ذكاء خليفة!
أبو الهيثم محمد درويش
فكان من فطنته وذكاءه وفراسته أن القرآن نزل في أكثر من موضع موافقًا لتوقعات وفراسة وفهم عمر رضي الله عنه للمواقف، والأحداث
- التصنيفات: طرائف ونوادر -
من الصفات الواجب توافرها في الراعي الصالح والخليفة الناجح؛ صفة الذكاء، والفطنة، وسرعة البديهة؛ وكل هذا كان متوفرًا في الفاروق رضي الله عنه.
فكان من فطنته وذكاءه وفراسته أن القرآن نزل في أكثر من موضع موافقًا لتوقعات وفراسة وفهم عمر رضي الله عنه للمواقف، والأحداث، ومن مواقفه البديعة أثناء حكمه:
- عن أسلم عن أبيه قال: "قَدِمَت على عمر بن الخطَّاب حُلَلٌ من اليمن، فقسَّمها بين النَّاس، فرأى فيها حُلَّة رديئة، فقال كيف أصنع بهذه، إذا أعطيتها أحدًا، لم يقبلها إذا رأى هذا العيب فيها، قال: فأخذها فطواها، فجعلها تحت مجلسه، وأخرج طرفها، ووضع الحُلَل بين يديه، فجعل يقسم بين النَّاس، قال فدخل الزُّبير بن العوَّام، وهو على تلك الحال، قال: فجعل ينظر إلى تلك الحلَّة، فقال له: ما هذه الحلَّة؟ قال عمر: دع هذه عنك. قال: ما هي؟ ما هي؟ ما شأنها؟ قال: دعها عنك. قال: فأعطنيها. قال: إنَّك لا ترضاها. قال: بلى، قد رضيتها. فلمَّا توثَّق منه، واشترط عليه أن يقبلها ولا يردَّها، رمى بها إليه، فلمُّا أخذها الزُّبير ونظر إليها، إذا هي رديئة، فقال: لا أريدها. فقال عمر: هيهات، قد فرغت منها، فأجازها عليه، وأبى أن يقبلها منه).
- (الأذكياء؛ لابن الجوزي، ص:23).
- وعن جرير، عن عمر قال له (قال لجرير) -والنَّاس يتحامون العراق، وقتال الأعاجم-: "سِر بقومك، فما قد غلبت عليه فلك ربعه"، فلمَّا جُمِعت الغنائم -غنائم جلولاء- ادعى جرير أنَّ له ربع ذلك كلِّه، فكتب سعد إلى عمر بذلك، فكتب عمر: "صدق جرير، قد قلت ذلك له، فإن شاء أن يكون قَاتَل هو وقومه على جُعْلٍ فأَعْطُوه جُعْلَه، وإن يكن إنَّما قاتل لله ولدينه ولحبيبه، فهو رجل من المسلمين، له ما لهم، وعليه ما عليهم"، فلمَّا قَدِم الكتاب على سعد، أخبر جرير بذلك، فقال جرير: "صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي به، بل أنا رجل من المسلمين".
- (الأذكياء؛ لابن الجوزي، ص:24).