بين التابع و المتبوع - (7) كالميت بين يدي مغسله
وكأن من أجاد شيئًا، أو أصاب في باب، فإنه -ولا بد- مصيب في باقي الأبواب، وعلى الخلق اتباعه في كل ما يصدر عنه من آراء وخيارات.
ولقد جاء على الناس زمان؛ لا يلتفتون فيه لأدلة أو براهين، ولا ينظرون لحُجيتها، أو قيمتها، ولا لصحة تنزيلها، أو استساغة الخلاف فيها أصلًا.
فقط يكفيهم أن يأمرهم سادتهم، وكبراؤهم، فيوقعون لهم على بياض، وكأنما لا يأتيهم باطل من بين أيديهم، ولا من خلفهم، وكأنما أَمِنت عليهم الفتنة ما حيوا، وعصموا من الزلل ما بقوا، وجانبهم الضلال إلى الأبد، وإن تكرر وتقرر، وفاحت ريحه، وأدركها كل من يملك حاسة للشم.
فكان مآلهم؛ أن صاروا بين أيديهم كالميت بين يدي مُغسله، ولئن سألتهم لأبرزوا في وجهك صكوك الثقة، ولأسكتوك بذكر فضائل متبوعيهم، وترديد مناقب سادتهم، وكبرائهم، والتذكير بسالف عهدهم.
وكأن من أجاد شيئًا، أو أصاب في باب، فإنه -ولا بد- مصيب في باقي الأبواب، وعلى الخلق اتباعه في كل ما يصدر عنه من آراء وخيارات.
هنا يهون الامتثال للحق، ويضيع بين أهله، ويختفي التمايز، وتذوب الفوارق بين الصواب والخطأ، ويندثر النكير، ولا يتبقى في نهاية الأمر؛ إلا متبوعون وأتباع.
- التصنيف: