بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم الغناء والموسيقى
فالواجب على هذا الكاتب أحمد المهندس أن يتوب إلى الله - تعالى -مما كتب، ولا يقول على الله وعلى رسوله بغير علم فإن القول على الله بغير علم قرين الشرك في كتاب الله، وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وأله وصحبه.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على مقال نشر في الملحق لجريدة المدينة، الصادر يوم الأربعاء الموافق 30/9/1420هـ، بعنوان: "ونحن نرد على جرمان" بقلم: أحمد المهندس رئيس تحرير العقارية يتضمن إباحة الغناء والموسيقى، والرد على من يرى تحريم ذلك ويحث المهندس على إعادة بث أصوات المغنين والمطربين الميتين تخليداً لذكراهم وإبقاء للفن الذي قاموا بعمله في حياتهم، ولئلا يحرم الأحياء من الاستماع بسماع ذلك الفن ورؤيته، وقال: ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة فقد كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج والأفراح ثم قال: وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها البعض في منع الغناء والموسيقى لا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي، أو منع أمر لا يوافق عليه البعض، ثم ذكر آراء لبعض العلماء كابن حزم في إباحة الغناء، وللرد على هذه الشبهات تقرر اللجنة ما يلي:
أولاً: الأمور الشرعية لا يجوز الخوض فيها إلا من علماء الشريعة المختصين المؤهلين علمياً للبحث والتحقيق، والكاتب المدعو/ أحمد المهندس ليس من طلاب العلم الشرعي، فلا يجوز له الخوض فيما ليس من اختصاصه، ولهذا وقع في كثير من الجهالات، القول على الله - سبحانه - وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بغير علم، وهذا كسب للإثم، وتضليل للقراء كما لا يجوز لوسائل الأعلام من الصحف والمجلات، وغيرها أن تفسح المجال لمن ليس من أهل العلم الشرعي أن يخوض في الأحكام الشرعية ويكتب في غير اختصاصه حماية للمسلمين في عقائدهم وأخلاقهم.
ثانياً: الميت لا ينفعه بعد موته إلا مادل عليه دليل شرعي ومن ذلك ما نص عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، وأما المعاصي، التي عملها في حياته ومات وهو غير تائب منها، ومنها الأغاني فانه يعذب بها إلا أن يعفو الله عنه بمنه وكرمه، فلا يجوز بعثها وإحياؤها بعد موته لئلا يلحقه إثمها زيادة على إثم فعلها في حياته؛ لأن ضررها يتعدى إلى غيره كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة))، وقد أحسن أقاربه في منع إحياء هذه الشرور بعد موت قريبهم.
ثالثاً: وأما قوله: "ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى فهذا من جهله بالقرآن، فإن الله - تعالى - قال (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين)، قال أكثر المفسرين: معنى (لهو الحديث) في الآية الغناء، وقال جماعة آخرون: كل صوت من أصوات الملاهي فهو داخل في ذلك كالمزمار والربابة والعود والكمان وما أشبه ذلك وهذا كله يصد عن سبيل الله ويسبب الضلال والإضلال، وثبت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - الصحابي الجليل أحد علماء الصحابة - رضي الله عنهم - أنه قال في تفسير الآية: "إنه والله الغناء"، وقال: "إنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"، وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب وأنها وسيلة إلى شرور كثيرة وعواقب وخيمة، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله - في كتابه: [إغاثة اللهفان] الكلام في حكم الأغاني وآلات اللهو.
رابعاً: قد كذب الكاتب على النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث نسب إليه أنه كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج والأفراح، فإن الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه رخص للنساء خاصة فيما بينهن بضرب الدف والإنشاد المجرد من التطريب وذكر العشق والغرام والموسيقى، وآلات اللهو مما تشمل عليه الأغاني الماجنة المعروفة الآن، وإنما رخص بالإنشاد المجرد عن هذه الأوصاف القبيحة مع ضرب الدف خاصة دون الطبول وآلات المعازف ،لإعلان النكاح بل صح في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري أنه حرم المعازف بجميع أنواعها وتوعد عليها بأشد الوعيد، كما في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة ـ يأتيهم ـ يعني الفقير لحاجة فيقولن: ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة))، والمعازف الغناء وجميع آلاته، فذم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم من يستحلون الحر وهو الزنا ويستحلون لبس الحرير للرجال وشرب الخمور ويستمعون الغناء وآت اللهو، وقرن ذلك مع الزنا والخمر ولبس الرجال للحرير، مما يدل على شدة تحريم الغناء وتحريم آلات اللهو.
خامساً: وأما قوله: وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها من منع الغناء والموسيقى ولا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق عليه البعض، فهذا من جهله بالسنة فالأدلة التي تحرم الغناء بعضها في القرآن وبعضها في صحيح البخاري كما سبق ذكره وبعضها في غيره من كتب السنة وقد اعتمدها العلماء السابقون واستدلوا بها على تحريم الغناء والموسيقى.
سادساً: ما ذكره عن بعض العلماء من رأي في إباحة الغناء فإنه رأي مردود بالأدلة التي تحرم ذلك والعبرة بما قام عليه الدليل لا بما خالفه فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فالواجب على هذا الكاتب أحمد المهندس أن يتوب إلى الله - تعالى -مما كتب، ولا يقول على الله وعلى رسوله بغير علم فإن القول على الله بغير علم قرين الشرك في كتاب الله، وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وأله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس / عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
عضو / عبدالله بن عبدالرحمن الغديان
عضو / بكر بن عبدالله أبو زيد
عضو / صالح بن فوزان الفوزان
- التصنيف:
- المصدر: