رجال دين، أم علماء دين؟
مع تدهور الحضارة الإسلامية في القرون الأخيرة طفت على السطح ظاهرة خطيرة! وهي تقديس العلماء وتقديس آرائهم الفقهية النسبية، بل وتقديس مواقف بعضهم التي تخرج أحياناً عن مبادئ الإسلام مثل الدفاع عن الحكام الطواغيت وتحريم معارضتهم، وظهرت العبارة الشهيرة: "لحوم العلماء مسمومة" -التي ليس لها أي أساس شرعي- لتمنع أي نقد أو معارضة لبعض هولاء العلماء.
يا لها من مهمة جليلة تلك التي يضطلع بها علماء الدين، فالتخصص في العلوم الشرعية وتفقيه الناس في أمور دينهم من أهم الدعامات التي تقوم عليها الحضارة الإسلامية.
ولكن مع تدهور الحضارة الإسلامية في القرون الأخيرة طفت على السطح ظاهرة خطيرة! وهي تقديس العلماء وتقديس آرائهم الفقهية النسبية، بل وتقديس مواقف بعضهم التي تخرج أحياناً عن مبادئ الإسلام مثل الدفاع عن الحكام الطواغيت وتحريم معارضتهم، وظهرت العبارة الشهيرة: "لحوم العلماء مسمومة" -التي ليس لها أي أساس شرعي- لتمنع أي نقد أو معارضة لبعض هولاء العلماء.
إنها ظاهرة خطيرة تلك التي نحن بصدد الحديث عنها، ربما تكون موروثاً ثقافياً من الحضارات القديمة التي تقدس الكهنه ورجال الدين مثل مصر القديمة وحضارات بابل وأشور، لكنها قطعاً أبعد ما تكون عن روح الإسلام.
ولسنا هنا في مقام التجريح في العلماء أو الانتقاص منهم، ولكن علينا أن نزيل هالة القداسة الزائفة عن العلماء، ونتعامل معهم على أنهم بشر يصيبون ويخطئون، وأنهم شريحة مثل باقي شرائح المجتمع، فمنهم الصالح الذي يتحرى رضا ربه ومنهم الطالح الذي يتحرى رضا السلاطين والطواغيت.
علينا أن نتعامل مع العلماء بوصفهم (علماء دين) وليس بوصفهم (رجال دين)، فالبون بين المصطلحين شاسع، فالأول يعني أنهم أدرى من غيرهم بالإطار المعرفي للدين، أما الثاني فيعني أنهم يحتكرون الدين لصالحهم، وأنهم واسطة بين الله وعباده وأنهم ظلال الله على الأرض، وأن كل اجتهاد يصدر منهم هو مقدس ومطلق، وهذا يتنافى مع روح الشريعة التي لا تضفي أي قداسة إلا على كتاب الله والسنة النبوية الصحيحة.
وكما قال الإمام مالك رحمه الله: "كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر" -يقصد بصاحب هذا القبر النبي صلى الله عليه وسلم-، إن ما يميز هذا الدين هو صفائه وخلوه من أي تعقيدات أو وسائط بشرية بين العبد وربه، فلماذا نعكر صفوه بتلبيسه ما ليس فيه من أفكار وثقافات قديمة؟
- التصنيف: