كوني داعية بأفعالك

منذ 2015-02-16

إن الذي ينحدر للهتافات على الملذات ذلك الذي رضي لنفسه أن يعيش دائماً في القاع، وأما من يرقى في سلم الطاعات ومجاهدة الملذات فذلك صاحب الإمامة في الدين وقدوة المتقين ومضرب الأمثال للعاملين، رجلا كان أو امرأة..(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ)(التحريم: من الآية11)..وكذلك(وَمَرْيَمَ أبنت عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا)(التحريم: من الآية12).

إن الذي ينحدر للهتافات على الملذات ذلك الذي رضي لنفسه أن يعيش دائماً في القاع، وأما من يرقى في سلم الطاعات ومجاهدة الملذات فذلك صاحب الإمامة في الدين وقدوة المتقين ومضرب الأمثال للعاملين، رجلا كان أو امرأة..(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ)(التحريم: من الآية11)..وكذلك(وَمَرْيَمَ أبنت عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا)(التحريم: من الآية12).

لذلك فإننا في ظل الظروف الحالية والمرحلة الخطيرة المقبلة بحاجة ماسة إلى قدوات من نساء فقهن دينهن ووعين دورهن في المجتمع إذ أن هناك مجالات وميادين نسائية كثيرة تفتقر إلى التوجيه القيادي العملي ولا سيما في مجالي التربية في البيوت والتعليم في المدارس والجامعات. ومع ذلك فهناك من النساء الرائدات كان لهن التأثير الكبير بفضل الله على أزواجهن وأسرهن وطالباتهن من خلال أسلوب القدوة الفعال. 

ومع أن الصحوة العلمية والحركة الدعوية في أوساط النساء قد بلغت في وقتنا الحاضر من القوة والنشاط بما لم يسبق له مثيل فيما مضى، إلا أنه لا يزال الأمر محصور في طبقة المتدينات والراغبات في الخير إجمالاً بينما هناك في أوساط النساء جماعات كثيرة وشريحة ضخمة لا يبلغهن ذلك الخير ولا تصلهن الدعوة فكيف في الغالب بسبب الغفلة والانشغال بأمور الدنيا؟

فكيف يمكن إيصال الدعوة إليهن والتأثير عليهن؟

إنه عن طريق القدوة الصالحة لتلك المرأة الواعية الفاضلة التي لابد أن تكون موجودة بين صفوف أولئك النسوة.

فلذلك أيتها الموفقة يا من هداك إلى طاعته وبين لك سبيله يا طالبة العلم الشرعي يا من نشأت في بيوت الصلاح والدعوة يا أم وزوجة وأخت وبنت الداعية يا نساء بيوت العلم والصحوة.

إلى المثل التي يحتذي بها غيرها من النساء إلى القدوة الصالحة لغيرها من المؤمنات إلى المثال الحي الواقعي لحياة ملأتها المغريات والملهيات حتى ظن بعض المفتونات أن بلوغ ذلك المستوى من تكوين الذات وإنشاء مثل تلك البيوت من الأمور المستحيلةّ!

إليك أختي القدوة الداعية بأفعالك هذه التوصيات والتنبيهات:

1- إن مما يساعد المرأة المسلمة على الارتقاء بذاتها إلى درجة القدوة أن تتخذ مع اقتدائها بنبيها وسلفها الصالح- من بعض من تلقاه من الصالحات العالمات بدينهن مثلاً تقتدي به، لأنها لابد وأن تجد فيمن عاشرته وتلقت عته وسمعت وهدى فائق يجذبها إليه، فتستطيع من خلال التأمل أن تقف على أفضل ما يحمله من حولها من الصالحين والصالحات من صفات ثم تستلهم من ذلك الدافع القوي لتربية ذاتها، فقد تجد عند البعض حسن التعامل مع الآخرين كالصفح عن المسيء وحسن الظن ولطف الخطاب وسعة الصدر والتواضع وإنكار الذات، وقد تلمح عند أخريات مظهرها المتلائم مع دينها مع احتفاظها ببهائها وجمالها ونظافتها كل ذلك من غير إسراف ولا مخيلة. ولهذا التوجيه أصل عظيم في كتاب الله - تعالى - ذحيث قال الله - تعالى -أمراً نبيه بالنظر في أحوال وأوصاف الأنبياء قبله متخذاً هديهم أسوة له فقال - تعالى -: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (الأنعام: من الآية90).

2- لابد أن تكوني واضحة وصادقة مع نفسك لاكتشاف نوعية التصرف والخطأ الذي لا يصلح معه أن تكوني قدوة ويسقط هيبتك الدينية ومن ثم انتفاعهم بكلامك، بل قد يكون ذلك سبباً في فتنة الآخرين وضلالهم تأسياً بخطئك، وذلك الأمر يتطلب الوقوف على النفس بالمحاسبة ومراجعة الذات ثم العمل على تهذيبها ومجاهدة ما شق عليها.

3- الحذر من بعض الأمور الدارجة في هذا العصر التي تهافت عليها الكثير من النساء لقصورهم العلمي ونقص ديانتهم فأصبحت في بعض المجتمعات والأسر من المشاهد والظواهر المألوفة مع مخالفتها الصريحة للدين وبيان حكم تحريمها ولكن لغلبه ممارستها وكثرة الوقوع فيها أستسهلها وتأثر بها كثير من الصالحات والقدوات، وشاكلن الجاهلات في ذلك فأختلط الأمر على العامة وتلبس الباطل والمنكر بلبوس الحق والمعروف.

ومن ذلك:

- ما يتعلق بالمظهر واللباس سواء في لبس الحجاب عند الخروج أو لبس الثياب والزينة عند النساء فأما مظاهر القصور والخلل في الحجاب متنوعة منها التساهل في لبس النقاب الواسع والبرقع وانتشار ذلك ولبس العباءة أو الجلباب الضيق والمزخرف بالزينة والتساهل في ستر القدمين والساقين بالجوارب ولنا في عائشة - رضي الله عنها - أسوة حسنة عندما كانت تشد خمارها حياءً من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو ميت في قبره عندما كانت تدخل البيت الذي دفن فيه. وأما التساهل في المطهر واللباس والزينة بشكل عام فقد عمت بها البلوى في أوساط بيوت المسلمين وتقلد حملها ووزرها كثيرات ممن هم مظنة القدوات لغيرهن. فلبسن الملابس الضيقة المحجمة لأجسادهن بشكل تأباه الفطرة السليمة ويحرمه الدين القويم كما صح في حديث الكاسيات العاريات. وكذلك الملابس شبه العارية التي تكشف عن أجزاء من الجسم شانها أن تستر. وللأسف لقد كان النكير من قبل على عامة النساء اللواتي وقعن في هذه المظاهر الخداعة من التقليد الساذج للغرب، ولكن للأسف نجد هذه المظاهر انتقلت إلى كثير من الصالحات وتساهلن بها في أنفسهن وفي أهليهن.

- كثرة الخروج للأسواق والتجوال بها وكذلك الملاهي والمطاعم التي تكثر فيها المنكرات وتجمع الفساق والأصل قرار المرأة في بيتها(وقرن في بيوتكن).

-  السفر بغير محرم وفي الحديث المتفق عليه (لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم).

- الخلوة مع الرجل الأجنبي كالبائع في المحل والطبيب في العيادة والسائق في السيارة لحديث(لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).

- التعطر عند الخروج من المنزل أو أثناء الزيارات والتجمعات النسائية وتقديم العطر والبخور لهن ومنهن من ستركب سيارتها مع سائق أجنبي يجد ريحها ونسيت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -(أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية).

- الاختلاط بالرجال في البيوت بالجلسات الأسرية أو إقرار ذلك أثناء جلوسها معهم والسماح للبنات بمخالطة الشباب الذكور من الأسر القريبة مع غياب الغيرة على الأعراض وعدم مراقبة المولى جلا وعلا.

- الإسراف العام في شؤون الحياة المبالغة في الاهتمام بالتوافه من أمر الدينا كتزيين المنازل واقتناء الأواني والإسراف في الملابس والحلي والولائم على وجه التفاخر والتكاثر المحرم والذي غرق فيه أرباب الدنيا- نسأل الله العافية.

4- إن الفرق الذي بيننا وبين أسلافنا وقدواتنا الصالحة أن المسلمات كن جميعاً قدوات بعضهن لبعض (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وذلك بسبب قوة علاقتهن بالله - تعالى -ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف كانت القلوب بالله متصلة وحريصة على تأدية أمانة هذا الدين، والآن قل أن نجد هذه البواعث فينا إلا من - رحمه الله - لغلبة الغفلة والتعلق بالدنيا وشهواتها، وكلما بعد الزمان عن زمن المصطفى صلى اله عليه وسلم ازداد هذا الجهل وقل التأثر وتساهل الناس في أداء الأمانة وغابت قيادة القدوة قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).

5- وفي الختام أذكر أختي المسلمة فأقول: تأملي سيرة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - القدوة.. - صلى الله عليه وسلم -، ادرسيها لعلها تكون زادك إلى الله والدار الآخرة وكذلك سير أسلافك من الصالحين العابدين العالمين من رجال ونساء طلباً لشحذ همتك ودفعاً لنفسك للتأسي بهم.

سائلين ربنا ومولانا - جل وعلا - أن يتولانا فيمن تولى من عباده الصالحين ويدخلنا برحمته في زمرة أوليائه أئمة الهدى. ونسأله - جل وعلا - أن يجعلنا للمتقين إماما.

أسماء راشد الرويشد

  • 1
  • 0
  • 8,280

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً