الصراع
محمد قطب إبراهيم
إنما يستجيب في المراحل الأولى من الصراع، الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر. الذين يحسبون الكسب والخسارة بالميزان الرباني، لا بالميزان الأرضي الذي تزن به الجاهلية، ولا تعرف ميزانا سواه : {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [الحديد : 25].
- التصنيفات: الدعوة إلى الله -
إن الصراع بين الحق والباطل لا بد أن يقع - سنة من سنن الله - منذ اللحظة التي يوجد فيها للحق رجال يؤمنون به ويعملون على نشره وتمكينه في الأرض. فالجاهلية لا يمكن - بحال من الأحوال - أن تصير على دعوة الحق، ولا أن تهادنها، ولو لم تتعرض لها الدعوة على الإطلاق : {وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين . قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا} [الأعراف : 87-88].
هكذا! لا مهادنة، ولا صبر حتى يحكم الله بما يشاء! وإنما عدوان وإخراج، ومطاردة وإيذاء! فمن الذي يستجيب للدعوة في المراحل الأولى من ذلك الصراع الذي يدور بين الحق والباطل؟ أيستجيب الذين يبحثون عن المصالح الدنيوية، ويحسبون حساب الأرباح والخسائر بمقياس تلك المصالح؟ أيستجيب الذين يناقدون بطبيعة تركيبهم النفسي للأمر الواقع، ولو عرفوا ما فيه من السوء، ولا يتجهون إلى الأمر الذي يجب أن يقع، ولو عرفوا أنه خير من واقعهم الذي يعيشون فيه، لأنه يحتاج في تحقيقه إلى جهد، وهم لا يحبون بذل الجهد . ويعرضهم للأخطار، وهم لا يحبون أن يتعرضوا للأخطار؟!
إنما يستجيب في المراحل الأولى من الصراع، الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر. الذين يحسبون الكسب والخسارة بالميزان الرباني، لا بالميزان الأرضي الذي تزن به الجاهلية، ولا تعرف ميزانا سواه : {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [الحديد : 25].