الملك فيصل بين غلق الأقصى والمنطقة العازلة
إن القدس الشريف يناديكم، ويستغيث بكم أيها الإخوة لتنقذوه من محنته، ومما ابتُلي به، فماذا يُخيفنا ؟هل نخشى الموت؟ وهل هناك موتة أفضل وأكرم من أن يموت الإنسان مجاهداً في سبيل الله؟ أيها الإخوة المسلمون نريدها قومةً ونهضة إسلامية، لا تدخلها قومية ولا عنصرية ولا حزبية، إنما دعوة إسلامية، دعوة إلى الجهاد في سبيل الله، في سبيل ديننا وعقيدتنا، دفاعاً عن مقدساتنا وحرماتنا، وأرجو الله سبحانه وتعالى أنه إذا كتب لي الموت، أن يكتب لي الموت شهيداً في سبيل الله.
إخواني ماذا ننتظر؟ هل ننتظر الضمير العالمي؟ أين هو الضمير العالمي؟!
إن القدس الشريف يناديكم، ويستغيث بكم أيها الإخوة لتنقذوه من محنته، ومما ابتُلي به، فماذا يُخيفنا ؟هل نخشى الموت؟ وهل هناك موتة أفضل وأكرم من أن يموت الإنسان مجاهداً في سبيل الله؟ أيها الإخوة المسلمون نريدها قومةً ونهضة إسلامية، لا تدخلها قومية ولا عنصرية ولا حزبية، إنما دعوة إسلامية، دعوة إلى الجهاد في سبيل الله، في سبيل ديننا وعقيدتنا، دفاعاً عن مقدساتنا وحرماتنا، وأرجو الله سبحانه وتعالى أنه إذا كتب لي الموت، أن يكتب لي الموت شهيداً في سبيل الله.
"إخواني أرجو أن تعذروني إذا ارتُجَّ عليّ، فإنني حين أتذكر حرمنا الشريف ومقدساتنا تنتهك، وتُستباح وتُمثل فيها بالمخازي، والمعاصي، والانحلال الخُلقي، فإني أدعــــــو الله مخلصاً إذا لم يكتب لنا الجهاد، وتخليص هذه المقدسات، ألا يبقيني لحظة واحدة على الحياة"، الكلمات سالفة الذكر بنصها وحرفها للملك (فيصل بن عبد العزيز) عليه من الله سحائب الرحمة، وحين نطق بأواخرها، ودعا ربه ألا يُبقيه على الحياة إن لم يقدّر له تخليص المسجد الأقصى، تحشرجت الكلمات وحاول مدافعة العبرات، لكنها انهمرت من عينيه، وتحدّرت على وجنتيه، تحمل من وراءها جبالاً من الهموم والحزن والأسى.
والكبار حين يذرفون الدمع، ويقطن جنبات مآقيهم الأسى، ويتطاول عليهم الصّغار، من أمثال الخاسر (جمال عبد الناصر) وشلته من روّاد المواخير وحفلات الست أم كلثوم، فإن أبصارهم وبصائرهم تتجه إلى السماء، طالبةً الغوث والمدد، أو الإذن بالرحيل وتعجيل اللقاء.
بكى الفيصل بكاء الملوك الكبار إلى ملك الملوك، الذي استخلفهم على عباده وأودعهم الأمانة للقيام بأمره على شئون خلقه، بكى واغرورقت عيناه بالدمع كما اغرورقت حين بلغه نبأ استشهاد (سيد قطب) حين دخل عليه الحاج (صالح أوزجان) فوجد الدموع تسيل من عينيه، فتعجّب وسأله فقال الملك فيصل: "عظّم الله أجرك في الشهيد سيد قطب فقد لقي ربه اليوم"، ثم قال عن الخاسر جمال عبد الناصر: "أرسلتُ إليه، وتوسلتُ أن يطلقه حياً، ويطلب فيه ما يشاء! ولكنها إرادة الله ولكل أجلٍ كتاب، ولا بد لهذه الأمة من شهداء".
في تصريح لجولدا مائير في لندن قالت: "لن نتنازل عن القدس مهما كانت الأحوال، وقد يكون من الجائز أن نتنازل عن تل أبيب، ولكن من غير الجائز أن نتنازل عن مدينة القدس"، في رده على المسئول الأمريكي الذي سأله عما يحب أن يرى في الشرق الأوسط أجاب الملك فيصل: "أول كل شئ هو زوال إسرائيل".
في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 25 مارس 1975، استقرت ثلاث رصاصات في الرأس التي لم يكن يشغلها غير هموم وأحوال العالم الإسلامي، والذي لم تعرف الابتسامة إلى وجهه سبيلاً بعد حريق وأحداث المسجد الأقصى، وكان القاتل هو (فيصل بن مساعد) الذي تلقى تعليمه في أمريكا، وهناك أدمن على المخدرات والكحول،كما اشتهر أنه عاش خمس سنوات، مع صديقة أمريكية تدعى كريستينا،كانت زميلته فى جامعة كلورادو.
فاضت روح الفيصل الطاهرة إلى السماء التي لطالما قلّب وجهه فيها مستوحشاً من الدنيا وأهلها ومسطّراً بجسده المسجّى على خشبة الموت: الميت حقاً من مات قلبه وإن مشت قدماه، والميت من مات بحياته الناس، رحل فيصل وقد سطّر تاريخه بأحرف من نور في صحائف من ذهب يفخر كل مسلم من أهل المروءات أنه ينتمي إلى أمة فيها أمثال محمد الفاتح وفيصل بن عبد العزيز.
رحل فيصل إلى القمم، لأن القمم لا تُساكن الرمم.
رحل يشكو إلى الله خلفاً في الأمة الإسلامية والعربية لا تقوم حياتهم ولا يهدأ بالهم إلا بقتل العذارى والركّع السجود في ميدان رابعة وليبيا وسوريا، ومحاصرة المرابطين في غزة، وتأمين غلق المسجد الأقصى بالمنطقة العازلة في سيناء، وتهجير الموحدين من ديارهم بعد الإمعان في قتلهم وإزلالهم.
انتهى المقال الذي كتبته في نوفمبر الماضي وتم نشره تحت عنوان: "الملك فيصل بين غلق الأقصى والمنطقة العازلة"
وإنني أرى أن أعيد نشره اليوم، سائلاً ربي عز وجل أن يجزي عبده فيصل بن عبد العزيز عنا، وعن مقدسات وحُرمات الإسلام خير الجزاء، وأن يوفق الله عز وجل الملك سلمان بن عبد العزيز لما فيه الخير للبلاد والعباد، وأن يأخذ بناصيته إلى الهدى والرشاد، وأن يقوّم ما أعوجّ من المسار في بلاد مهبط الوحي وسيد الأخيار صلى الله عليه وسلم.
- التصنيف: