ذبح السنة على أعتاب بيته وجلس يأكل الحلوى!
سعيد السواح
لا تنظر إلى ما عليه الناس من البدع والأهواء، واسلك سبيل الحق، ولا تستوحش من قلة أهله. وكما قال هاشم بن عروة- رحمه الله - في وصفه لأحوال أهل البدع والأهواء: "لا تسألوا الناس عما أحدثوه في الدين، فقد أعدوا لذلك جواباً، ولكن سلوهم عن السنة فإنهم لا يعرفونها".
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
أيها المسلم الحبيب:
هل اشتركت مع من قام بذبح السنة على أعتاب بيته، ثم جلس يأكل الحلوى؟
أيها الحبيب: لا تتعجل في الإجابة ولكن أخر هذه الإجابة إلى ختام الكلام.
فنقول: لو أمعنت النظر في ما شرع الله لنا مما تضمنه الكتاب وبينته السنة لعلمت أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - تركنا على المحاجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك أليس كذلك؟
- سجل اعترافك بذلك.
ثم نقول: إن الله - تعالى - قد بين للناس قواعد الدين وأكملها كما قال - تعالى -: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].
- فهل أنت تعترف بان الله - تعالى - قد أكمل لنا هذا الدين بما أنزله في كتابه أو بينه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - مما بلغ من الأحكام، وبين لنا من حلال وحرام؟
- وهل ترى أن هناك تقصير فيما شرع الله لنا؟
- هل هناك أحكام لم يشتمل عليها القران أو قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبليغها علينا؟
فما عليك أيها الحبيب: إلا أن تسجل اعترافك بأنه كما قال - سبحانه -: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) [الأنعام: 38].
ونقول أيضاً: إن الله - تعالى - قد أمرنا باتباع سبله وما شرع من الدين القويم، ونهى عن اتباع غير سبيل المؤمنين، فقال - تعالى -: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ)[الأنعام: 153].
فحث الله على اتباع سبيله الذي هو الكتاب والسنة، ونهى في نفس الوقت عن اتباع السبل التي يقف على رأس كل سبيل منها شيطان يدعو إليها.
ولقد نادى الله على محبيه فقال: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران: 31].
فقد جعل الله علامة محبته - سبحانه - في اتباع نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن لم يتبع الرسول وادعى محبة الله - تعالى - فهو كاذب في دعواه، فان عصيان الرسول –صلى الله عليه وسلم- عصيان لله - تعالى – (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) [النساء: 80].
وعصيان الله ينافي محبيه، فكل من ادعى محبة الله ورسوله ولم يوافقه في أمره، ولم ينته عن نهيه فدعواه باطلة.
فنحن أيها الحبيب: لا نشك في أنك لا تخالفنا في ما قلنا، بل تتفق معنا، أليس كذلك؟.
أما سمعت أيها الحبيب قول حبيبك وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: ((تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي)).
ولتعلم أيها الحبيب: إن الدين هو ما شرعه الله - تعالى -، فالدين هو ما شرعه الله - تعالى - على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - الصادق الأمين، سواء كان من العقائد أو العبادات أو المعاملات.
وإنه -جل ثناؤه- كما علمنا كيف نعبده ونتقرب إليه بما يصلح قلوبنا ويهذب نفوسنا من أنواع القرب كالصلاة والزكاة والصيام وغيره، فقد رسم لعباده في نوع العبادات رسوماً لبيان كميتها وكيفيتها، وأوجب عليهم أن يقفوا عندها، وحرم عليهم أن يتعدوها؛ لأنه - تعالى - أعلم بم يصلح أرواحهم، ويذهب ويزكي نفوسهم، فكان المرجع إليه - سبحانه - والى رسوله - صلى الله عليه وسلم - في بيان ذات العبادة وكيفيتها.
وليس لأحد كائنا من كان أن يخترع عبادة، أو أن يحدث فيها هيئة من عند نفسه بزعم لتقرب بها إلى مولاه، ذلك بأن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الاستحسان والابتداع، فكل عبادة لم يتعبدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه فلا تتعبدوها، فما قولك أيها الحبيب في ذلك؟ أتقر لله بذلك؟
فليس لنا سبيل إلا الإقرار لله - تعالى - بذلك، وأن العبادات لا تعرف إلا من طريق النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فما ظنك أيها الحبيب: بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم- ؟ .
- أتظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك بعض العبادات ولم ينتبه إليها؟.
- أتظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك بعض العبادات تكاسلاً منه؟.
- أتظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك شيئاً نافعاً يعود على أمته بالرحمة ولم ينبه له؟
- أتظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك شيئاً يقربنا إلى الله ولم يأمرنا به؟.
- أتظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك شيئاً يبعدناً عن الله ولم ينهانا عنه؟.
- هل يعقل ذلك أم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغ ونصح وحذر وانذر؟.
أليس هو القائل: ((ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله - تعالى - إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله - تعالى - إلا وقد نهيتكم عنه)).
فما قولك أيها الحبيب: فيما اعتاد الناس على فعله بما يسمونه الاحتفال برأس السنة الهجرية، والاحتفال بالمولد النبوي، والاحتفال بالإسراء والمعراج، و...، و....
فهل احتفل النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو احتفل الصحابة - رضي الله عنهم - من بعده بمثل هذه المناسبات؟ أم إن الناس قد فطنوا لما غفل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وغفل عنه الصحابة؟
قد يقول قائل: هذا من باب حب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فنقول: وهل محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تكن بمخالفته وعدم اتباع سنته أم باتباعه واتباع ما سن لنا من عبادات؟
قد يقول قائل: والمانع من ذلك؟
أقول لك: اسمع إلى قول حبيبك - صلى الله عليه وسلم -: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
هل تحتاج إلى رد أبلغ من رد النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله - تعالى - في شأنه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [الحشر: 7].
وقد يقول قائل: نحن نفعل ما يفعل الناس، وما توارثناه عن آباءنا وأجدادنا.
فنقول لك: اسمع إلى قول مولاك: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْه آبَاءنَا
أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) [البقرة: 170].
فلا تنظر أيها الحبيب:
لا تنظر إلى ما عليه الناس من البدع والأهواء، واسلك سبيل الحق، ولا تستوحش من قلة أهله. وكما قال هاشم بن عروة- رحمه الله - في وصفه لأحوال أهل البدع والأهواء: "لا تسألوا الناس عما أحدثوه في الدين، فقد أعدوا لذلك جواباً، ولكن سلوهم عن السنة فإنهم لا يعرفونها".
ثم نقول: وهل يعقل أن يكون صورة الاحتفال بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تتمثل إلا في الصورة التي نملأ بها البطون، ثم باقي حياتنا نكون فيها أبعد ما نكون عن هديه - صلى الله عليه وسلم -؟!
أيها المسلم الحبيب:
- ما حالك وما قرارك بعدما علمت أن الدين هو ما شرعه الله - تعالى - على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟
- وما حالك وما قرارك بعدما علمت أن الله أكمل لنا الدين ولم يكن هناك خلل أو تقصير في أي جانب من الجوانب؟
- وما حالك وما قرارك بعدما علمت إن محبة العبد لربه لا تترجم إلا عن طريق اتباع العبد لرسوله - صلى الله عليه وسلم -؟
- وما حالك وما قرارك بعدما علمت من قول نبيك وحبيبك محمد - صلى الله عليه وسلم -: ((من عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))؟.
- أما زلت مصراً على ما أنت عليه؟
- أما زلت مصراً على العناد والاستكبار؟
- أم أنك ستكون المسلم المطيع لأوامر ربه المتبع لهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟
ولتحذر أن تكون أيها الحبيب: على صورة هذا الرجل الذي كان يأكل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل بيمينك)) قال: "لا أستطيع"، قال: ((لا استطعت))، فما رفعها إلى فيه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما منعه إلا الكبر)).
فلقد دعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استكبر على تطبيق وتنفيذ ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
أيها المسلم الحبيب: هل ترغب في شربة ماء بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - من حوضه يوم القيامة؟
فعليك: بالاتباع حتى تمكن من تحقيق ذلك، وإلا كانت الأخرى أن يقال لك: ((بعداًً بعداً، سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي)).
فلتحذر: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].