التربية المائية واجب ومسئولية
ومن هنا برزت أهمية التربية والتثقيف بقضايا ومشكلات المياه وتفاعلات الإنسان معها، فذلك هو المدخل السليم لترشيد سلوك الإنسان وتبصيره بالتوابع البيئية لأعماله وقراراته وأدق تعاملاته مع الموارد المائية، حتى يستعيد الإنسان الانسجام بين حياته ومتطلباتها وبين الاتزان السليم في نظام البيئة المائية التي يعيش معتمداً عليها في جميع نشاطاته، وهذا ما يوكل إلى التربية المائية.
هناك من الدلائل ما يفيد سوء استغلال الإنسان لبيئته المائية متمثلاً ذلك في استنزاف الموارد المائية العذبة وتلويث مجاريها ومسطحاتها، وبالرغم من الأهمية القاطعة للمياه التي تفرض على الإنسان مسئولية الحفاظ عليها؛ لأنها جزء من الحفاظ على حياته وحياة الكائنات الحية المسخرة له، فلا بقاء لهذه الكائنات بدون الماء، كما أنه لا بقاء للبيئة كلها في ظل عدم توفر الماء العذب الصالح للاستخدام. ومشكلات نقص وتلوث المياه ليست مشكلات فنيه خالصة، بل لابد من مشاركة جميع أفراد المجتمع في علاج هذه المشكلة، وذلك عن طريق تربيتهم تربية مائية تركز على إنماء الوعي المائي وتنمية المهارات والاتجاهات والسلوكيات السليمة لدى المواطنين، انطلاقاً من إمكانية إعداد الفرد المتفهم لموارده المائية، والمدرك لظروفها، والواعي بما يواجهها من مشكلات وما يتهددها من أخطار، والقادر على المساهمة الايجابية في التغلب على هذه المشكلات والحد من تلك الأخطار؛ عن طريق برامج التربية المائية.
ومن هنا برزت أهمية التربية والتثقيف بقضايا ومشكلات المياه وتفاعلات الإنسان معها، فذلك هو المدخل السليم لترشيد سلوك الإنسان وتبصيره بالتوابع البيئية لأعماله وقراراته وأدق تعاملاته مع الموارد المائية، حتى يستعيد الإنسان الانسجام بين حياته ومتطلباتها وبين الاتزان السليم في نظام البيئة المائية التي يعيش معتمداً عليها في جميع نشاطاته، وهذا ما يوكل إلى التربية المائية.
ويمكن تناول التربية المائية من حيث مفهومها وأهدافها وعلاقتها بمناهج الدراسات الاجتماعية، وأهمية تضمينها في مناهج الدراسات الاجتماعية، في النقاط التالية:
مفهوم التربية المائية:
يعرّف" أندروز"(Andrews، 1992) التربية المائية بأنها: "الخبرات المتكاملة المستمدة من المعرفة العملية المتصلة بالموارد المائية، والتي يتم تقديمها للمتعلمين، بهدف اكتسابهم سلوكيات إيجابية تساعدهم في حماية البيئة المائية وترشيد استهلاك المياه واستغلالها بشكل أفضل".
ويركز هذا التعريف على ضرورة مرور التلميذ بالخبرات المباشرة وغير المباشرة التي تكسبه القدرة على التعامل الحكيم مع المياه.
وتعرّفها "منى عبد الصبور ونادية سمعان"(1999) بأنها: "ذلك الجهد التربوي الذي يبذل لتنمية المفاهيم والمهارات والاتجاهات والقيم والسلوكيات المرتبطة بالمياه وأهم القضايا المائية من حيث وضعها الحالي والمستقبلي، وأسباب مشكلاتها وعلاقتها بما يعانيه المجتمع من مشكلات".
كما يعرّفها "إبراهيم وحش"(2000) بأنها: "ذلك الجهد التربوي المنظم المبذول لتنمية المفاهيم والمهارات والسلوكيات والاتجاهات والقيم المرتبطة بالمياه وقضاياها، وذلك لاتخاذ القرارات الواعية المتصلة بنوعية القضايا والمشكلات المائية القائمة، والعمل على منع ظهور مشكلات مائية جديدة".
ومن تحليل هذه التعريفات يمكن القول أنها تتفق فيما يلي:
- التربية المائية جهد تربوي مخلص ومنظم وموجه نحو أفراد المجتمع.
- التربية المائية تركز جهدها على البيئة المائية من حيث مواردها ومشكلاتها وقضاياها.
- تعمل التربية المائية على تنمية الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية المؤثرة في سلوكيات أفراد المجتمع والمتصلة بالتعامل الحكيم مع المياه.
- أن غاية التربية المائية هي المساعدة في حل مشكلات المياه واستثمار مواردها واستغلالها الاستغلال الأمثل، من خلال تنمية الوعي المائي ومهارات التعامل الجيد مع الموارد المائية.
وفى ضوء ذلك يعرف "وليد محمد خليفة"(2006) التربية المائية بأنها: جهد تربوي منظم يسعى إلى اكتساب التلاميذ المفاهيم المائية والوعي المائي والقيم والمهارات التي تنظم سلوكهم، وتمكنهم من التفاعل مع البيئة المائية، بما يسهم في حمايتها وحل مشكلاتها واستغلال مواردها بأفضل شكل ممكن.
أهداف التربية المائية:
اهتم العديد من التربويين بتحديد الأهداف العامة التي تسعى التربية المائية إلى تحقيقها، سواء كان المستهدف هو التلميذ أو المعلم أو أفراد المجتمع أو المجتمع بأكمله، فيرى "وليد خليفة" أن برامج التربية المائية تسعى إلى تنمية الحقائق والمفاهيم والتعميمات لدى أفراد المجتمع، والمرتبط بالمجالات الآتية: علم الماء، النظم البيئية المرتبطة بالمياه، كمية ونوعية المياه في العالم، والأساليب الآمنة في استخدامات المياه، تقييم الإسراف والترشيد في استهلاك المياه، مصادر تلوث وتلويث المياه، إدارة المياه، التعامل الحكيم مع المياه.
ويمكن تلخيص أهداف التربية المائية في الأهداف التالية:
1) أهداف متصلة بتنمية الجانب المعرفي لدى التلاميذ:
نظراً لأهمية الموارد المائية سواء كانت عذبة أم مالحة وما تواجهه من مشكلات وقضايا تهم كافة أفراد المجتمع وقطاعاته، لاسيما التلاميذ في مراحل التعليم المختلفة، تلك الفئة التي ينبغي تنمية معارفها ومفاهيمها المتصلة بالموارد المائية بشكل يجعلهم قادرين على التفاعل الايجابي مع بيئتهم المائية بوصفهم مطالبين في المستقبل باتخاذ القرارات التي تؤثر فيها تأثيراً إيجابياً، وتتصدى للمشكلات التي تتعرض لها. وفي ضوء ذلك يمكن القول أن التربية المائية تهدف إلى:
- اكتساب التلاميذ المعلومات والحقائق والمفاهيم والتعميمات المتصلة بالموارد المائية، وكذلك العلاقات التي تربطها بالموارد البيئية الأخرى.
- توضيح أهمية الموارد المائية لجميع الكائنات الحية.
- التعرف على مقومات الثروات المائية، البحرية والنهرية وأساليب تنميتها.
- التعرف على أساليب ترشيد استهلاك الموارد المائية العذبة والحفاظ عليها من الهدر والنضوب، وكذلك المشكلات التي قد تواجه المجتمع نتيجة هذا الاستنزاف.
- التعرف على أساليب حماية الموارد المائية من التلوث.
- استنتاج المخاطر والمشكلات التي تصيب المجتمع نتيجة هذا التلوث.
- اكتساب التلاميذ القدرة على اقتراح حلول للمشكلات الكمية والنوعية التي تصيب الموارد المائية في بيئتهم.
- اكتساب التلاميذ القدرة على تحليل مقومات التوازن الطبيعي في البيئة المائية والعوامل التي تخل بهذا التوازن.
- اكتساب القدرة على تقويم القرارات التي يتخذها صناع القرار بخصوص الموارد المائية ومشكلاتها.
ويمكن تحقيق هذه الجوانب عن طريق تنمية المفاهيم المائية بشكل تدريجي، من خلال المناهج الدراسية التي تتخذ البيئة ميداناً لها مثل مناهج الدراسات الاجتماعية ومناهج العلوم والتربية البيئية.
2) أهداف متصلة بتنمية الجانب المهاري لدى التلاميذ:
تهدف التربية المائية إلى جانب تنمية المعارف والمفاهيم المائية إلى اكتساب التلاميذ لمهارات العمل البيئي والتعامل الحكيم مع الموارد المائية، بشكل يساعد في حمايتها وتنميتها والحفاظ عليها من عوامل الإهدار والتلوث، وفى ضوء ذلك يمكن القول أن التربية المائية تسعى إلى تنمية المهارات الآتية لدى التلاميذ:
أ - مهارات عقلية، تلك التي تتصل بتنمية الجوانب العقلية المتصلة بالموارد المائية لدى التلاميذ مثل:
- مهارات ملاحظة الظواهر والموارد المائية.
- تفسير مشكلات الموارد المائية في البيئة التي يعيش فيها.
- استقراء واستنتاج الحقائق والخروج منها بمفاهيم وتعميمات تسهم في حل المشكلات المائية.
- مهارة تصنيف المعلومات التي يجمعها عن البيئة المائية من حيث مواردها والكائنات التي تعيش فيها والكائنات التي تعتمد عليها والمشكلات التي تظهر فيها.
- مهارات اتخاذ القرارات التي تفيد البيئة المائية وتسهم في حل مشكلاتها وتنمية مواردها واستغلال ثرواتها.
- مهارات حل المشكلات التي قد تحدث في البيئة المائية.
ب - مهارات التعامل الحكيم مع الموارد المائية "عملياً":
ومنها: مهارات ترشيد استهلاك الموارد المائية، ومهارات الوقاية من الملوثات، ومهارات التنقية اليدوية للمياه، ومهارات حفظ وصيانة نظم نقل وتوزيع المياه، ومهارات مقاومة الملوثات المائية.
3) أهداف متصلة بتنمية الجانب الوجداني لدى التلاميذ:
إن تنمية الجوانب المعرفية والمهارية لا يضمن تحقق الهدف المنشود من التربية المائية وهو تنشئة مواطن صالح قادر على الاستفادة من بيئته المائية ومستغلاً لمواردها الاستغلال الأمثل، إنما يتطلب الأمر الاهتمام أيضاً بتنمية الجوانب الوجدانية لدى الأفراد، ومن ثم يمكن القول أن التربية المائية تسعى إلى:
أ - تنمية الوعي المائي لدى التلاميذ:
باعتباره أول خطوة في تنمية الاتجاهات والقيم المائية وكذلك الميول والاهتمامات نحو الموارد المائية، ومن القضايا التي تتطلب أن ينمو وعى التلاميذ بها: أنواع الموارد المائية والمشكلات الحاضرة والمستقبلية التي تواجهها وأساليب حمايتها وطرق تنمية هذه الموارد والاستفادة منها.
ب - اكتساب التلاميذ الاتجاهات المرغوب فيها نحو المياه:
وهى من الأهداف التي تسعى التربية المائية إلى تحقيقها، سواء كانت هذه الاتجاهات ايجابية أو سلبية؛ فالمهم هنا هو النتيجة التي تحققها هذه الاتجاهات.
ومن أمثلة الاتجاهات الايجابية التي تسعى التربية المائية إلى تحقيقها: الاستغلال الرشيد للموارد المائية، حماية الموارد المائية من التلوث، ومن الاتجاهات السلبية التي تسعى التربية المائية إلى تحقيقها: الاتجاه المضاد نحو تلوث الموارد المائية، الاتجاه المضاد نحو استنزاف المياه العذبة، الاتجاه المضاد نحو الإخلال بمقومات التوازن في البيئة المائية.
ج - تنمية الميول والاهتمامات نحو المياه لدى التلاميذ:
ينبغي أن تسعى التربية المائية من خلال برامجها المختلفة إلى تنمية ميول واهتمامات التلاميذ نحو دراسة الموارد المائية، والعمل الايجابي لتنمية ثرواتها واستغلالها الاستغلال الأمثل.
د - تنمية القيم المرغوب فيها لدى التلاميذ:
تعد القيم من الأهداف التي تسهم التربية المائية إلى اكتساب التلاميذ لها، لكونها توجه الفرد إلى المشاركة مع الآخرين في حماية الموارد المائية وصيانتها؛ وتنمى شعوره بالمسئولية نحو البيئة المائية التي يعيش فيها، وكذلك المسئولية نحو علاج المشكلات التي قد تنتج من الاستخدام غير الرشيد لها.
أهمية تضمين التربية المائية في مناهج الدراسات الاجتماعية:
يتأثر سلوك الفرد نحو البيئة ومواردها المتعددة بدوافعه ومعارفه ووعيه ومهاراته واتجاهاته، لذا مهما سنت القوانين التي تنظم علاقة الفرد بالمقومات البيئية؛ لا يمكن أن تؤدى إلى ضمان التصرف السليم من قبل الأفراد نحو البيئة، إذ أن الأساس في ذلك هو العامل التربوي، حيث تعمل التربية على تنمية سلوك الفرد بما يتمشى مع أهمية صيانة البيئة وعناصرها والمحافظة عليها، كما تجعل الأفراد يحترمون القوانين بوازع داخلي فيهم وبرغبة من أنفسهم، بل ومساهمتهم في تطوير هذه القوانين أيضاً إذا دعت الحاجة لذلك.
ويؤكد "الحجري والقصاص"(1997) أن المحافظة على البيئة بصفة عامة ومواردها المائية بصفة خاصة يُعد مسألة تربوية بالدرجة الأولى، نظراً لما تقوم به العملية التعليمية من دور مهم في تنمية سلوك الفرد بما يتمشى مع أهمية المياه في حياة الإنسان، وضرورة المحافظة عليها وصيانة مواردها.
وتؤكد "تلبورى ووليم" (Tilbury، & Williams، 1997) أن تضمين محتوى الجغرافيا المدرسية بالقضايا والموضوعات البيئية، يسهم في تعلم أساليب حماية البيئة وإدارة مواردها، وترشيد استهلاك ثرواتها، واستكشاف طبيعتها، والوقوف على أسباب مشكلاتها، والتأثيرات المحتملة لهذه المشكلات على المجتمع المحلى والعالمي.
ويرى "جيلت" Gelt، 2003) (ضرورة تقديم برامج التربية المائية من خلال وسائط التربية النظامية والوسائط غير النظامية، فهي مهمة ليس فقط للتلاميذ ولكن لكل شرائح المجتمع، فلم تعد التربية المائية متطلباً من متطلبات التربية المستقبلية فقط، ولكن أصبحت مطلباً ملحاً في الوقت الحاضر نظراً لتفاقم المشكلات المائية وتأثيرها المباشر على جميع مناشط الحياة.
ويمكن حصر العائد التربوي من تضمين أبعاد التربية المائية في المناهج الدراسية ومنها مناهج الدراسات الاجتماعية - في النقاط الآتية:
أ - تنمية أنواع متعددة من الوعي لدى التلاميذ:
عن طريق تقديم برامج التربية المائية أو تضمين أبعادها في المناهج الدراسية يمكن أن ينمو لدى التلاميذ أنواع متعددة من الوعي مثل: الوعي المائي والوقائي والأماني والجمالي...الخ.
فيمكن للتربية المائية أن تعد الإنسان الواعي المتفهم لطبيعة الموارد المائية، والقادر على استخدام العلم والتكنولوجيا للحفاظ على الموارد المائية من التلوث والإهدار، والمدرك والمتحسب للظروف الراهنة، وما يمكن أن تواجهه هذه الموارد في المستقبل من مخاطر ومشكلات، كما يمكن أن تنمى الدوافع والاستعدادات للمساهمة الايجابية في الحد من تلك المشكلات.
كما تفيد التربية المائية في زيادة "التنور المائي" عند المواطنين بقضايا المياه ومشكلاتها ومواردها، وأهمية الحفاظ عليها من الهدر والتلوث، وانعكاس ذلك على صحة الكائنات الحية.
ويعرف الباحث التنور المائي بأنه: قدرٌ من المعارف والمفاهيم والمهارات المائية والاتجاهات المرغوب فيها نحو المياه، يناله الفرد من خلال برامج التربية المائية (التي تقدم من خلال المؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية)، بحيث يتمكن من الوعي بأحوال الموارد المائية، وتفسير الظواهر المائية، واستبصار دوره نحو التعامل الحكيم مع موارد المياه وحل مشكلاتها.
ويؤكد "جيلت"Gelt، 2003) (أن التربية المائية بعد مهم من أبعاد التربية الوقائية، وكذلك التربية المستقبلية، فمشكلات المياه وقضاياها لا تقتصر على إقليم معين دون غيره، أو زمن سابق أو لاحق، ولكن تمتد أثارها إلى كل أقاليم العالم في كل الأوقات، كما يعد تدعيم الوعي الأماني المتصل باستخدامات المياه والأساليب الآمنة في التعامل معها وتقليل الحوادث المتصلة بها، إحدى النتائج التي يمكن أن تحققها برامج التربية المائية.
ويرى "إميل فهمي شنودة"(1996) أن أهمية التربية المائية تنبع من كونها:
- لها فعالية في توعية الأفراد وتشكيل اتجاهاتهم نحو قضايا المياه، بصورة تجعلهم أكثر قدرة على الاستغلال الأمثل للمياه، خاصة أن الماء أحد المكونات الأساسية للحياة، وأساس مهم من أسس التنمية الاقتصادية.
- لها تأثير مهم في مجمل القرارات والاختيارات التي يتخذها الأفراد في مستقبل حياتهم فيما يتعلق بالاستفادة من المياه والمحافظة عليها.
- تعمل على تشكيل الإنسان القادر على التعامل الحكيم مع المياه، وتنمية إحساسه بالمسئولية في الحد من الأخطار التي تواجهها حاضراً ومستقبلاً.
ب تنمية مهارات ترشيد استهلاك المياه والحفاظ عليها من عوامل التلوث الناتجة من الأنشطة البشرية:
كما تسهم التربية المائية في ترشيد استخدام المياه والمحافظة عليها من سلوكيات الإهدار، وذلك بإكساب الأفراد للسلوكيات المرغوب فيها نحو المياه().
كما تزود التربية المائية -من خلال برامجها وأنشطتها- كلاً من التلاميذ ومدرسيهم وآبائهم بالمعرفة والمهارات التي يمكن تطبيقها في اتخاذ القرارات المرتبطة بالتعامل مع الموارد المائية واستثمارها وحسن إدارتها.
ومن المتوقع أن تندلع الحروب في المستقبل القريب بسبب الصراع على الموارد المائية، نظراً لتقلص حجمها وكميتها وانخفاض جودتها بسبب التلوث، وفى ضوء ذلك يرى "روث زوزوفيسكى" (Zuzovsky، Ruth، 2000) أن تدريس القضايا المرتبطة بالمياه، وتنمية وعى التلاميذ بالقضايا والمشكلات والأزمات المائية التي تهدد حياة الأمم والشعوب وأساليب التعامل مع هذه الأزمات، يسهم في تحقيق بعض أبعاد التربية من أجل السلام العالمي، وهو هدف عام تسعى جميع وسائط التربية إلى تحقيقه.
وتضيف دراسة "برليت"Berlet، 1997)) أن برامج التربية المائية تفيد في تحسن مهارات استعمال المياه، والوقاية من الأمراض التي تصيب الفرد من المياه الملوثة.
ج الحفاظ على صحة الإنسان والكائنات الحية:
تهدف التربية بوجه عام إلى تنمية قدرات الفرد الجسمية والعقلية والاجتماعية والأخلاقية، بحيث يكون مواطناً صالحاً في المجتمع، قادراً على العطاء وتلبية حاجات المجتمع.
وفى ضوء ذلك يمكن للتربية المائية أن تحقق هدفاً مهماً تسعى كل أجهزة الدولة إلى تحقيقه وهو المحافظة على حياة المواطنين من المخاطر التي قد تواجههم بسبب تلوث الموارد المائية.
فقد أكدت دراسة "سوجيتا" (Sugita، 2004) أن هناك علاقة بين ما يتعلمه الأطفال عن المياه ومعتقداتهم السائدة والأمراض التي تصيبهم، وأوصت الدراسة بضرورة أن تقدم برامج التربية المائية للأطفال في المناطق التي تواجه مشكلات مائية كمية أو نوعية، لتوعيتهم بمخاطر استعمال الماء الملوث.
كما أسهم تضمين قضايا ومشكلات الماء في برامج التربية البيئية لسكان إقليم "الرهد" بالسودان في إدراك أفراد العينة لمفهوم تلوث الماء وأسبابه والأمراض التي تنتج منه، كما أنعكس ذلك الفهم على اتجاهات سلوك أفراد العينة نحو بعض الممارسات التي تقي وتقلل من تلك الأضرار.
د تهيئة الفرص للتلاميذ لتطبيق ما تعلموه في بيئتهم المحلية:
فلا تكتفي برامج التربية المائية بتنمية المفاهيم المائية لدى التلاميذ، بل تسعى إلى تنمية مهارات التعامل الحكيم مع الموارد المائية، بشكل يسمح للمتعلم بتطبيق ما تعلمه داخل المدرسة في البيئة المحيطة أثناء ممارساته اليومية مع الموارد المائية، ويجب على المعلم باعتباره حجر الزاوية في العملية التعليمية أن يشجع تلاميذه على تطبيق ما تعلموه من معارف أو مهارات متعلقة بالمياه، سواء كان هذا التطبيق داخل المدرسة أو خارجها؛ فقد أكدت دراسة "ستيفنسون"(Stevenson، 1997) أن البرامج التربوية المتصلة بالقضايا البيئية تفيد في تنمية عادات دائمة للمراعاة البيئية، وذلك من خلال الدراسة المعمقة للقضايا البيئية.
هـ- تهيئة الفرص للتلاميذ لتطبيق مفاهيم المواطنة البيئية:
في الوقت الذي تتعالى فيه التنبيهات بمخاطر الفجوة المائية والفقر المائي وانخفاض نصيب المواطن من المياه، تتكرر العديد من السلوكيات السلبية المتعلقة بالاستخدامات غير الرشيدة للموارد المائية، وقد تتعارض هذه السلوكيات مع حقوق المواطنين في العيش بأمن وسلام، مما يحتم على الدولة سن القوانين التي تحمى الحقوق وتلزم المخالفين باحترام البيئة ومواردها المائية، وبالرغم من أن هذه القوانين والتشريعات لا يُبخس دورها في صيانة البيئة المائية وحمايتها، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها وحدها لتحقيق الغرض المرجو منها، إنما الاعتماد الحقيقي يتمثل في وعى المواطنين بحقوقهم ومسئولياتهم المتعلقة بالبيئة المائية، وانتمائهم لهذه البيئة واحترامهم للقوانين المنظمة للتعامل معها، والشعور بمشاكلها والإسهام الايجابي في حلها، وهو ما يعرف بالمواطنة.
وقد عرّف "اللقاني والجمل"(1999) التربية من أجل المواطنة بأنها "عملية غرس مجموعة من القيم والمبادئ والمثل لدى التلاميذ لتساعدهم في أن يكونوا صالحين وقادرين على المشاركة الفعالة والنشطة فى كافة قضايا الوطن ومشكلاته".
وتؤكد دراسة " جيم"(Jem، 1998) أن التربية البيئية بوجه عام والتربية المائية بوجه خاص يمكن أن تنمى لدى التلاميذ مفاهيم المواطنة البيئية والتعامل الجيد مع موارد المياه ومصادرها، واحترام حقوق الآخرين في التمتع بالمناظر الطبيعية التي تتضمنها البيئة المائية سواء النهرية أو البحرية.
ويتضح من العرض السابق أهمية تضمين التربية المائية في مناهج الدراسات الاجتماعية مما يساعد في:
- تنميه وعى المواطنين بأوضاع الموارد المائية الحالية والمستقبلية، والمشكلات التي قد تواجه هذه الموارد وما يصحبها من تداعيات.
- تنمية أنواع متعددة من الوعي لدى المواطنين مثل: الوعي الوقائي والاقتصادي والجمالي والصحي والأماني.
- تشكيل الاتجاهات المرغوبة نحو المياه وتعديلها بما يعمل المحافظة عليها وحسن إدارتها.
- تعديل الاتجاهات الغير مرغوبة نحو المياه بما يساعد في التعامل الحكيم مع المياه والاستغلال الأمثل لمواردها.
- تدعيم اتخاذ القرارات البيئية مما يؤثر إيجابياً على مصادر المياه من حيث كميتها ونوعيتها.
- تنمية المسئولية الوطنية تجاه المياه باعتبارها مصدراً أساسيا ومرتكزاً هاماً لحياة الوطن وتقدمه.
- تنمية السلوكيات المرغوبة في ترشيد استهلاك المياه والمحافظة عليها وعلاج مشكلاتها.
- تنمية مهارات إدارة موارد المياه وصيانتها والتعامل الحكيم معها.
- التصنيف:
- المصدر: