الطهور عائشة .. مبرأة من كل فاحشة

منذ 2015-02-16

إنّ زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - من السيدة عائشة - رضي الله عنها - كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق وهذا دليل على أنها كانت في سن زواج.

قال -تعالى-: (إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً) صدق الله العظيم سورة النور - آية 11-19

عائشة بنت أبي بكر..أم المؤمنين أجمعين

أولاً... نسبها الكريم

** أبوها: أبو بكر بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

** أمها: أم رومان بنت عامر بن عمير بن ذهل بن دهمان بن الحارث بن تيم بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

** ولدت في الإسلام، بعد البعثة النبوية بأربع أو خمس سنوات.

ثانيا... زواج المصطفى - عليه السلام - من السيدة الطاهرة عائشة

** بادئ ذي بدء نقول: أن أم المؤمنين عائشة عندما خطبها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن هو أول المتقدمين لخطبتها بل سبقه غيره، فقد ذكر بعض المؤرخين أن جبير بن المطعم بن عدي تقدم لخطبة عائشة، وعلى هذا: فأم المؤمنين كانت في عمر الزواج، وكانت تطيقه فلا غرو إذاً أن يخطبها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

** ويذكر سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء ظروف نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم المؤمنين عائشة فيقول سماحته:

" أولاً: إنّ زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - من السيدة عائشة - رضي الله عنها - كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق وهذا دليل على أنها كانت في سن زواج.

ثانياً: أنّ السيدة عائشة - رضي الله عنها - كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة.

ثالثاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول - صلى الله عليه وسلم - الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.

رابعاً: أنّ السيدة عائشة - رضي الله عنها - لم تكن أول صبيّة تُزفّ في تلك البيئة إلى رجل في سنّ أبيها، ولن تكون كذلك أُخراهنّ. لقد تزوّج عبد المطلب الشيخ من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة وهي آمنة بنت وهب.

** ثمّ لقد تزوّج سيدنا عمر بن الخطّاب من بنت سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وهو في سنّ جدّها، كما أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب يعرض بنته الشابة حفصة على سيدنا أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعائشة - رضي الله عنها -.

** ولكنّ نفراً من المستشرقين يأتون بعد أكثر من ألف وأربع مائة عام من ذلك الزواج فيهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهل والطفولة، ويقيسون بعين الهوى زواجاً عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين.

** ويجب الانتباه إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو في سنّ الثامنة عادة، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة. وأياً ما يكون الأمر فإنّه - عليه الصلاة والسلام - لم يتزوّج السيدة عائشة - رضي الله عنها - من أجل المتعة، وهو الذي بلغ الخامسة والخمسين من عمره، وإنّما كان ذلك لتوكيد الصلة مع أحبّ الرجال إليه عن طريق المصاهرة، خاصّة بعد أن تحمّل أعباء الرسالة وأصبحت حملاً ثقيلاً على كاهله، فليس هناك مجال للتفكير بهذا الشأن.

** ولو كان - عليه الصلاة والسلام - همّه النساء والاستمتاع بهنّ لكان فعل ذلك أيّام كان شاباً حيث لا أعباء رسالة ولا أثقالها ولا شيخوخة، بل عنفوان الشباب وشهوته الكامنة.

** غير أنّنا عندما ننظر في حياته في سنّ الشباب نجد أنّه كان عازفاً عن هذا كلّه، حتّى إنّه رضي بالزواج من السيدة خديجة - رضي الله عنها - الطاعنة في سنّ الأربعين وهو ابن الخامسة والعشرين.

** ثمّ لو كان عنده هوس بالنساء لما رضي بهذا عمراً طويلاً حتّى تُوفّيت زوجته خديجة - رضي الله عنها - دون أن يتزوّج عليها، ولو كان زواجه منها فلتة فهذه خديجة - رضي الله عنها - توفّاها الله، فبمن تزوّج بعدها؟ لقد تزوّج بعدها بسودة بنت زمعة العامرية جبراً لخاطرها وأنساً لوحشتها بعد وفاة زوجها، وهي في سنّ كبير، وليس بها ما يرغّب الرجال والخطّاب، هذا يدلّ على أنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان عنده أهداف من الزواج إنسانية وتشريعية وإسلامية ونحو ذلك.

** ومنها أنّه عندما عرضت عليه خولة بنت حكيم الزواج من عائشة فكّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيرفض بنت أبي بكر، وتأبى عليه ذلك صحبة طويلة مخلصة، ومكانة أبي بكر عند الرسول والتي لم يظفر بمثلها سواه.

** ولمّا جاءت عائشة - رضي الله عنها - إلى دار الرسول - صلى الله عليه وسلم - فسحت لها سودة المكان الأول في البيت، وسهرت على راحتها إلى أن توفّاها الله، وهي على طاعة الله وعبادته، وبقيت السيدة عائشة - رضي الله عنها - بعدها زوجة وفيّة للرسول - صلى الله عليه وسلم - تفقّهت عليه حتّى أصبحت من أهل العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية.

** وما كان حبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - للسيدة عائشة - رضي الله عنها - إلاّ امتداداً طبيعياً لحبّه لأبيها - رضي الله عنهما -.

** ولقد سُئل - عليه الصلاة والسلام -: من أحبّ الناس إليك؟ قال: ((عائشة قيل: فمن الرجال؟ قال: أبوها)) هذه هي السيدة عائشة - رضي الله عنها - الزوجة الأثيرة عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأحبّ الناس إليه.

** لم يكن زواجه منها لمجرّد الشهوة، ولم تكن دوافع الزواج بها المتعة الزوجية بقدر ما كانت غاية ذلك تكريم أبي بكر وإيثاره وإدناؤه إليه وإنزال ابنته أكرم المنازل في بيت النبوّة.

** ونقول..

** تزوجها رسول الإسلام محمد بن عبد الله بعد وفاة زوجته الأولى أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وزواجه من أم المؤمنين سودة بنت زمعة العامرية القرشية، وكان ذلك قبل الهجرة بسنتين، ورغم ورود أن عمرها كان ست سنين، حين تزوجها الرسول وتسع سنين حين بنى بها كما في البخاري ومسلم إلا أن هذا ورد على لسانها فقط بعد أن كبرت في السن، ولم يرد على لسان الرسول ذلك، ولذلك كان هذا موضع جدل لدى العلماء؛ إذ قال بعضهم مثل الشيخ خالد الجندي: بان زواجه تم وهي أكبر من ذلك، خصوصاً وان تواريخ الميلاد لم تكن تدون آنذاك وسنها الحقيقي آنذاك أربعة عشر سنه تبعاً لقياس عمرها بعمر أختها الكبرى أسماء بنت أبي بكر، وقد عاشت مع الرسول ثمانية أعوام وخمسة أشهر.

** كما تقول بعض الروايات أن عائشة كانت تبلغ مبلغ النساء عندما تزوجها النبي محمد، كما أن ابن حجر روى عن أبي نعيم أن أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة الكبرى وُلدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، ومعنى ذلك أن عائشة كانت تبلغ سبعة عشر عاما تقريبا حين الهجرة أي حين تزوجها محمد؛ لأن أسماء تكبر عائشة بعشر سنوات.

** كما أن ابن قتيبة نصّ على أن عائشة توفيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين، وهذا يعني أنها كانت حين زواجها بمحمد في عمر الثلاثة عشر تقريباً؛ لأن الزواج تم قبيل الهجرة النبوية الشريفة.

ثالثا... علمها وتعليمها

** تعد عائشة -رضي الله عنها- من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه، وكانت -رضي الله عنها- مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا -رضي الله عنهم- يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم، حيث قال أبو موسى الأشعري: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً".

** وقد كان مقام السيدة عائشة بين المسلمين مقام الأستاذ من تلاميذه، حيث أنها إذا سمعت من علماء المسلمين والصحابة روايات ليست على وجهها الصحيح، تقوم بالتصحيح لهم وتبين ما خفي عليهم، فاشتهر ذلك عنها، وأصبح كل من يشك في رواية أتاها سائلاً.

لقد تميزت السيدة بعلمها الرفيع لعوامل مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة، من أهم هذه العوامل:

1- ذكائها الحاد وقوة ذاكرتها، وذلك لكثرة ما روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

2- زواجها في سن مبكر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونشأتها في بيت النبوة، فأصبحت -رضي الله عنها- التلميذة النبوية.

3- كثرة ما نزل من الوحي في حجرتها، وهذا بما فضلت به بين نساء رسول الله.

4- حبها للعلم و المعرفة، فقد كانت تسأل و تستفسر إذا لم تعرف أمراً أو استعصى عليها مسائلة، فقد قال عنها ابن أبي مليكة: "كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه".

** ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الحجرة أول مدارس الإسلام وأعظمها أثر في تاريخ الإسلام، وكانت -رضي الله عنها- تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها، وذلك لما قاله مسروق: " سمعت تصفيقها بيديها من وراء الحجاب".

** لقد اتبعت السيدة أساليب رفيعة في تعليمها متبعة بذلك نهج رسول الله في تعليمه لأصحابه، من هذه الأساليب عدم الإسراع في الكلام وإنما التأني ليتمكن المتعلم من الاستيعاب، فقد قال عروة إن السيدة عائشة قالت مستنكرة: " ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعني ذلك، وكنت أسبِّح-أصلي-فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسرد الحديث كسردكم".

** كذلك من أساليبها في التعليم، التعليم أحياناً بالأسلوب العملي، وذلك توضيحاً للأحكام الشرعية العملية كالوضوء، كما أنها كانت لا تتحرج في الإجابة على المستفتي في أي مسائلة من مسائل الدين ولو كانت في أدق مسائل الإنسان الخاصة. كذلك لاحظنا بأن السيدة عائشة كانت تستخدم الأسلوب العلمي المقترن بالأدلة سواء كانت من الكتاب أو السنة، ويتضح ذلك في رواية مسروق حيث قال: "كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة! ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئا فجلست، فقلت: يا أم المؤمنين! أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله - عز وجل -: (ولقد رآه بالأفق المبين) [81 / التكوير / الآية - 23] (ولقد رآه نزلة أخرى) [53 / النجم / الآية - 13] فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (( إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء، سادّاً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض))

الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 177

** فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((إنما هو جبريل))

الراوي: عبد الله بن مسعود و عائشة - خلاصة الدرجة: صح عن عائشة وابن مسعود - المحدث: ابن القيم - المصدر: زاد المعاد - الصفحة أو الرقم: 3/33

** فقالت: أولم تسمع أن الله يقول: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) أو لم تسمع أن الله يقول: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌ حكيم).

** قالت: ومن زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول (قل لا يعلم من في السماوات و الأرض الغيب إلا الله)

وبذلك يتضح لنا بأن السيدة عائشة -رضي الله عنها-كانت معقلاً للفكر الإسلامي، وسراجاً يضيء على طلاب العلم. ولذكائها و حبها للعلم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبها ويؤثرها حيث قال: ((وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).

رابعا... السيدة المفسرة المحدثة

** كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عالمة مفسرة ومحدثة، تعلم نساء المؤمنين، ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدين، فقد هيأ لها الله - سبحانه - كل الأسباب التي جعلت منها أحد أعلام التفسير والحديث. وإذا تطرقنا إلى دورها العظيم في التفسير فإننا نجد أن كونها ابنة أبو بكر الصديق هو أحد الأسباب التي مكنتها من احتلال هذه المكانة في عالم التفسير، حيث أنها منذ نعومة أظافرها وهي تسمع القرآن من فم والدها الصديق، كما أن ذكائها و قوة ذاكرتها سبب آخر، ونلاحظ ذلك من قولها: " لقد نزل بمكة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وإني لجارية ألعب: (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده".

** ومن أهم الأسباب إنها كانت تشهد نزول الوحي على رسول الله، وكانت-رضي الله عنها-تسأل الرسول عن معاني القرآن الكريم وإلى ما تشير إليه بعض الآيات، فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي - صلى الله عليه وسلم - فور نزوله، وتلقي معانيه أيضاً من رسول الله، وقد جمعت -رضي الله عنها- إلى جانب ذلك كل ما يحتاجه المفسر كقوتها في اللغة العربية وفصاحة لسانها وعلو بيانها.

** كانت السيدة تحرص على تفسير القرآن الكريم بما يتناسب وأصول الدين وعقائده، ويتضح ذلك في ما قاله عروة يسأل السيدة عائشة عن قوله تعالى: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبُوا جاءهم نصرنا…) قلت: أ كُذِبُوا أم كُذِّبُوا؟ قالت عائشة: كُذِّبُوا، قلت: قد استيقنوا أن قومهم كذّبوهم فما هو بالظن، قالت: أجل قد استيقنوا بذلك، فقلت لها: وظنَّوا أنهم قد كُذِبُوا؟ قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك".

** وفي موقف آخر يتضح لنا أن السيدة عائشة كانت تحرص على إظهار ارتباط آيات القرآن بعضها ببعض بحيث كانت تفسر القرآن بالقرآن، وبذلك فإن السيدة عائشة تكون قد مهدت لكل من أتى بعدها أمثل الطرق لفهم القرآن الكريم، أما من حيث إنها كانت من كبار حفاظ السنة من الصحابة، فقد احتلت -رضي الله عنها- المرتبة الخامسة في حفظ الحديث وروايته، حيث إنها أتت بعد أبي هريرة، وابن عمر وأنس بن مالك، وابن عباس -رضي الله عنهم-.

** ولكنها امتازت عنهم بأن معظم الأحاديث التي روتها قد تلقتها مباشرة من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن معظم الأحاديث التي روتها كانت تتضمن على السنن الفعلية، ذلك أن الحجرة المباركة أصبحت مدرسة الحديث الأول يقصدها أهل العلم لزيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقي السنة من السيدة التي كانت أقرب الناس إلى رسول الله، فكانت لا تبخل بعلمها على أحدٍ منهم، ولذلك كان عدد الرواة عنها كبير.

** كانت -رضي الله عنها- ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي، وقد لاحظنا ذلك من رواية عروة بن الزبير عندما قالت له: "يا ابن أختي! بلغني أن عبد الله بن عمرو مار بنا إلى الحج، فالقه فسائله، فإنه قد حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علماً كثيراً، قال: فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عروة: فكان فيما ذكر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (( إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعاً، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم، ويبقى في الناس رؤساء جهالاً، يفتونهم بغير علم، فيضلون ويضلون)) قال عروة: فلما حدثت عائشة بذلك، أعظمت ذلك وأنكرته، قالت: أحدثك أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابل، قالت له: إن ابن عمرو قد قدم فالقه. ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم، قال: فلقيته فساءلته، فذكره لي نحو ما حدثني به، في مرته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك.، قالت: ما أحسبه إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه شيئاً ولم ينقص".

الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2673

** ولذلك كان بعض رواة الحديث يأتون إليها ويسمعونها بعض الأحاديث ليتأكدوا من صحتها، كما إنهم لو اختلفوا في أمر ما رجعوا إليها، ومن هذا كله يتبين لنا دور السيدة عائشة وفضلها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله - تعالى -أهلها لذلك لضاع قسم كبير من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الفعلية في بيته - عليه الصلاة والسلام -.

خامسا... السيدة الفقيهة والعالمة الجليلة

** تعد السيدة عائشة-رضي الله عنها- من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد كانت من كبار علماء الصحابة المجتهدين، وكما ذكرنا سابقاً بأن أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا يستفتونها فتفتيهم، وقد ذكر القاسم بن محمد أن عائشة قد اشتغلت بالفتوى من خلافة أبي بكر إلى أن توفيت، ولم تكتفِ -رضي الله عنها- بما عرفت من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما اجتهدت في استنباط الأحكام للوقائع التي لم تجد لها حكماً في الكتاب أو السنة، فكانت إذا سئلت عن حكم مسألة ما بحثت في الكتاب والسنة، فإن لم تجد اجتهدت لاستنباط الحكم، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها، فها هي -رضي الله عنها- تؤكد على تحريم زواج المتعة مستدلة بقول الله - تعالى -: ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).

** وقد استقلت السيدة ببعض الآراء الفقهية، التي خالفت بها آراء الصحابة، ومن هذه الآراء:

1- جواز التنفل بركعتين بعد صلاة العصر، قائلة: " لم يدع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركعتين بعد العصر، قال فقالت عائشة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها، فتصلوا عند ذلك))".

الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 833

** وعلى الرغم من أنه من المعلوم أن التنفل بعد صلاة العصر مكروه، فقال بعض الفقهاء أن التنفل بعد العصر من خصوصياته.

2- كما أنها كانت ترى أن عدد ركعات قيام رمضان إحدى عشرة ركعة مع الوتر، مستدلة بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك عندما سألها أبو سلمة بن عبد الرحمن " كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي".

الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1147

الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2013

** فكان الصحابة -رضي الله عنهم- يصلونها عشرين ركعة؛ لأن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا العدد لا يدل على نفي ما عداه، وهكذا جمعت السيدة عائشة بين علو بيانها ورجاحة عقلها، حتى قال عنها عطاء: " كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة".

سادسا... حادثة الإفك

** في حادثة الإفك، نزلت براءة السيدة عائشة -رضي الله عنها- في القرآن الكريم قال - تعالى -: (إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً) سورة النور - آية 11-19..

** خلال حادثة الإفك، قالت أم أيوب لأبي أيوب الأنصاري: " ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة؟ قال: بلى، وذلك كذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله قال: فعائشة والله خير منكِ فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك، ذكر قول المؤمنين الصادقين، قال اللـه - تعالى -: (لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُـوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُـونَ والمُؤْمِنَاتِ بِأنْفُسهم خَيْـرَاً وقَالـوا هذا إفْكٌ مُبِيـن) سورة النور- آية 12..

** تعرضت أُمُّنا عائشة الطاهرة المطهرة الصادقة بنت الصديق لأعظم ما يمكن أن تُبتلى به امرأة عفيفة شريفة، ألا وهو القذف بالزنا، وما أقساها من تجربة، وما أفظعها من تهمة، فهي لم تكن محدودة ولا محصورة بين أشخاص أو بيت أو عائلة، لقد انتشرت في المجتمع بأسره، ورَوَّجت لها أبواق الدعاية والشر أيَّما ترويج.

** إنها مشكلة كبيرة وابتلاء عظيم لا يتحمله إلا من كانت شخصيته في عظمتها بحيث تفوق هذه الصعوبة وتتغلب عليها، فماذا فعلت أمنا عائشة تجاه هذه المشكلة العويصة؟ وكيف جابهتها وتصدت لها وتغلبت عليها؟ وما هي الدروس والعبر التي ترتبت عليها؟

سابعا... كيف واجهت أم المؤمنين المشكلة؟

** كما ذكرنا - لمن لا يعلم.. وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين - تُعرف المشكلة التي مرت بها أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- بحادثة الإفك، وتتلخص في ترويج شائعة من قبل المنافقين وبعض المؤمنين تتضمن اتهام أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالزنا، وذلك عندما تَخلَّفت عن الجيش في إحدى الغزوات، ثم أحضرها الصحابي صفوان بن المعطل السلمي - رضي الله عنه - على ظهر جمله، وبعدها انطلقت الشائعات انطلاق النار في الهشيم.

** وهي مشكلة ذات شقين: الأول عندما وجدت أم المؤمنين نفسها وحيدة وقد تركها الجيش، والثاني: عندما انتشرت الشائعة عنها وهي غافلة حتى عن مجرد التفكير في هذا الأمر.

ثامناً... ماذا فعلت أم المؤمنين تجاه هذه المشكلة بشقيها؟

1. الشعور بوجود المشكلة والوقوع فيها

** من المهم معرفة أنه لا معنى للمشكلة ما لم يَحس بها الشخص أو من له علاقة بها، فأُمُّنا عائشة أحسَّت أنها في مشكلة عندما عادت ولم تجد الجيش، هذا بالنسبة للشق الأول من المشكلة، أما من حيث الشق الثاني وهو اتهامها بالزنا، فقد أحست بالمشكلة عندما أخبرتها أم مِسْطح بما يشيع عنها، فلم تكن تحس بها من قبل؛ لأنها تعجبت مما قيل مع أنها دافعت عن مسطح في بداية الأمر.

2. الحفاظ على التماسك النفسي وعدم التضعضع والخوف

** فقد حافظت أُمُّنا على رباطة جأشها وتماسكت، مع أن الموقف في غاية الشدة؛ لأنها وحيدة وقد تركها الجيش ورحل، وأيضاً حافظت على توازنها عندما سمعت بالإشاعة وامتصت الصدمة، مع أنها تفاجأت وذُهلت لما قيل عنها، وكانت تتمثل قوله - تعالى -: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون).

** ويتحقق التماسك النفسي بالاستعانة بالله - تعالى -بالدعاء والصلاة والذكر، وإحسان الظن بالله وبالمسلمين ممن لهم علاقة بالموضوع والتفاؤل بالخير، كما أن للجانب الإيماني العام تأثيره، ولا بد من الحفاظ على ذلك في كل مراحل حل المشكلة، وهذا ما تمسكت به أمنا عائشة على الرغم من أنه قد رُوي عنها أنها تأثرت بالأمر، لكن ليس إلى الحد الذي يُخرج الإنسان عن تماسكه.

3. تحديد ماهية المشكلة ومعرفة أبعادها

** حددت أُمُّنا المشكلة في أن الجيش قد رحل وتركها فصارت وحيدة، وهذا يترتب عليه أن تخاف على نفسها من الموت أو الأسر أو الاعتداء، كما حدَّدت المشكلة في الشق الثاني، وتعرفت عليها عندما علمت بالإشاعة، وأنهم قد رموها بالزنا، وأي تهمة هذه؟! وماذا يمكن أن يترتب عليها؟!

4. التفكير في حلول ممكنة للمشكلة

** ماذا يمكن أن يكون قد جال بخاطر أمنا؟!

- اللحاق بالجيش، لكنها لم تجد الراحلة، والظلام قد حل، ولا يمكنها السير لوحدها.

- البقاء في نفس المكان مع الاختباء.

- الذهاب إلى مكان آخر.

- الانتظار في نفس المكان في حالة عودة الجيش أو نفر منهم؛ لأنهم إذا فقدوها فلا بد أن يعودوا أدراجهم إلى المكان ليبحثوا عنها.

- البحث عن أحد قد تخلف مثلها من الجيش، أو أحد يتعقب الجيش.

** أما من حيث الشق الثاني (أي حالة الإشاعة) فقد تكون أمنا فكرت فيما يلي:

- الدفاع عن نفسها.

- ترك الأمر للرسول - صلى الله عليه وسلم - مع البقاء في بيتها، لكن ربما لاحظت تأثر الرسول بالموضوع، وأنه قد سرى وانتشر.

- اللحاق بأهلها والصبر والاحتساب لله - تعالى -.

5. تطبيق الحل الملائم من بين الحلول والبدائل المتاحة

** رتأت أمنا البقاء في مكان الجيش لعلهم يرجعون أو يرجع نفر منهم، وفعلاً حضر صفوان، ويبدو أنها ظنت أنه مُرسَل من قِبَل الجيش، فركبت الجمل دون حتى أن تناقشه في الموضوع، ولهذا لم يخطر ببالها أن يقال ما قد قيل عنها؛ لأن هذا قد أرسله الجيش ليأخذها.

** أما في موضوع القذف فقد طلبت من الرسول أن يأذن لها باللحاق بأهلها، وحسنا فعلت؛ لأن الموضوع كان يحتاج إلى أن يُبَتًّ فيه، طالما أن الرسول لم ينطق بوحي فيه، كما أن مواضيع مثل هذه تحتاج إلى التراخي فيها حتى تَسْكن وتهدأ، فكان اختيارها أن تذهب إلى بيت أهلها ينطوي على كثير من الحكمة والحنكة، ومما يؤيد ذلك موافقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسرعة على طلبها.

6. التفكر في المشكلة ونتائجها وأبعادها

** حيث تبين لأم المؤمنين أنها كانت على صواب فيما فكرت فيه واتخذته من قرارات، وخرجت من المشكلة أقوى مما كانت، فقد برَّأها الله من فوق سبع سماوات، ونزل فيها قرآن يُتلى، وترتب على ذلك الكثير من الأحكام والمعالجات، فكان في ذلك الخير الكثير، كما أن مثل هذه المشاكل صار لها حل معلوم يمكن اتباعه في حالة وقوعها، وهذا لم يكن قبل وقوعها.

تاسعاً... وفاتها - رضي الله عنها - وعن أبيها

** جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة عند وفاتها، فجاء ابن أخيها عند رأسها -عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق-، فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: " هذا عبد الله بن عباس يستأذن "، وهي تموت، فقالت: " دعني من ابن عباس " فقال: " يا أماه!! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك "، فقالت: " ائذن له إن شئت " قال: " فأدخلته "، فلما جلس قال ابن عباس: " أبشري " فقالت أم المؤمنين: " بماذا؟ "، فقال: " ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله إليه، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب إلا طيباً.

وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار " فقالت: " دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً ".

** توفيت ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان من السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين للهجرة، صلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذ سبعا وستين سنة.

عاشراً... الخلاصة

** توفيت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بعد أن تركت أعمق الأثر في الحياة الفقهية والاجتماعية والسياسية للمسلمين، وحفظت لهم بضعة آلاف من صحيح الحديث عن رسول - صلى الله عليه وسلم -.

** لقد عاشت السيدة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتصحيح رأي الناس في المرأة العربية، فقد جمعت -رضي الله عنها- بين جميع جوانب العلوم الإسلامية، فهي السيدة المفسرة العالمة المحدثة الفقيهة، وكما ذكرنا سابقاً فهي التي قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فكأنها فضلت على النساء.

** كما أن عروة بن الزبير قال فيها: " ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة "، وأيضا قال فيها أبو عمر بن عبد البر: " إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر".

** وهكذا فإننا نلمس عظيم الأثر للسيدة التي اعتبرت نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه، للسيدة التي كانت أقرب الناس لمعلم الأمة وأحبهم، والتي أخذت منه الكثير وأفادت به المجتمع الإسلامي، فهي بذلك اعتبرت امتدادا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -..

تم بحمد الله وتوفيقه

نسألكم الدعاء لنا وللمسلمين

بوركتم وأفادنا الله وإياكم

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


محمد آل عنان

  • 8
  • 0
  • 26,716

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً