كيف تدعو إلى الله في السفر؟
ولن يعدم المؤمن الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله - تعالى - في السفر، فعلى قدر صدقه مع ربه، واهتمامه بدينه، وحرصه على نشر الخير للناس، يُفتح عليه من ربِّه، وتأتيه الوسائل والسبل التي لم تكن له على بال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
لا يشك مسلم في أهمية الدعوة إلى الله - تعالى - في السفر كالحضر، فالمؤمن الصادق يحمل قضيته معه، لا ينساها، ولا يغفل عنها.
وربما يكون سفره في الأمصار على مدى الإعصار سبب عظيم لنشر الخير للغير، والتأثير في الخلق، ودعوتهم إلى ربهم. فبالسفر تزاد خبرته، وتصقل موهبته، وتنمو معرفته بالناس وطبائعهم وأحوالهم وواقعهم ووقائعهم، فيقف على موطن الخلل عندهم، ويسبر أغوار مجتمعهم، ليلمس بيده مكامن النقص ومواطن الكمال، فهو كالنحلة الطيبة، لا تقع إلا على الطيبات وتنتج الطيبات، وكالنور في الفجر حيثما سطع أشرقت به البلاد واستيقظت منه العباد!
فمن الوسائل المفيدة في الدعوة إلى الله - تعالى - في السفر:
1 ـ إلقاء المواعظ القصيرة في المساجد المطروقة، فحالما أدركته الصلاة ألقى كلمة قصيرة ومؤثرة، وهي بذرة مباركة تلقى في قلوب المستمعين، وستنبت بإذن الله ـ ولو بعد حين!
وأنا أعرف أحد حفاظ كتاب الله - تعالى - وهو من الدعاة المباركين، كانت سبب هدايته من بعد غوايته وسقوطه في براثن المخدرات والفجور والفواحش والغناء و ترك الصلوات وغيرها من الطامات كلمة قصيرة من شيخ مبارك سمعها منه في سفر، فهل من معتبر؟!
2 ـ نشر الكتب والأشرطة والمطويات في كل مكان يكون فيه، في المساجد، والمنتزهات، والفنادق، والاستراحات، والمهم أن تترك خلفك ما يذكر بك، وما يكون سبباً في هداية غيرك، وستقطف ـ بإذن الله ـ من هذه الثمرة اليانعة، في يوم الحصاد، عندما تقف بين يدي مولاك في يوم المعاد.
3 ـ الحرص على الخلق الطيب، والمعاملة الحسنة، والابتسامة الصادقة، واللمسات الحانية، والكلمات الرقيقة، والكرم الفياض، و العفو والصفح، وغيرها من الأمور التي جاء الإسلام بها، ورغَّب فيها، وحثَّ عليها، وقد تؤثر بفعلك أكثر من قولك، فانتبه!
4 ـ استغلال الأطفال في الدعوة إلى الله - تعالى - بإنكار المنكر، والأمر بالمعروف، ونشر الرسائل الدعوية بين البرية، فهذا طفل ينكر على مدخن أو سامع للغناء، وهذه طفلة تأمر بالحجاب، وهذا آخر يرسل بالكتاب، وآخر بالشريط، وأخرى بغيرها من الوسائل الدعوية المباركة، والمهم أن نحمل الهم، فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة.
5 ـ الوقوف مع أهل الأزمات على مدى الطرقات، فإن رأيت من خذلته مركبته، وقفت معه، فأصلحتها من عطب إذا علمت السبب أو أوصلته إلى مبتغاه، أو على أقلِّ تقدير أمنته من خوفه، ونصرته حال ضعفه، ثم وهبته هدية دعوية أو كلمة رقيقة، أزالت همَّه، وأذهبت غمَّه، فكم لها من الأثر! والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
6 ـ نشر المجلات الإسلامية المباركة في الاستراحات، والشقق والمفروشة، ومحلات الحلاقة، وأماكن الانتظار، لتكون بديلاً لذلك السم الزعاف من المطبوعات السيئة المنتشرة في أكثر البلدان.
7 ـ توزيع النشرات التعريفية بالمؤسسات الخيرية؛ الإغاثية والدعوية، والدال على الخير كفاعله.
8 ـ زيارة العلماء والدعاة وطلاب العلم في المدن المزارة، والتعرف عليهم، والوقوف على أحوالهم وأعمالهم، والتنسيق معه للاستفادة منهم، وكذلك زيارة المؤسسات الخيرية للوقوف على احتياجاتها، والمساهمة في نصرتها.
9 ـ تعليم الأهل أحكام السفر، وتطبيقها عليهم.
10 ـ تذكير الأهل بالدعاء للمسلمين، وتنبيههم أن دعاء المسافر مستجاب، فترفع همة الأهل، ليشعروا بهموم المسلمين.
11 ـ دراسة المنكرات التي يقف عليها المسافر، ورصدها، لتقديمها للدعاة والعلماء والمصلحين، ليقوموا بواجب الإصلاح، كلٌّ بحسبه، ومن موقعه.
12 ـ تفقد أحوال المساجد، والتعرف على ما ينقص فيها، ومحاولة توفير احتياجاتها، ولو لم يكن إلا توفير المصاحف، فكم في ذلك من خير!
ولن يعدم المؤمن الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله - تعالى - في السفر، فعلى قدر صدقه مع ربه، واهتمامه بدينه، وحرصه على نشر الخير للناس، يُفتح عليه من ربِّه، وتأتيه الوسائل والسبل التي لم تكن له على بال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
- التصنيف:
- المصدر: