جرب (الحل الرابع) لعلاج مشكلتك الأسرية
جاسم بن محمد المطوع
فالناس دائما تفكر عندما تواجه مشكلة إما أبيض أو أسود أو رمادي، وقليل من الناس من يفكر (بالحل الرابع) وهي التي سماها ستيفن كوفي في كتابه البديل الثالث بـ(البديل الثالث ).
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
امرأة ورثت من والدها بعد وفاته مليون دينار كويتي أي بما يعادل (13 مليون دولار)، وقالت لي بأنها تخشى أن يستولي زوجها على نصيبها من الميراث لأنها هي طيبة وممكن أن توافق علي طلبه لو استمر بإقناعها، لأنها حريصة على استقرار عائلتها وقد تزوجت منذ خمسة عشر عامًا ولديها ثلاثة أبناء، وقد سبق أن مارس بعض الضغوطات عليها وأخذ منها مالها، قلت: أليس هناك حلول أخرى غير الطلاق؟ قالت: فكرت كثيرًا ولكن أمامي اتجاهين: إما الاستمرار معه ولكني سأخسر مالي في هذه الحالة، لأني مهما قاومت فإني طيبة وسأرضى في النهاية بتسليمه المال، أو الاتجاه الثاني وهو الابتعاد عنه بالطلاق حتى لا يتحكم بي وأضمن المحافظة علي مالي، قلت: ولماذا لا تفكرين بحل آخر؟ قالت: هل تقصد أن استمر بزواجي وأعطيه نصف ميراثي؟ قلت: لا، هذا يسمي الحل الوسط، وإنما أنا أتحدث عن حل يحقق لك ما تريدين، ويحقق له ما يريد وكلاكما راضيان، قالت: وكيف يكون ذلك؟
قلت لها: هذا التكنيك نسميه (الحل الرابع) ومن تطبيقاته أنك تشترين عقارا بالمليون دينار وتسجلين هذا العقار باسمك فتضمنين عدم ضعفك أمام طلب زوجك بأخذ مالك ونصيبك من الميراث، ويمكنك أن تعطينه العائد الشهري من العقار، فتكوني بهذه الحالة حافظت على ميراثك وحافظت على أسرتك وأعطيت زوجك مبلغ من المال يتصرف فيه، فوقفت فجأة أمامي تريد أن تخرج فقلت لها: ما بك؟ قالت: سأذهب سريعًا الآن إلى المكاتب العقارية لأنفذ فكرتك (الحل الرابع)، إنها فكرة ذكية وعملية وسهلة وتحقق ما أريد، وبعد مرور سنة على هذه الحادثة أخبرتني بأنها مستقرة مع زوجها وقد حاول أن يأخذ ميراثها كاملا ولكنه تفاجأ بأنها اشترت عقارًا وسجلته باسمها وما زال يحاول بها أن تتنازل عن العقار لصالحه، ولكنها احتفظت بوثيقة العقار عند عمها فتوقف عن طلبه لأنه يخاف من عمها، فقلت لها: صرت لوحدك تفكرين بطريقة ذكية وبتكنيك (الحل الرابع).
فالحل الأول أنها تسلم المبلغ لزوجها وهو ما نطلق عليه مسمى (الأبيض)، والحل الثاني أنها تطلب الطلاق وهو (الأسود)، والحل الثالث وهو أن تسلم نصف المبلغ لزوجها وهو ما نسميه (الرمادي) لا أبيض ولا أسود، ولكن الحل الرابع أنها تحتفظ بأصل المبلغ وتحتفظ بزواجها وتعطي زوجها من العائد، وهذا تكنيك ذكي في علاج المشاكل سواء كانت المشكلة زوجية أو تربوية، فالناس دائما تفكر عندما تواجه مشكلة إما أبيض أو أسود أو رمادي، وقليل من الناس من يفكر (بالحل الرابع) وهي التي سماها ستيفن كوفي في كتابه البديل الثالث بـ(البديل الثالث).
وقصة أخري ذكرها رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم يعلمنا فيها منهجية جديدة في حل المشاكل تختلف عن منهج (يا أبيض يا أسود أو الرمادي وهو الحل الوسط) في قصة (جرة الذهب) فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البخاري:3472)، فالحل الأول أن يأخذ جرة الذهب المشتري، والحل الثاني أن يأخذها البائع، والحل الوسط وهو المنطقة الرمادية أن تقسم الجرة بينهما، ولكن (الحل الرابع) هو في الغالب حل مبدع وذكي ويكون كلا الطرفين راضين من غير خسائر، وهي الفكرة التي قدمها الرجل الحكيم بأن جعل الجرة مهر للزواج بين أبناء المختلفين وما زاد منها يتم التصدق فيه.
» (وتطبيق ثالث علي هذا التكنيك طبقته على خلاف حصل بين زوجين بسبب شهرة حساب الزوجة على الشبكات الاجتماعية واستثمارها لهذا الحساب بأن تنشر فيه إعلانات تجارية، وصار لها دخلا إضافيًا يفوق الدخل الذي تستلمه من راتبها، وكان زوجها معترض علىٍ نشاطها هذا لعدة أسباب، منها كثرة انشغالها بالحساب لدرجة تقصيرها في أعمال المنزل وتربية الأبناء، بالإضافة إلى كثرة الرجال الذين يتواصلون معها ونشر صورها في بعض الإعلانات، وهي متمسكة بنشاطها هذا وتريده أن يقبل به وهو الحل الأول، أما هو فيريد إيقاف هذا النشاط وإغلاق الحساب حتى تركز جهدها في بيتها ومع أبنائها وهو الحل الثاني، ولو اقترحنا عليهما أن يدير زوجها حسابها وهي لا تستخدم صورها الشخصية في الترويج فهذا هو الحل الوسط، ولكن ما اقترحته عليهم وهو أن تستمر الزوجة شهرين أو ثلاثة أشهر لكسب المال بحسابها ثم تغلق الحساب وتأخذ المبلغ الذي جمعته للبدء في مشروع تجاري تحبه، وقد وافق كلا الطرفين على المقترح من غير أن يتم الطلاق بينهما، فالحل الرابع قد يكون غريبًا أو بعيدًا عن المشكلة، ولكنه هو الحل الذي يحقق مكاسب للطرفين المختلفين من غير حصول خسائر كبيرة بينهما، وهذا يتطلب أن نفكر خارج الصندوق أحيانًا لنحافظ على علاقاتنا وأسرنا وأبنائنا.