سُكْر الغَفلة

منذ 2015-02-01

إن السُكر هنا يمكِن أن يُحمل على محمل (سُكْر الغفلة)؛ وهو عدم استحضار العقل والقلب للصلاة، والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية.

تمهيد:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء:43].

تتحدث الآية الكريمة عن نهي المؤمن عن الصلاة حال السُكْر , وهناك من العلماء من يقول أن الآية منسوخة؛ إذ أنها نزلت قبل تحريم الخمر، لكني لا أرى مبررًا لدعوى نسخها، إن كانت الدعوى مبنية على تعارض في الحُكم! فالآية لا تحلل المُسكِرات حتى تتعارض مع آيات تحريم الخمر، لكنها تحرم الصلاة إن كان المسلم سكرانًا.

أويكون المسلم سكرانا؟!

نعم، ربما!

فتعاطي مُسكِرًا لا يُخرج من المِلَّة، وإن كان كبيرة عظمى!

والسؤال هو: ما حُكم المسلم الذي تعاطى مُسكِرًا، ويريد أن يصلي وهو ليس في كامل وعيه؟

إن نُسخِت الآية فما حُكمُه؟

أم أن هذه الحالة يستحيل حدوثها؟

* حكمه -كما أراه جليًا في الآية-: أنه ينبغي ألا يقرب الصلاة حتى يعلم ما يقول، وينبغي -من الآيات الأخرى- أن يتوب عن كبيرة التعاطي، فلا تعارض بين الحكمين!

- سُكْر الغَفلة:

هذا لو فهمنا أن السُكر أنه هو السُكر الصريح الواقع من الخمور والمخدرات فقط، إلا أني لمحت لطيفةً في الآية الكريمة؛ وهي أن السُكر هنا يمكِن أن يُحمل على محمل (سُكْر الغفلة)؛ وهو عدم استحضار العقل والقلب للصلاة، والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية؛ التي يزداد ضجيجها جَلَبَة وصخبًا كلما انغمر الإنسان أكثر وأكثر؛ في بحار التكنولوجيا المائجة، وكلما سقط أكثر وأكثر؛ في بئر الشهوات لغير ذي قاع!

ونلمح هنا أمرين ونهيًا:

1- أمرًا بطرد الشواغل؛ (المُسكرات التغافلية) إن صح التعبير، واستحضار العقل، والقلب في الصلاة.

2- أمرًا بتنقية القلب؛ مما علق به من الشوائب المُظلِمة للشهوات المُسكِرات، وذلك بالتوبة النصوح.

3- نهيًا عن الصلاة في حضرة ما يُشغِل عنها؛ كما صح مثلًا في (صحيح مسلم)؛ عن الرسول صلى الله عليه وسلم:  «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان».

والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 1
  • 0
  • 1,201

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً