لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا ؟!

منذ 2015-01-18

واليوم يغادر هذه البلاد آلاف الطلبة المبتعثين من فلذات أكبادنا إلى ديار الغرب ـ غالبيتهم لمّا يبلغوا سنّ النضج ـ لذات الغرض الذي ابتَعثت من أجله اليابان فلذات أكبادها.. فهل نحن بحاجة إلى إعادة "السيناريو" الياباني الصارم لنضمن مستقبل مبتعثينا وعودتهم بالوجوه التي ذهبوا بها، لعلّنا نترسّم خطى التجربة اليابانيّة الفريدة، أمّ أنّهم سيعودون كما عاد صاحبنا القرويّ الأصيل الذي افتقد صفة الأصالة، لنكرّس تخلّفنا وتأخّرنا عن مؤخّرة الركب؟

المبتعثون والمبتعثات و الحكم بالإعدام ! 

لقد شاع منذ زمن خبر أوّل بعثة يابانيّة غادرت إلى الغرب لاكتساب المعرفة والتقنية، وتعلّم العلوم النافعة، والتي عاد أصحابها بلباس غربي وأفكار غربية، ولم يكتسبوا من المعرفة التي ابتُعثوا من أجلها إلا القليل، لانبهارهم الشديد بالحرية الغربية الزائفة (الحرية البهيميّة)، فما كان من الحكومة اليابانيّة آنذاك إلا أن قامت بإعدامهم جميعاً في ميدان عام ليكونوا عبرة لغيرهم.. وما إن غادرت البعثة الثانية، حتى عاد أصحابها بالوجه الذي ذهبوا به، واللباس الذي اعتادوه..عادوا وهم يحملون العلم والمعرفة، لم يلتفتوا إلى غيرها من العري والتفسّخ والانحلال.. وقد نتج عن هذه الشدّة والصرامة في المحافظة على القيم المحلّيّة والاعتزاز بها ـ على الرغم من وثنيتها ـ، ونبذ الانهزاميّة والتبعيّة للآخرين؛ هذا التقدّم الحضاري الهائل لليابان، فمن الذي ينكر جودة الصناعات اليابانية وتقنياتها، ودقّتها الفائقة، وتفوّقها على غيرها من الصناعات والتقنيات حتى الغربيّة، على الرغم مما أصابها من الدمار والخراب، وما تعانيه اليوم من الضغوط؟.

ولكن، ما حالنا نحن؟!..

أعرف جاراً لنا قروياً، ذهب إلى الغرب مبتعثاً، وعاش فيها ردحاً من الزمن، وحصل على شهادة عالية ! لكنّه عاد بوجه آخر غير الذي ذهب به .. عاد وهو يحتقر دينه وأمّته وتاريخه المجيد، ويقلّد الغرب حتى في توافه الأمور التي هي من قبيل العادات والتقاليد!، والتي ربّما كانت مخالفة للشرع المطهّر! عاد وقد حمل معه أسوأ ما عند الغرب من إدمان على الخمور، ومحبّة للاختلاط والتبرّج والسفور، فضلاً عن الفكر المنحرف المدحور.. وأمثاله كثر ـ لا كثّرهم الله ـ، وقلّ من عاد منهم محافظاً على قيمه ومبادئه الأصيلة، وثقافته الإسلامية النبيلة..

واليوم يغادر هذه البلاد آلاف الطلبة المبتعثين من فلذات أكبادنا إلى ديار الغرب ـ غالبيتهم لمّا يبلغوا سنّ النضج ـ لذات الغرض الذي ابتَعثت من أجله اليابان فلذات أكبادها.. فهل نحن بحاجة إلى إعادة "السيناريو" الياباني الصارم لنضمن مستقبل مبتعثينا وعودتهم بالوجوه التي ذهبوا بها، لعلّنا نترسّم خطى التجربة اليابانيّة الفريدة، أمّ أنّهم سيعودون كما عاد صاحبنا القرويّ الأصيل الذي افتقد صفة الأصالة، لنكرّس تخلّفنا وتأخّرنا عن مؤخّرة الركب؟

سؤال أوجّهه إلى المسؤولين عن الابتعاث قبل فوات الأوان.. والله المستعان.

هذا، وإنّ الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال، مقال كتبته إحدى المبتعثات(!) في إحدى الصحف المحلّية، تذكر فيه قصّة امرأة سعودية مفادها أنّ هذه المرأة ترفض أن تعود إلى بلدها ـ بلد التوحيد ـ مع زوجها بحجّة أنّ المرأة في هذه البلاد محرومة من الحريّة(!) والخروج كما شاءت، فلا تستطيع أن تسرح وتمرح كما تريد، وتخرج كما يخرج الرجل(!)، كما في الديار الغربيّة، فهل هذا هو المأمول من المبتعثين والمبتعثات؟!

وإلى هذه المرأة وغيرها أسوق هذا الاعتراف والأرقام:

ـ قال الفيلسوف الألماني شوبنهور: " اتركوا للمرأة حرّيتها المطلقة كاملة بدون رقيب، ثمّ قابلوني بعد عام لتروا النتيجة، ولا تنسوا أنّكم سترثون معي للفضيلة والعفّة والأدب، وإذا متّ فقولوا أخطأ أو أصاب لبّ الحقيقة ".

وقد قد تُرِكَتْ للمرأة الحرية في ديار الغرب، وماتت العفّة، ومات قبلها شوبنهور وقد أصاب لبّ الحقيقة.

ـ كشفت إحصائية لرصد اتجاهات الأمريكيين أنّ 80% من الأمريكيات يعتقدن أنّ الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة هي المسؤولة عن الانحلال والعنف الذي ينتشر في الوقت الراهن.

وقالت 75% من اللواتي شاركن في الاستفتاء أنّهنّ يشعرن بالقلق لانهيار القيم التقليدية، والتفسّخ العائلي، وبالنسبة للنساء العاملات؛ قالت 80% منهنّ إنّهنّ يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهنّ تجاه العمل ومسؤولياتهنّ تجاه الزوج والأولاد.

وقالت 87% من اللواتي شاركن في الاستفتاء: لو عادت عجلة التاريخ إلى الوراء؛ لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة ضدّ الولايات المتحدة، وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها... (صحيفة الخليج، العدد: 7319).

فهلا بدأنا من حيث انتهى الآخرون؟!.

إضاءة: فيما طالبت إحدى كاتباتنا(!) بالتخلّي عن العباءة السوداء بحجّة أنّها تزعج الزوّار الأجانب(!)، قالت إحدى النساء الأوربيات عندما زارت المملكة لأوّل مرّة: " لقد أعجبت أيّما إعجاب عندما رأيت هذا الرداء الأسود الذي تلبسه النساء عندكم، وفي رأيي أنّ واحدة من نسائكم تعادل جميع نساء أوروبا المهانات "(مجلة اليمامة:عدد: 1462).


محمد بن عبد العزيز المسند

  • 1
  • 0
  • 2,552

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً