عفاف الحجاب

منذ 2015-01-20

وهذه الدعوات التي يرددها الكفار وأهل الشهوة والأهواء، إن لم تجد لها صدى في نساء المؤمنين، فإنّها أحيانًا تشكل نوعًا من الانهزام النفسي عند ضعيفات الإيمان، لا سيما إذا صادفت في النفس تضعضعًا بسبب المعاصي والسيئات، وتزامنت مع جموحها للشهوة والانفلات من العفاف!.

مقدمة

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.

أمّا بعد:

فإنّ أعظم مظاهر العفاف في الأخت المسلمة هو الحجاب؛ فهو ينطوي على كل مفردات الطهارة والحياء، ويشمل كل معاني الفضيلة والنقاء، وهل العفاف إلاّ الحجاب!.

فليس هو بعادة أملتها ظروف الحياة، ولا تراث يميز المجتمعات، وإنّما هو عبادة يتقرب بها إلى الله، ويبتغى به وجهه، لا تهزها عاصفة التيارات، ولا يزحزحها صراع الحضارات لأنّها جزء من الدين، يحفظ على المسلمين عفتهم، ويحرس فضيلتهم، ويحمي أعراضهم.

ولأنّ الحجاب عبادة واجبة على نساء المسلمين، فإنّها لا تقبل التغيير أو التبدل لأنّها ثبتت بكلمات الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [سورة الأحزاب: 59]، وما ثبت بكلمات الله لا يمكن أن يبدل.. لأنّ كلام الله لايبدل.. (لاّ َمُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [سورة الأنعام: من الآية 115].

عفة الحجاب

حينما ندرك أنّ الحجاب هو رمز العفة والطهارة، فلا بد أنّنا ندرك أيضا أنّ الميل عن الحجاب هو ميل عن العفة، وإيذان بحلول الفواجع! فتمام العفة مع تمام الحجاب!

وتأملي أختي المسلمة في قول الله - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [سورة الأحزاب: 59]، ففي الآية ما يدل دلالة واضحة أنّ العفة تعرف بالحجاب، وأنّ المسلمة العفيفة الحيية إنّما تعرف بكمال حجابها، وكمال تسترها كما شرع الله وأمر!

"فهذه الآية نص على ستر الوجه وتغطيته، ولأنّ من تستر وجهها لا يطمع فيها طامع بالكشف عن باقي بدنها وعورتها المغلطة، فصار في كشف الحجاب عن الوجه تعريض لها بالأذى من السفهاء، فدل هذا التعليل على فرض الحجاب على نساء المؤمنين لجميع البدن والزينة بالجلباب؛ وذلك حتى يعرفن بالعفة، وأنّهن مستورات محجبات بعيدات عن أهل الريب والخنا، وحتى لا يفتتن ولا يفتن غيرهن فلا يؤذين.

ومعلوم أنّ المرأة إذا كانت غاية في الستر والانضمام، لم يقدم عليها من في قلبه مرض، وكفت عنها الأعين الخائنة بخلاف المتبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها، فإنّها مطموع بها.

واعلم أنّ الستر بالجلباب، وهو ستر النساء العفيفات يقتضي أن يكون الجلباب على الرأس لا على الكتفين.

ويقتضي أن لا يكون الجلباب ـ العباءة ـ زينة في نفسه، ولا مضافا إليه ما يزينه من نقش أو تطريز، ولا ما يلفت النظر إليه وإلاّ كان نقضا لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة، وتغطيتها عن عيون الأجانب". [حراسة الفضيلة للعلامة بكر أبو زيد ص 55 ـ 56].

إنّ العفاف المنشود من الحجاب لا يمكن أن تظفر به الأخت المسلمة إلاّ إذا أدركت جيدا المفهوم الشامل للحجاب، وعرفت مدلوله ومعناه، وما يقصد منه!

فحتى لو أدنت المسلمة جلبابها كما أمر الله، لكنّها لم تقر في بيتها، وأمنت الخروج صخبا في الشوارع والأسواق، فإنّها بذلك الحال بعيدة عن العفاف لا لأنّها تعرض ذاتها وحجابها للفتنة بخروجها الذي لا ضرورة له!.

ولذا فإنّ عفة الحجاب أشمل من مجرد لبس العباءة، إنّها الحد الفاصل بين الفضيلة وما يخدشها، سواء كان ما يخدشها: تبرج، أو خروج، أو كلام، أو رفقة سيئة أو غير ذلك من قوادح العفاف.

فالأخت العفيفة لا تبارح بيتها إلاّ لحاجة تطلبها، وذلك حفاظاً على عفتها وصونا لعرضها، ومن النساء من "تخرج متطيبة بطيب قوي الرائحة يفتن كل من في قلبه مرض من الرجال وربّما خلع ثياب الحياء وصار يلاحقها ويغازلها، تخرج من بيتها تمشي في السوق مشيا قويا كما يمشي أقوى الرجال وأشباههم كأنّما تريد أن يعرف النّاس قوتها ونشاطها وتمشي كذلك في السوق مع صاحبة لها تمازحها وتضاحكها بصوت مسموع، وربّما تدافعها بتدافع منظور تقف على صاحب الدكان تبايعه، وقد كشفت عن يديها، وربّما عن ذراعيها، وربّما تمازحه، أو يمازحها، أو يضحك معها، إلى غير ذلك ممّا يفعله بعض النساء من أسباب الفتنة والخطر العظيم والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام، وعن طريق أمة الإسلام.

يقول الله - عز وجل - لنساء نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهنّ القدوة، وهنّ أعف النساء وأكرمهن وأرفعهن قدرا، يقول لهن: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [سورة الأحزاب: من الآية 33]". [نصائح وتوجيهات للبيوت ص 31].

ولذلك كانت البيوت من الحجاب الواجب في حق النساء، فكما أنّ العباءة تحجب العيون الأجنبية عن النظر إلى النساء فكذلك البيوت تحجبها، ولا يعدل عن حجاب البيوت إلى غيره إلاّ لحاجة داعية!

وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها)) [رواه الترمذي].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خصت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل؛ لأنّ ظهورها للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون على النساء". [مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (15/697)].

إنّ الرجال الناظرين إلى النساء *** مثل السباع تطوف باللحمان

إن لم تصن تلك اللحوم أسودها *** أكلت بلا عوض ولا أثمان

إنّ قرار المرأة في بيتها يحميها من سموم العيون المريضة، وفتن الاختلاط، والأنفاس العليلة، كما يمكنها من استثمار وقتها، وأداء مسؤوليتها الأسرية، فهي فتاة البيت وبهجته، وهي الزوجة، والأم المسؤولة عن أبنائها، كما أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)) [رواه البخاري ومسلم].

أمّا حال خروج الأخت المسلمة لحاجة داعية، فإنّها ملزمة وقتئذ بالحجاب الذي يسترها، ويعلن للناظرين عفافها ونظافتها، وهو لن يكون كذلك إلاّ إذا استوفى شروطه ونعوته المبينة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهي:

1- أن يكون ساترًا لجميع بدن المرأة: لقول الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [سورة الأحزاب:59].

قالت عائشة - رضي الله عنها -: " يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [سورة النور: من الآية 31]، شققن مروطهن فاختمرن". [رواه البخاري].

وقال القرطبي - رحمه الله -: " لما كانت عادة العربيات التبذل، وكنّ يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكر فيهن، أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن".

وقال - رحمه الله -: " والصحيح أنّه أي: الجلباب، الثوب الذي يستر جميع البدن". [الجامع لأحكام القرآن (14/ 643 644)].

2- أن لا يكون الحجاب زينة في نفسه: لأنّ المقصود منه هو لستر الزينة، وقطع دابر الفتنة، فإذا كان الحجاب مبديًا للزينة، أو كان هو نفسه كذلك لم يحصل المقصود منه، وقد قال - تعالى -: (لَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [سورة النور: من الآية 31]، فظاهر العباءة يستحيل إخفاؤه عقلاً فهو لذلك ليس من الزينة ما دام لا يحتوي على زينة ملفتة للنظر كالتطريز والصور والكتابات، ونحو ذلك مما يعلم منه أنّه زينة مثيرة.

3- أن يكون فضفاضا: لا يبرز بدن المرأة ولا يصفه بل فيه من الاتساع والشمول ما يستر حجمها، فعن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مالك لا تلبس القبطية؟))، قلت: يا رسول الله كسوها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مرها فلتجعل تحتها غلالة إنّي أخاف أن تصف حجم عظامها)).

4- أن يكون غير شفاف: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنفان من أهل النار لم أراهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها النّاس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) [رواه أحمد].

قال ابن عبد البر - رحمه الله -: " أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي لا يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات بالحقيقة".

5- أن لا يكون معطرًا: لما رواه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيّما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية)) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].

6- أن لا يشبه لباس الرجال: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس منّا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال)) [رواه أحمد].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل".

7- أن لا يشبه لباس الكافرات: لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) [رواه أبو داود].

ولقوله - صلى الله عليه وسلم - أيضا: ((رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ ثوبين معصفرين فقال: إنّ هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها)) [رواه النـسائي].

8- أن لا يكون لباس شهرة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارًا)) [رواه أبو داود].

كيف تخدش عفة الحجاب؟!

أمور كثيرة تهدد في الحجاب تمامه وعفته، وتغير ملامح طهارته وجماله ونقاؤه، وهذه الأمور هي ما يجعل كثيرًا من المحجبات يتساهلن بالحجاب، ويدخلن عليه من التطوير، والتغيير ما يهدد العفاف، ويعرض الحياء والفضيلة للآفات! وأهم هذه الأمور:

1- ضعف الأيمان:

فإنّ الإيمان بالله - سبحانه - ينشئ في القلب مراقبته على كل حال، فلا تجرؤ الجوارح على الإقدام على مخالفة أمره، أو اقتراف نهيه! وثمرة الإيمان هذه هي ما يثبّت المسلمة العفيفة على حجابها كما أمرها الله - سبحانه -، وإن عاشت بحجابها الشرعي غريبة بين السافرات، فهي تراقب الله وحده، وترجو الثواب منه وحده، وتدرك أنّ حجابها ـ مع أنّه دخرًا لها في الآخرة ـ هو سر عفتها وحصن فضيلتها، وتاج شرفها ووقارها!

ولهذا كله لا تعبأ بالمحيط حولها، ولا تستهويها تيارات السفور بكل أشكالها!

لأنّها تدرك أنّ حجابها مفرد من مفردات العبودية التي خلقت لأجلها (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [سورة الذاريات:56].

2- موجة الموضة والأزياء:

ومن عوامل هدم العفاف في لباس الأخت المسلمة ما ابتليت به الأسواق، وروج له الفساق، وفسدت به الأذواق، وهو ما يسمونه: " بالموضة والأزياء"، فهي همٌ فرض نفسه على النساء، واستدرجهن إلى أحضانه، حتى صرن يشغلن به في كل وقت وحين، ودونه مال، والجهد، والعفاف!

وهذه الموجة العارمة، لا تعرف حدودًا للزمان أو المكان، ولا يخجلها عرف، أو يمنعها أصل، فهي كالنّار الملتهبة في انسيابها الفادح، تحرق ما في طريقها، ما دام قابلاً للاحتراق!

ولذلك لم تستثن من قاموسها أي لباس! فحتى الحجاب نفسه أصبح يخضع للقانون نفسه، وأصبحت العباءات تحت رحمة الأذواق الأجنبية، تفصلها بمقاسات لا يجيزها الدين، ولا يحمدها العرف.

بينما تتطلع نفوس ضعيفات الإيمان للجديد، حتى ولو كان الجديد في الحجاب وقد جهلن أن لا جديد في الحجاب.

"إنّ التبرج الجديد هو الذي اصطلحوا على تسميته " بالحجاب العصري"، وهو وإن كان مخلاً من الجملة بشروط الحجاب الشرعي إلاّ أنّه لا يصل إلى درجة العري الفاضح، لكنّه في النهاية يسمى تبرجًا وهو تعبير عن مرحلة انتقال لما هو شر منه، فأعداء العفاف جعلوه حلاً وسطًا تساير به المرأة المسلمة تطورات الموضة والزينة، وفي الوقت نفسه تكون بعيدة عن التبرج الصريح، وما هو في الحقيقة إلاّ استدراج ماكر، بيته دهاقنة دور الأزياء والموضة، وأباطرة الدعوة إلى السفور والانحلال، للقضاء على الحجاب الشرعي والنيل من بنات الإسلام، وجواهر المجتمع، ليسهل عليهم النيل من المسلمين جميعا كما جرت بذلك العادة في كثير من دول المسلمين". [لا جديد في الحجاب ص 25].

فاحذري أختي المسلمة من هذا الاستدراج الماكر، فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حذّر من اتباع سنن الكفار، وما موجة الموضة والأزياء إلاّ سنة من سننهم..

فعن أبي سعيد الخذري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن!)) [رواه البخاري ومسلم].

ثم إنّ كل فتاة تتحرى اتباع ما تسميه الموضة من ألبسة دخيلة على الدين والعادة، لا بد لها أن تقع في اتباع من تتشبه بهن من الكافرات في سلوكها وأخلاقها؛ وذلك يؤثر حتما على حيائها وعفافها.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنّ المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس". [اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص 11].

3- دعاة على أبواب جهنم:

وهم قتلة الفضيلة والمتواصلون بسحق العفاف، قد سخروا أقلامهم وجهودهم لتشويه الحجاب، وتحرير المرأة ـ زعموا ـ وهم ينادون في مجلاتهم المشبوهة، وقنواتهم الهابطة بحرية المرأة، وكأنّها تعيش حالة الاستعباد! ويصورونها بجلبابها وكأنّها ارتكبت منكرًا من الفعل وزورًا!

وهم ـ كما هم ـ يرددون شعارات لطالما صرح بها الغرب، فقد قالت الصليبية آنا مليجان: "ليس هناك طريقة لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سلفرة متبرجة". [همسات في أذن فتاة ص 22].

ويقول غلادستون وهو صليبي أيضا: "لن يستقيم حال الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن". [همسات في أذن فتاة ص 22].

وهذه الدعوات التي يرددها الكفار وأهل الشهوة والأهواء، إن لم تجد لها صدى في نساء المؤمنين، فإنّها أحيانًا تشكل نوعًا من الانهزام النفسي عند ضعيفات الإيمان، لا سيما إذا صادفت في النفس تضعضعًا بسبب المعاصي والسيئات، وتزامنت مع جموحها للشهوة والانفلات من العفاف!.

ولذا فإنّ حرص الفتاة على عفاف نفسها وحجابها يتطلب منها ثباتًا أمام الفتن، وتزودًا من الطاعة والعبادة والتقوى، وأن تكون على مستوى من الوعي بما يكاد لها من طرف الغرب الحاقد وأذنابه ممن تشبعوا بثقافته الهابطة التي تدعو إلى الانحلال والرذيلة صابغة دعوتها بصبغ الحرية الشخصية، والمساواة ونحو ذلك من المسميات.

وتذكري أنّ هؤلاء الدعاة لو كانوا مصلحين لأحوال المرأة، لنجحت دعوتهم في الغرب أولاً، ولما وصلت نساء الغرب إلى الانحطاط الأخلاقي، والهبوط الجنسي، حتى أصبحت كالبضاعة، تكترى وتشترى.

قد توالت صرخات بعض المنصفين في الغرب نفسه يشهدون بعفة الحجاب، وطهارة الإسلام. [همسات في أذن فتاة/ عبد الغني فتح الله ص 27].

  • 13
  • 0
  • 38,050

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً