صلاح الدين وتحرير المسجد الأقصى

منذ 2014-12-20

"كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبيين؟!"

السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.. ذلك المثل الذي يُقتدى في تاريخ الجهاد الإسلامي، بعد الصحابة والتابعين، وسوف يبقى المثل والقدوة فيما يأتي من الأزمنة.

وقد اتفقت الأمة على مر عصورها بعده على حبه وعاشت سيرته حية في القلوب رطبة على الألسنة.. كيف لا وقد استولى الجهاد على قلبه وغلبه على نفسه وهوَّن عليه الشدائد. لقد قضى سنوات عمره في الخيام أو على صهوات الخيل مُقاتلًا للأعداء. وكان لا يُرى إلا مُهتمًا مُغتمًا، تعلوه كآبة الأسى والحزن.. بل كان عزوفًا عن الطعام، ولا يتناول من الغذاء إلا الشيء اليسير، ولما سُئِل عن سبب ذلك أجاب: "كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبيين؟!".

قال صاحبه القاضي بهاء الدين بن شداد: "كان رحمه الله عنده من القدس أمر عظيم لا تحمله الجبال".

وقال: "وهو كالوالدة الثكلى، يجول بفرسه من طلبٍ إلى طلب، ويحث الناس على الجهاد، ويطوف بين الطلاب بنفسه ويُنادي: يا للإسلام، وعيناه تذرفان بالدموع".

وقال: "لقد هجر في محبة الجهاد في سبيل الله أهله وأولاده ووطنه وسائر بلاده، وقنع من الدنيا بالسكون في ظل خيمة تهب بها الرياح ميمنة وميسرة".

تحرير بيت المقدس:

سار الجيش الإسلامي بقيادة صلاح الدين إلى بيت المقدس في الخامس عشر من رجب سنة 583هـ فوجد البلد قد حُصنت غاية التحصن، فأقام خمسة أيام وسلَّم إلى كل طائفة ناحية من السور وأبراجه، وقاتل الفرنج قتالًا هائلًا وبذل المسلمون أنفسهم وأموالهم في نصرة دينهم، واستشهد في الحصار بعض أمراء المسلمين، واجتهد المسلمون في القتال، وبادر صلاح الدين إلى الزاوية الشرقية الشمالية من السور فنقبها وسقط ذلك الجانب، فطلبوا الأمان والصلح، فأجابهم صلاح الدين إلى ذلك على أن يبذل كل رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير وعن المرأة خمسة وعن كل صغير دينارين وأن يتحولوا من بيت المقدس إلى صور.

ودخل صلاح الدين القدس يوم الجمعة ونظف المسجد الأقصى مما كان فيه من الصلبان والرهبان والخنازير، ونودي بالأذان، وقُرئ القرآن، وكانت أول صلاة جمعة أقيمت بعد زمن طويل عمَّت فيه ظلمات الشرك على هذه البقعة المُقدسة.

فهذا صلاح الدين رحمه الله رحمة واسعة.. وتلك همته في تحرير بيت المقدس والمسجد الأقصى، فهل للأمة أن تحمل هم تحرير مقدساتها كما حمل همه صلاح الدين؟!


(من كتاب: المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ)

  • 5
  • 0
  • 11,210

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً