إشاعة الفاحشة
حب إشاعة الفاحشة خلق بشع، وهو أبعد ما يكون عن الفطرة السوية التي تنسجم دائماً مع كل ماهو حسنٌ جميل. لكن كيف يكون حب إشاعة الفاحشة؟!
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَم وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور:19] حب إشاعة الفاحشة خلق بشع، وهو أبعد ما يكون عن الفطرة السوية التي تنسجم دائما مع كل ماهو حسنٌ جميل.
لكن كيف يكون حب إشاعة الفاحشة؟! إما أن يكون بالرغبة والتمني أن تنتشر الفواحش في المجتمع المسلم، والقيام بشكل فعلي في الإسهام في نشر الفاحشة من خلال الترويج للإباحية والخلاعة، وهدم القيم الإسلامية المتأصلة في كل الشرائع السماوية. وما أكثر قنوات الاتصال التي تتبنى هذا الأمرعبر وسائل الإعلام المختلفة؛ سواء بالفكرة وحسب؛ أم بالفكرة والصورة معاً؛ أومن خلال ما هو أكثر من ذلك.
ويمكن أن يكون حب إشاعة الفاحشة كذلك من خلال استخدام أسلوب الترويج للفضائح سواء كان ذلك عن طريق تتبع عورات الناس، وخاصة الشخصيات التي تحتل مكانة في النفوس، ويكون الهدف في هذه الحالة هو زعزعة القيم أكثر منها هز صورة شخص بعينه؛ وإنما المراد هو نشر الفساد عن طريق اقتداء العامة بتلك الشخصيات سواء كانت تلك الفضائح حقيقية أم مجرد اختلاق لأن الهدف الحقيقي في النهاية هو زلزلة الصرح الأخلاقي في المجتمع المسلم.
وإذا كان السياق الذي وردت فيه الآية الكريمة يشير إلى فاحشة الزنا تحديداً؛ فإن الفكرة ذاتها يمكن أن تنسحب على سائر الذنوب وخاصة الكبائر بما فيها الذنب الأعظم وهو الكفر- والعياذ بالله- فاستضافة شخص يُدعَى علمه عبر أي وسيلة إعلامية ليتحدث عن أفكاره الإلحادية أو المصادمة للثوابت أو للشريعة هو إشاعة لأفحش الفواحش؛ ومثلها محاولة الدعاية لأي إصدار يتضمن مثل هذه الأفكار المناهضة للدين حتي ولو بأسلوب خبيث مستتر.
ثم تختلف إشاعة الفاحشة بعد ذلك كماً وكيفاً..
فمحاولة وصم أي شخص بعينه بفعل مذموم؛ ثم إشاعة هذا الأمر حتى في نطاق أضيق الدوائر؛ يُعَدّ نوعاً من إشاعة الفاحشة، وكلما كان الظن به حسن؛ كان الذنب أكبر..
فلا زلت أذكر موقفا حكاه أحدهم عن أحد علماء الدين؛ كيف أنه احتال على الموظفين في المطار ليتهرب من الجمرك المفروض على سلعة كانت بحيازته. ولم تلق القصة صدى عندي لأنها كانت مرفوضة منطقياً. فالأمر لا يشكل بالنسبة له العبء المادي الذي يجعله يفرط في مكانة الدين والعلماء بهذه البساطة من ناحية؛ هذا بخلاف ما يجدونه هؤلاء العلماء من تقدير أينما حلوا من ناحية اخرى.
فإذا ما قام هذا العالم أو سواه ليتحدث عن وجوب احترام القوانين التي تنظم حياة الأفراد وتحفظ حقوقهم؛ فلن يكون إلا التهكم والسخرية.
والمتوقع أن الحكم ينسحب على كل أحد مادامت له حرمة في الإسلام؛ فمجرد نسب خلق الكذب أو النفاق أو الرياء إلى شخص ما دونما حاجة إلى ذلك؛ فالأمر لا يتوقف عند كونه غيبة فحسب- وإن كانت من الكبائركذلك – وإنما يتعداه لنشر الرذائل بخلاف الظن الشائع بأن الأمر هين ولايتجاوز التلفظ ببضع كلمات وينسى قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ} [النور:15]
كما ورد في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم: « » الراوي: أبو هريرة (صحيح البخاري؛ رقم: [6478]).
فالكلمة قد خرجت على أنها طعناً في نزاهة شخص، أو سمعة أسرة؛ فإنما هي في الواقع تهديد للمنظومة الأخلاقية كلها في المجتمع بأسره. وإن كان هذا لا يعني الاستهانة بالضررالحادث للواقع عليه القيل والقال..
فالستر على المسلم من أوجب الحقوق؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لراوي: أبو هريرة (صحيح مسلم؛ رقم:2699).
» اأما النموذج الأكثر سوءاً -بعد المُجَاهِر بالكفر- في إشاعة الفاحشة هو المجاهر بالمعصية؛ لذا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «اوي: أبو هريرة (صحيح البخاري؛ رقم:6069).
» الرفعلى المسلم أن يحتاط لنفسه؛ فلا يقول إلا خيراً، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الراوي: أبو هريرة (صحيح البخاري؛ رقم: [6475]).
»- التصنيف:
- المصدر: