أسباب البعد؛ والإعراض عن الله
منذ أن خلق الله الخلق، وقد أخذ الشيطان عهدًا على نفسه أن يورد الإنسان مورد الهلاك؛ النار، فكيف حالنا مع عداوة الشيطان، ووساوسه؟
الحمد لله، وبعد؛
من أسباب الإعراض عن دين الله، والخوف من الالتزام، والتقرب إلى الله:
1- إهمال الروح، والاهتمام بالجسد:
فالله خلق الإنسان من جسد وروح، وغالبًا ما يهتم الإنسان بجسده، وراحته، ومأكله، ومشربه، وشهواته، ولكنه يغفل عن غذاء الروح؛ الذي يدفعه دائمًا إلى فعل الخيرات، والتقرب إلى الله، وأذكر هنا وصية النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته: « » (السلسلة الصحيحة؛ برقم: 2/525)، فالصلاة أهم غذاء للروح.
فكيف هي صلاتنا؟!
2- ضعف العقيدة، وعدم الاهتمام بالعلم الشرعي:
حينما نقارن بين حالنا وحال الصحابة مع تنفيذ أوامر الله نجد فرقًا شاسعًا، قد يكون ما يعرفه بعضنا -الآن- عن دين الله أكثر من بعض الصحابة في ذلك الوقت، إلا أن هناك فارقًا كبيرًا بيننا وبينهم، والسبب الرئيسي تلك العقيدة التي تَربى عليها هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
فكيف هي عقيدتنا؟!
وأيضًا العلم الشرعي، ما هي معلوماتنا عن أبسط أمور الدين؟! وقد دعانا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حينما قال « » (صحيح البُخاري؛ برقم: 71)، فإن سلكت طريق العلم، فاعلم! أن الله أراد بك الخير، وأراد لك السعادة.
3- الانشغال الزائد بالدنيا:
حب الدنيا، وحب جمع المال، وحب السُلطة، وحُب الشُهرة، هذه كلها من المُلهيات التي يبالغ الإنسان فيها مع علمه المؤكد بأنه إلى زوال.
4- كثرة الملهيات:
وخاصة التكنولوجيا الحديثة تسببت في أَسْرِ الناس، وتدمير أوقاتهم؛ مثل: الشبكة العنكبوتية، التلفاز، الهاتف النقال، ومواقع التواصل الاجتماعي، كل هذه الأشياء لها جانب إفادة، وجانب تدمير.
فكيف حالنا معها؟!
5- الهجوم الشرس، والمُمنهج، والمخطط له؛ على الدين، وعلى المتدينين:
من العجيب أن يعلم أعداء الإسلام عن ديننا أكثر مما نعلم، فهم يعلمون جيدًا أن أصحاب هذا الدين إن تمسكوا به حقًا ملكوا العالم، فهم -دائمًا- يخافون هذا الدين، ويخافون أتباعه، وكرسوا أموالهم، وجهدهم؛ لمحاربته، ليس بالحرب التقليدية، ولكن بحرب أكثر تدميرًا وفتكًا وتأثيرًا، إنها الحرب الإعلامية؛ تلك الحرب التي جعلتنا نحن -المسلمون- نكره أن نوصف بالمتدينين، حتى لا نخضع للسخرية، والاستهزاء، فكثير ممن لا يصلي مشكلته كلام الناس، وكثيرات ممن خلعن الحجاب كذلك.
6- الاعتقاد الخاطيء بأن الدين -فقط- علاقة بين الإنسان والله، وليس فيه حل لمشاكل البشر:
من الخطأ الكبير أن يعتقد الإنسان أن الدين فقط في المسجد، وليس له علاقة بالواقع، ولا علاقة له بالكون، ولا أكون مبالغًا إن قلت بأن الدين احتوى على أكثر من مائة ألف موضوع ومسألة؛ كلها تهتم بكل شؤون الإنسان، وما أعظم القرآن من منهج، ولقد قال الله فيه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59]، وقال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:89]، ومن أدرى بشؤون الخلق؛ وما يفيدهم؛ وما يضرهم؛ غير خالقهم سبحانه وتعالى.
7- الخوف من التدين، والاعتقاد بأنه من أسباب التعاسة، والاكتئاب، ومن دواعي السخرية:
بسبب ما رسبه الإعلام في عقولنا؛ أن الدين من أسباب التعاسة، والتخلف، والجهل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
8- عدم البذل لهذا الدين:
ما أحوجنا إلى قراءة سورة البروج، والوقوف على ما فيها من معانٍ، لنعرف كيف يكون البذل لدين الله.
9- مشاكل الخطاب الديني، والاعتقاد الخاطيء بأن علماء الدين معصومون من الخطأ:
من أكبر المشاكل التي تواجهنا في التدين هو الأسلوب الخاطيء ممن نَصَّبوا أنفسهم للدعوة لهذا الدين عن جهل، فأخذوا يدعون الناس إلى فهم الدين فهمًا خاطئًا، ويخاطبونهم بأسلوب الماضي؛ عن أشخاص وأناس آخرين ليسوا من زماننا، وفى الحقيقة أنا كمستمع أريد أن تتحدث عني، لا عن غيري، أريد حلَ مشاكلي، لا مشاكل أمم سابقة لي، حالهم ليس كحالي، ووضعهم ليس كوضعي.
10- القنوط من رحمة الله؛ بسبب المعاصي والذنوب:
من أخطر ما يواجه الإنسان في طريقه إلى الله أن يشعر يومًا بأن ذنوبه الكبيرة سَتَحُول بينه وبين الله، وقد قال الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48].
11- ضعف الإيمان باليوم الآخر؛ (يوم القيامة):
لو أدرك الإنسان هذه الحقيقة؛ الموت، وأدرك أنه محاسب، وأن ما يفعله قد سُجِلَ بالصوت والصورة والكتابة، أعتقد أنه سيفكر كثيرًا قبل أن يتعدى حدود الله.
12- الحرص على الكمال:
من مشاكل بعض الناس في الالتزام أنه يريد أن يكون ملتزمًا مائة بالمائة، وهذا غير حقيقي، وغير منطقي، فقط تَقرب إلى الله ببعدك عن المعاصي، وافعل من الطاعات ما تستطيع، فلا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها.
13- إغفال عداوة النفس، والشيطان، والهوى:
منذ أن خلق الله الخلق، وقد أخذ الشيطان عهدًا على نفسه أن يورد الإنسان مورد الهلاك؛ النار، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6]، فكيف حالنا مع عداوة الشيطان، ووساوسه؟ وأيضًا تلك النفس التي خلقها الله أمارة بالسوء؛ كيف نتعامل معها؟ وكيف حالنا مع أهوائنا؟ فمن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله؟!
هذه الكلمات القصيرة تحمل في طياتها معان كبيرة، تحتاج إلى بحث، وإلى دراسة، فأهم من العلاج؛ التشخيص الصحيح للمرض، وحتى لا أكون مبالغًا فيما أكتب أدعوكم إلى البحث في هذا الموضوع، وعن كل مشكلة من المشاكل السابقة، وكيف نتعامل معها، إن كنت تريد لنفسك، ولغيرك الخير والصلاح.
- التصنيف: