إحياء - (133) سُنَّة النظر إلى الأرض في الصلاة

منذ 2015-01-25

من علامات الخشوع في الصلاة النظر إلى الأرض، وعدم رفع البصر إلى السماء أو الالتفات، فكانت هذه هي سِمَة رسول الله في الصلاة في كل أركانها..

من علامات الخشوع في الصلاة النظر إلى الأرض، وعدم رفع البصر إلى السماء، أو الالتفات هنا أو هناك؛ فقد روى الحاكم -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى «رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ» فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2]، «فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ»".

فكانت هذه هي سِمَتُه صلى الله عليه وسلم في الصلاة؛ وذلك في كل أركانها، ويشمل ذلك الرفع من الركوع حيث يرفع بعض الناس أبصارهم إلى السماء وهم يحمدون الله، وهذا مخالف للسُّنَّة، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم تهديد شديد لمن يفعل ذلك؛ فقد روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاَةِ، أَوْ لاَ تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ».

وشَدَّد في رواية أخرى على فاعلي ذلك؛ ففي رواية أبي داود -وقال الألباني: صحيح- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلاَتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ».

ونبَّه الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك إلى الشيء نفسه أثناء الجلوس للتشهُّد؛ فقد روى النسائي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: "أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يُحَرِّكُ الْحَصَى بِيَدِهِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لاَ تُحَرِّكِ الْحَصَى وَأَنْتَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَكِنِ اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ. قَالَ: وَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ فِي الْقِبْلَةِ، وَرَمَى بِبَصَرِهِ إِلَيْهَا أَوْ نَحْوِهَا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ".

فلنحرص على هذه السُّنَّة الخاشعة، ولْنختم حديثنا عنها بتفسير سرِّ الالتفات الذي يفعله بعض المصلِّين في صلاتهم؛ سواء يمينًا أو يسارًا أو إلى أعلى؛ فقد روى البخاري عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ»"!

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 1
  • 0
  • 9,029
المقال السابق
(132) سُنَّة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
المقال التالي
(134) سُنَّة الإكثار من الحوقلة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً