وماذا بعد؟ ألم يأن للمسلمين؟!
نحتاج فعلًا إلى آليات عملية لا انفعالات مؤقتة، فإظهار سماحة الاسلام بين الشعوب غير المسلمة سيكون له بطبيعة الحال الأثر الإيجابي الفعال
إن مراجعة النفس والعودة إلى تحديد دورنا وواجبنا في الدفاع عن هذه الإساءات للنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ضروري، بكونها إهانات لكل المسلمين، فهو القدوة لنا في هذه الحياة، وعقيدتنا لا تسمح العبث فيها، وأستحضر هنا ما قاله الشافعي رحمه الله:
فلا يضر نهر الفرات يومًا إذا خاض بعض الكلاب فيه
لو كل كلب عوى ألقمته حجرًا لصار الصخر مثقال بدينار
وبعيدًا عن ردود الأفعال العاطفية، وبيانات الرفض والشجب، والإدانات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، والتي صارت تصدر على استحياء! أي ذل وأي خنوع تعيشه الأمة الاسلامية اليوم؟!
أردت أن أشخص واقعنا بالحرف مع هذه الإساءات والاستفزازات، وما موقعنا نحن كمسلمين منها، وما المرجو والمنتظر منا؟
إن هذه الأمة التي مدحها المنان في كتابه العزيز بكونها خير أمة أخرجت للناس، أليست قادرة على أخذ زمام المبادرة الشجاعة والدور الهام والريادي للفداء والتضحية؟ من أجل الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وبطرق أكثر فاعلية من المواجهة المباشرة، وتصور هذه الأحداث بنوع من الإيجابية؛ أليست هذه الأحداث ستجعل غير المسلمين يتساءلون: من محمد هذا؟
الناظر في هذه الوقائع المتتالية وما يتجلى حاليًا في حادثة (شارلي إيبدو) والفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، والتي لا تستدعي التهاون، وضرورة التصدي لها بالمواجهة الغير المباشرة.
نحتاج فعلًا إلى آليات عملية لا انفعالات مؤقتة، فإظهار سماحة الاسلام بين الشعوب غير المسلمة سيكون له بطبيعة الحال الأثر الإيجابي الفعال، وذلك بوضع المسؤولية على عاتق النخب؛ المتمثلة في العلماء والكتاب والمفكرين، لتغيير الخطاب مع الغرب، على حسب ما يوافقهم ويناسبهم؛ كإطلاق مشروع للتعريف بالرسول عليه الصلاة والسلام على الشبكة العنكبويتة بمختلف اللغات، وتأليف سيرة نبوية لغير المسلمين مفصلة تتضمن ما جاء به نبي الرحمة، وفق مفاهيمهم الغربية؛ التي يتبجحون بها ويحاولون فرضها علينا، مثل الحرية، الديموقراطية.
وفي الأخير نحن من نحدد أولوياتنا وما نريد، بناءً على ما نحتاجه، ثم ننطلق نحوه، فلكل مقام مقال، ومن الضروري أن ندرك متى نحارب ونعادي، ومتى نصالح ونهادن، وثقتنا بأنفسنا وقدرتنا على أن نكون ما نريد اعتمادًا على ذواتنا لا غيرنا، ولا فلاح لنا إن لم نسر على هدي المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم، ونتبع خطاه، والطريق التي سار عليها.
بقلم/ أمين أمكاح