل في مصر وهذه المظاهر السيئة هي التي تعطي إنطباع سئ عن مصر أم الدنيا ولكن أناشد أصحاب الضمائر الحية و القلوب المتعلقة بالوطن و حرمته أن يتنبهوا ويصحوا من الغفلة الذين هم فيها وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم وبارك الله فيكم [[لم يعجبني:]] سئمنا الشعارات الرنانه التي تطرب الاذنين ولكن نريد شيئ مجسد على أرض الواقع وهبة من أجل دحر مثل هذه الافعال السيئة و التي تسيئ إلى الشعب المصري الموله في حب وطنة وأقول للشعب المصري أمن درجة النضال و الانتصارات والفتوحات و المقاومة البطولية التي دحرت الاحتلال الاسرائيلي في اكتوبر إلى تعرية نساؤنا و التصويت لها على جسدها النحيل ألهذه الدرجة أوصلتنا الحضارة و التكنولوجيا
  • فتاة ترفض ذل أمتها

      منذ
    [[أعجبني:]] أخي الكريم كاتب المقال ... نكأت جراحاعميقة فينا من مقالك .. إلى الحد الذي لن أستطيع معه أن أعبر لكم عن شديد ما نشعر به من الألم لمصاب هذه الأمة .. فلسطين تأن وجعا مما هي فيه .. ودول تدعي الإسلام دستورها تبيع الأعراض والأجساد والقيم والمقدسات على مذبح القهر والتنكيل بآلآم الأمة .. نسأل الله فرجا من عنده قريبا مما نحن فيه.. خانتني العبارات .. فماذا عساي أن أقول اكثر.. حسبنا الله ونعم الوكيل ممن ظلمنا.. يهودا كأنوا وصليبيين ومن عاونهم من أبناء جلدتنا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله .
  • محمد عبد القادر

      منذ
    [[أعجبني:]] ماالذى قدمته تلك الفتاة لتنال اللقب؟ إنهم ينادون بحقوق المرأه فما الواجب الذى استحقت مثل تلك أن تكون ملكة؟
  • أبو أمجد

      منذ
    [[أعجبني:]] ملكة الجمال هي التي تتطهر الأرض بدمها
  • عائشة عدنان

      منذ
    [[أعجبني:]] إنه سوق نخاسة يديره دعاة تحرير المرأه!!!
  • وضاح

      منذ
    [[أعجبني:]] It is a good article. But I just want to emphasize a say: If Martyre Bombing in Palestine is jusiprudently allowed for men, is it allowed for Women? Especially that her body will be in the hand of the Jews after her death.Donot you care about her "Awrah" to be disclosed to the Jews exactly like the Awrah of the Egyptian Miss! If we care nothing for this, then these are already prodicting to diclose their body by the Jews!! Why dono't our sisters in Palistine leave this affair to the men of Palestine? Women are not asked to perform such "Heroic" action if this will lead to a "monkar".
  • أبوخالد المصري

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني التنبيه علي مايحدث في مصر قلب الأمة وباقي الدول العربية
  • المرابط

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبنى جدا وصف الكاتب للأخت الأستشهادية بملكة الجمال فلطالما بحثت لتلك الأخوات عن وصف فلم أجد لهن وصف لأن عيناى كانت تجود بالدموع ,فاعجز عن التفكير, و ذلك أن تلك الأخت الملكة كما و صفها الكاتب قدوضعتنى فى حرج , لولا انشغال الأمة فى السفاسف, لصرت أداري وجهى عن الناس من الحرج. [[لم يعجبني:]] لم يعجبنى توعد الكاتب لتلكم البنات , لأن تلك البنات هن ملكات و لكن ملكات غفلة , فهن على معصية , وقد تفضل الكاتب و قال أنهن غافلات عن قضايا و هموم الأمة , و من هنا وجب علينا توعيتهم و ليس اليأس من أن يهتدوا . فكم من مرة يهدى الله شخصا لم نكن نتوقع له سوى سوء الخاتمة فنجده فجأة بينناخادما مخلصا للدين حتى أنا قد نلهث لنأتى بمثل ما يأتى من أعمال طيبة بعد أن هداه الله .

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً