الحيل الدفاعية اللا شعورية
إن الإنسان له نفس أمارة بالسوء، ونوازعها خفية وظاهرة في نفس الوقت، والعاقل من أخذ بلبه في طاعة الله، وجرد نفسه من هواها، بعيداً عن حظ النفس..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
كتب على الإنسان أن يحب ويتمنى، ويشتهي، ويسعى في تحقيق مصالحه الخاصة، غير أنه قد تبرز في نفسه دوافع حرصٍ على حصول بعضٍ من المدح والثناء، أو ما فيه عائد على نفسه وربح، وهذا لا شيء فيه، إلا أن يغلب على النفس هواها، ويسيطر عليها حبها لذاتها، الحب الذي يجعل حاجتها ورغبتها أعظم وأهم مما سواها..
إن النفس في هذه الحال قد تحب لنفسها شيئاً من الثناء الجميل، والذكر الحسن، فتقوم بتزيين ظاهرها، ومظاهرها، وصفاتها ومعاملتها، وتقدم على ما تهواه، فتختار الملبس الحسن والمظهر الحسن، والمركوب الحسن، وقد تؤدي هذه الأمور إلى التباهي والتفاخر، والشعور بالتميز على الأخرين، ولا يكون الأمر مذمومًا إلا إذا صاحبه شيء من الرياء والعجب والغرور..
إن الإنسان له نفس أمارة بالسوء، ونوازعها خفية وظاهرة في نفس الوقت، والعاقل من أخذ بلبه في طاعة الله، وجرد نفسه من هواها، بعيداً عن حظ النفس..
أحيانًا بعض الطيبين يصدر منه تصرفات لا يلقى لها بالاً، ولكنها قد تحزن الأخرين -وهو يفعل ذلك بحسن نية-.
ولكن في التحليل النفسي لا تمر مرور الكرام، بل لها أحوال ودلالات، أبسطها أن هذا الشخص استخدم أحد الحيل الدفاعية الكامنة في نفسه، والتي تعوض نقصًا أو تنهي صراعًا داخل النفس، بطريقة تجعله يشعر بالراحة بعد هذا السلوك، وهذا ما يسمونه بحظ النفس..
من هذه السلوكيات النقد الساخر للأخرين، أو النصيحة بصوت عالٍ أمام جمع من الناس..
أو أن يطلب الشخص من جمع أن يأتوه لمكانه، أو ان يتباهى الشخص بما لديه من.. أو.. أو..
والحيل الدفاعية اللا شعورية هي عبارة عن عملية عقلية هدفها خفض القلق.
وتشترك جميعها في خاصيتين: (أنها تعمل بطريقة لا شعورية، أنها تنكر الواقع وتشوهه وتزيفه).
وتتلخص أسباب استخدام الفرد لهذه الحيل الدفاعية (اللا شعورية) في تجنب الفرد حالات القلق في مواقف الحياة، وما يصاحبها من شعور بالإثم، والتقليل من الصراعات في داخله، وأيضًا لحماية ذاته من التهديد، وقد يلجأ لها لعدم قدرته على إرضاء دوافعه بطريقة سوية واقعية، لأسباب كثيرة، كأن تكون المشكلة فوق احتماله أو تكون نتيجة دوافع لا شعورية لا يعرف مصدرها, أو تكون ناتجة عن ضعف أو قصور في تكوينه النفسي.
- تصنيف الحيل الدفاعية..
حيل خداعية: كـ(الكبت، التبرير، الإسقاط، التكوين العكسي، العزل).
حيل هروبية: كـ(أحلام اليقظة، النكوص).
حيل استبدالية: كـ(التعويض، التحويل، التوحد).
وتوجد أنواع كثيرة جدًا من الحيل الدفاعية..
(الكبت، الإزاحة، النكوص، التبرير، التسامي والإعلاء، الإسقاط، التكوين العكسي، التثبيت، التوحد (التقمص)، النقل، التحويل، التعويض، الإنكار، التخيل، الإبدال، السلبية، الانسحاب، العدوان، التعميم، الرمزية، المثالية).
نسأل الله العظيم أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يسدد خطانا، ويجعلنا من عباده المخلصين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
سالم رمضان
- التصنيف: