إحياء - (81) سُنَّة صلاة الجنازة

منذ 2015-01-15

من أعظم السنن أجرًا سُنَّة صلاة الجنازة فتعادل قيراطًا من الأجر؛ فيها نتعظ بالموت وندعو للمتوفى ونشارك أهل الميت مصابهم، فتتحقق أهداف كثيرة..

من أعظم السنن أجرًا سُنَّة صلاة الجنازة؛ فقد روى البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ».

وهذا الكَمُّ الهائل من الحسنات أدهش الصحابة! فقد روى مسلم عن عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ، فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا، وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ»؟

فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّابًا إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ، وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ، فَقَالَ: قَالَتْ عائشة: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ. فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ".

وللعلم فإنَّ نَدَمَ عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما كان على فوات سُنَّة اتباع الجنازة حتى دفنها وليس على صلاة الجنازة نفسها؛ لأنه كان يُصَلِّي على الجنازة دون أن يتبعها؛ وذلك لما رواه مسلم عن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قال: "وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يُصَلِّي عَلَيْهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَقَدْ ضَيَّعْنَا قَرَارِيطَ كَثِيرَةً".

والشاهد أننا على الأقل ينبغي أن نحافظ على صلاة الجنازة إن بَلَغَنا أن أحد معارفنا قد مات، أو مات أحد أقربائه، فإن استطعنا أن نتبع الجنازة فهذا خيرٌ كثير، كما يمكن لنا إن شعرنا بقسوة في قلوبنا أن نذهب لصلاة الظهر أو العصر في أحد المساجد التي اشتُهِر أن الناس يُصَلُّون فيها الجنازة، فنصلي معهم على ميِّتهم بغية الأجر العظيم.. 

ولعل هذا الأجر الكبير يرجع إلى تحقُّق فوائد جمَّة لعدد كبير من الناس؛ فالمـُصلِّي يتَّعظ بالموت، والـمُصلَّى عليه يستفيد من الدعاء له، وأهل الميت يستفيدون من مشاركة الناس لهم في مصابهم، فهي سُنَّة جميلة تُحَقِّق أهدافًا دنيوية وأخروية كثيرة.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 244
  • 4
  • 4,358
المقال السابق
(80) سُنَّة المحافظة على الصف الأول
المقال التالي
(82) سُنَّة الإسراع في المشي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً