لماذا تنجح حملات التبرعات في بلادنا ؟
يكثر الحديث عن حملات التبرع التي يتم الإعلان عن تنظيمها على امتداد بلادنا الغالية، والتي جرت العادة أن يُدعى إليها بين حينٍ وآخر لمساعدة إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أو إغاثتهم أو نصرتهم أو نحو ذلك، ولاسيما أن مملكتنا الغالية قد انتهجت هذا النهج المبارك منذ زمنٍ ليس باليسير، فهي لا تتواني ولا تتردد في مد يد العون والمساعدة لكل محتاجٍ أو منكوبٍ أو مصابٍ أو غير ذلك سواءً أكان في بلدٍ عربيٍ أو إسلاميٍ.
- التصنيفات: التصنيف العام -
أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد
يكثر الحديث عن حملات التبرع التي يتم الإعلان عن تنظيمها على امتداد بلادنا الغالية ، والتي جرت العادة أن يُدعى إليها بين حينٍ وآخر لمساعدة إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أو إغاثتهم أو نصرتهم أو نحو ذلك ، ولاسيما أن مملكتنا الغالية قد انتهجت هذا النهج المبارك منذ زمنٍ ليس باليسير ، فهي لا تتواني ولا تتردد في مد يد العون والمساعدة لكل محتاجٍ أو منكوبٍ أو مصابٍ أو غير ذلك سواءً أكان في بلدٍ عربيٍ أو إسلاميٍ أو صديق حتى جاء في إحدى المقالات الصحفية ما نصه : " بات دور المملكة في دعم التبرعات الإنسانية « متقدمًا جدًا » ، من دون النظر للعرْق أو الدين أو اللون بحسب مجال التوثيق مع الأمم المتحدة ؛ إذ بلغت مساعدات المملكة في الـ ( 30 ) عامًا الماضية ، على مستوى العالم ، أكثر من ( 90 ) بليون دولار استفادت منها أكثر من ( 87 ) دولة في العالم ، بحسب إحصاءات رسمية صادرة من جهات رسمية في المملكة " .
وفيما يلي لن أتحدث عن حصيلة تلك التبرعات ، ولا عن كيفية عملها وأماكن جمعها ، أو نحو ذلك مما جرت عليه العادة في بعض الوسائل الإعلامية التي تُعنى بهذا الشأن على سبيل الخبر الإعلامي ؛ لكنني سأُشير في عُجالةٍ إلى جانبٍ آخر لهذه الحملات ، وهو الجانب الذي يتمثل في الإجابة عن تساؤلٍ رئيسٍ يقول :
ما الأسباب التي تجعل حملات التبرع في بلادنا ناجحةً ومُتميزة عن غيرها ؟
وهنا أقول : لا شك ولا ريب أن مرد ذلك النجاح يرجع في المقام الأول إلى توفيق الله سبحانه وتعالى وإرادته وكريم تقديره ؛ فهو الذي بيده التوفيق وإليه يُرجع الأمر كله ، إلاّ أن هناك عددًا من الأسباب الأُخرى التي يُمكن أن تُسهم بصورةٍ مُباشرةٍ أو غير مباشرة في ذلك النجاح ، والتي يأتي من أبرزها ما يلي :
= افتتاح خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وغيرهما من كبار المسؤولين في حكومتنا الرشيدة للتبرع في مثل هذه الحملات ، وفي ذلك حثٌ ودعمٌ وتشجيعُ لبقية أبناء المجتمع ، كما أن فيه دلالةً على اهتمام القيادة وعنايتها بهذا الشأن ، وضربٌ لأروع الأمثلة في البذل والعطاء والإحسان .
= الحرص على تغطية هذه الحملات إعلاميًا من خلال توظيف طاقات مختلف القنوات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية سواءً أكانت مرئيةً أم مسموعةً أم مقروءة لمتابعة هذا الحدث خطوةً بخطوة .
= تخصيص حسابٍ بنكيٍ موحدٍ على مستوى البلاد لاستقبال التبرعات في أي مكانٍ من مناطق ومدن وقرى بلادنا الغالية ؛ الأمر الذي يُسهم كثيرًا في تسهيل وتيسير عملية التبرع للراغبين من المواطنين والمقيمين .
= فتح الباب أمام شركات الاتصالات العاملة في الداخل للمشاركة الفاعلة والإيجابية في هذه الحملات من خلال ما تُقدمه مختلف الشركات العاملة في هذا المجال من إمكاناتٍ هائلةٍ وتسهيلاتٍ متنوعة .
= تخصيص بعض المرافق والإدارات الحكومية والمنشآت الرسمية والملاعب والساحات العامة وما في حُكمها لتكون مقارًا لاستقبال التبرعات المالية والعينية في مختلف المدن والمحافظات على امتداد رقعة الوطن .
= الإقبال الكبير الذي تشهده هذه الحملات من المتبرعين الذين يتوافدون من مختلف الأعمار والفئات زُرافاتٍ ووحدانًا لتقديم ما تجود به أنفسهم الطيبة المفطورة على حب الخير ، والرغبة الصادقة في البذل والإحسان ، ومد يد العون والمساعدة للآخرين انطلاقًا من إيمانهم الراسخ بقوله تعالى : { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ } ( سورة البقرة : 273 ) .
= إتاحة الفرصة للكثير من العُلماء والدعاة والمسؤولين والمعنيين وغيرهم من أصحاب القدرة على التأثير في الناس للمُشاركة في هذه الحملات من خلال الدعوة إليها ، والتذكير بفضلها ، والحث على اغتنامها ، والإفادة منها في تحقيق معنى التنافس الشريف في أعمال الخير والمسارعة إلى كسب رضوان الله تعالى .
= تمديد فترة قبول التبرعات لهذه الحملات وزيادة الوقت المخصص لجمعها طمعًا في إتاحة الفرصة لأكبر عددٍ ممكنٍ من أبناء المجتمع حتى يُسهموا بما يُمكنهم الإسهام به وبخاصةٍ عندما تتوافر الرغبة ويُلاحظ الإقبال على هذه الحملات .
كل هذه العوامل والأسباب وغيرها تشترك جميعًا في تحقيق النجاح المتميز الذي يجعل المملكة العربية السعودية - بفضل الله تعالى - رائدةً في مجال العمل الإغاثي ، وناجحةً في تنظيم حملات التبرعات الخيرية الرسمية التي تتجاوب من خلالها ( حكومةً وشعبًا ) تجاوبًا فعليًا وإيجابيًا مع قضايا الشعوب الأُخرى من منظورٍ دينيٍ وإنسانيٍ يستحق منا أن نُشيد به وأن نُسجله للتاريخ ، والله نسأل أن يُديم علينا نعمة الإسلام والسلام ، والأمن والأيمان ، وأن يوفقنا لحمد نعمه الكثيرة وشكرها قولاً وعملاً ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد