كيفية صلاة الاستخارة
محمد صالح المنجد
قوله: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها"، قال ابن أبي جمرة: هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه.
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:
كيف تكون صلاة الاستخارة؟ وما هو الدعاء الذي يقال فيها؟
الجواب: الحمد لله..
صفة صلاة الاستخارة قد رواها جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِيُّ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ: « » (رواه البخاري:6841 وله روايات أخرى في الترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة، وأحمد).
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث:
الاستخارة: اسم، واستخار الله طلب منه الخِيَرة، والمراد طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما.
قوله: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها"، قال ابن أبي جمرة: هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه.
قلت: ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم.
قوله: « »، وقع في حديث ابن مسعود: « ».
قوله: « »، فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلاً، وقال النووي في (الأذكار): "لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلاً أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة، ويظهر أن يقال: إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معا أجزأ، بخلاف ما إذا لم ينو".
وقال ابن أبي جمرة: "الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة، فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه، والافتقار إليه مآلا وحالاً".
وقوله: « » ظاهر في أن الدعاء المذكور يكون بعد الفراغ من الصلاة، ويحتمل أن يكون الترتيب فيه بالنسبة لأذكار الصلاة ودعائها، فيقوله بعد الفراغ وقبل السلام.
قوله « »، الباء للتعليل أي لأنك أعلم، وكذا هي في قوله: « »، ويحتمل أن تكون للاستعانة.. وقوله: « »، معناه أطلب منك أن تجعل لي قدرة على المطلوب، ويحتمل أن يكون المعنى أطلب منك أن تقدِّره لي، والمراد بالتقدير التيسير.
قوله: « »، إشارة إلى أن إعطاء الرب فضل منه، وليس لأحد عليه حق في نعمه كما هو مذهب أهل السنة، قوله: « »، إشارة إلى أن العلم والقدرة لله وحده، وليس للعبد من ذلك إلا ما قدّر الله له، قوله: « »، في رواية: « »، وظاهر سياقه أن ينطق به، ويحتمل أن يكتفي باستحضاره بقلبه عند الدعاء.
قوله: « »، أي نَجِّزه لي، وقيل معناه يسره لي.
قوله: « »، أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلقًا به، قوله: « »، أي اجعلني بذلك راضيًا فلا أندم على طلبه، ولا على وقوعه، لأني لا أعلم عاقبته وإن كنت حال طلبه راضيًا به.
والسرّ فيه أن لا يبقى قلبه متعلقًا به فلا يطمئن خاطره، والرضا سكون النفس إلى القضاء.
(انتهى ملخّصا من شرح الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث في كتاب الدعوات وكتاب التوحيد من صحيح البخاري).