من أجل أمِّنا عائشة
فانصروا أمكم عائشة يا من يحب النبي وآله وأزواجه الطاهرين، انصروها يا أرباب الأقلام، انصروها يا أصحاب الإعلام، انصروها يا صُنّاع القرار، اسحبوا الجنسية من كل متطاول على جناب النبي وآله وزوجه وصحبه، ارفعوا ضدهم الدعاوى القضائية وتابعوهم بالملاحقات القانونية، لا يستقر لهم قرار وفيكم عين تطرف.. إن كنتم بررة فعلاً.
في شهر واحد انكشفت عورتان مغلّظتان، إحداهما لشيخ رافضي، والأخرى لقس نصراني، فالعورة الأولى انكشفت في لندن بالطعن في عرض أمنا عائشة - رضي الله عنها وأرضاها- ، والجرأة على الاحتفال بوفاتها، والثانية في فلوريدا بالتهديد بحرق المصحف الشريف على مرأى ومسمع من العالم، وكلتاهما تبرز حجم عورة البغض والكراهية والعنصرية التي يضمرها هؤلاء- ومن نحا نحوهم- لأعظم كلام، وأجل امرأة.
لقد أصبح التطرف- كما يولد في الشرق- يولد في الغرب، ويُسوّق إلينا من ضفتي الأطلسي، فهل هذا نتاج الحرية التي تسوقها لنا البلاد المتحضرة، كما فعلت مع سلمان رشدي حين سوّقت له، واحتضنته؟!
إن أتباع الطوائف والمذاهب والأديان الذين يمتهنون أسلوب الشتم والسبّ، والطعن في الأعراض، والتجنّي على المصحف الشريف، يفتقدون أدنى أساليب الجاذبية، ويمتلكون أعظم أسباب التخلف والتطرف والطرد المذهبي والديني.
لقد وضع الإسلام بشريعته الواضحة النقية نصوصاً صارمة تنهى عن السبّ والشتم واللعن، وتنفّر منه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش البذيء) هذا من حيث الأصل، أما حين يكون اللعن والطعن لشخص بريء فيتحول الأمر إلى جناية، ويزداد الأمر قبحاً وجناية حين يكون اللعن والطعن لصحابية جليلة، ولزوجة من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم-. لقد أصبح السب والشتم واللعن ثقافة لدى العديد من الطوائف والنحل، في الوقت التي أضحت فيه الثقافة عند آخرين هو العلم والصناعة والتحضر، فكيف تسمح دول تدعي التحضر والرقي الإنساني أن تسوّق لهذه الثقافة المنحطة عبر السماح في أراضيها للطعن في عرض امرأة مسلمة شريفة، تمثِّل أماً للمسلمين قاطبة، وعمقاً تاريخياً عريقاً لهم، دون مساءلة، بل ولا النطق ببنت شفة؟
لم يكن ما فعله أولئك المنحطون بأمنا عائشة شيئاً جديداً؛ فقد فعله سلفهم ابن أبي بن سلول، وذلك حين تعمَّد الطعن في عرضها الشريف، بقصد النيل منها ومن زوجها - صلى الله عليه وسلم -، فبرّأها الله بقرآن يُتلى إلى يوم القيامة: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وكأن ربنا - عز وجل - خلَّد هذه البراءة في سورة النور؛ لعلمه - سبحانه - بأن ورثة ابن أبي سلول لابد وأن يجدّدوا الطعن في عرضها، بأسلوب أو بآخر، فكانت هذه الآيات وما بعدها، دليلاً ناصعاً على كذبهم وافترائهم، وبضغطة زر في مواقعهم الإلكترونية تجد محاولاتهم اليائسة في تكذيب قصة الإفك الثابتة في الصحيحين؛ امتداداً لأساليب الإفك التي يمتهنونها، مع ورود أصل القصة ودلالاتها في كتاب الله - عز وجل -.
وصدق ربنا - عز وجل -: (لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم..) فها هي اليوم الانتفاضة الواسعة للدفاع عن عرض عائشة - رضي الله عنها -، والتعريف بسيرتها الطاهرة للمناوئين لها، لعل سيرتها تكون سبباً في اهتداء بعض أهل الضلال، بالإضافة إلى ما كشفه الاحتفال الحقير في لندن من مشاعر العداء ضد صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مما كان يضمره القوم وأتباعهم سنين عديدة.
وقديماً تولى رجل من أهل النفاق كبر الطعن في عرض أمّنا عائشة، وذلك حين كانت جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، ثم هاهو الطعن يتجدد وهي موسّدة في قبرها، فاستغل الأقزام فرصة عجزها عن المواجهة حين كانت جارية حديثة السن، ثم فرصة عجزها حين كانت في قبرها، وهو دليل عظمتها، ووهن خصومها، وعظيم جبنهم وخورهم.
وفي الوقت الذي يبغضها أهل الشر، وينالون منها بعد وفاتها، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته لا يخفي حبّه لها، وحفاوته بها، وحين سأله عمرو بن العاص: (أي الناس أحبّ إليك؟ قال: عائشة) رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم: أنه قال لابنته فاطمة: (أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟ فقالت: بلى: قال: فأحبي هذه) وأشار إلى عائشة، وهو مضطجع معها في مرطها.
وحين قصت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم - قصة أبي زرع مع أم زرع، وما كان بينهما من حب وعطاء ووفاء، وكان النبي مصغياً لها في حديث طويل، قال لها بلغة الوفاء: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع)رواه مسلم.
ولهذا كان يدللها، ويناديها باسمها مرخماً، فيقول: يا عائش. ومن فرط حبه لها، فإنه كان يضع فاه على موضع فيها من الإناء فيشرب منه، وتتعرق العرق- أي تأخذ اللحم بأسنانها- ثم تناوله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيضع فاه على موضع فيها، كما في صحيح مسلم.
ومن عمق حبّه لها، أنه كان يقوم على باب حجرتها حتى يمكِّنها من النظر إلى الحبشة وهم يلعبون بالحراب، مقدراً مرحلتها العمرية، وصغر سنها، وحرصها على اللهو، ولذا كانت تلعب بالبنات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تأتيها صواحبها، فكن يَنْقَمِعْنَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يُسَربُهُن إليها، كما في صحيح مسلم. ومرة سابقها فسبقها، فجعل يضحك، ويقول: هذه بتلك.
ولما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتشوّف لبيت عائشة، فكان يقول: (أين أنا اليوم؟ أين أنا غداً؟ استبطاء ليوم عائشة. تقول عائشة - رضي الله عنها -: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري، ودُفن في بيتي)، ولا يزال قبره في بيت عائشة إلى اليوم شاهداً على قربه منها، وحبه لها.
ومن هذا السرد السريع لجانبٍ يسير من هديه - صلى الله عليه وسلم - معها، نلاحظ: أن حبه لعائشة قد بلغ شأواً، ويتمثل هذا في صفات، منها:
- أنه كان يفصح عن حبه لها صراحة، ويدلّلها، ويناديها بألطف أنواع المناداة.
- أنه كان يتنزل معها وهي صغيرة، فيلاطفها، ويكرم صواحبها، ويقدر مشاعر الطفولة فيها، وفي صديقاتها.
- أنه كان يصغي لحديثها وإن طال، ويبادلها بأجمل مشاعر الودّ والوفاء.
- أنه يتودّد لها بالمسابقة، وقضاء الوقت معها بما يدخل السرور على قلبها.
- أنه كان يتحبّب لها بأرقّ أدوات التحبّب والتودّد، ومنها أنه يضع فاه على موضع فيها حين يشرب أو يأكل، وهذا يترك من المشاعر ما لا يفصح عنه اللسان.
- أنه يقترب منها في حال اقتراب الوفاة منه، حين يلتمس يومها ليموت بين سحرها ونحرها، ويدفن في بيتها..! فأي محبة هذه..؟
وهل يصدق في محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - من يبغض حِبَّه، ويسبّها، ويلعنها؟ وهل يصدق في محبة فاطمة -رضي الله عنها- وفي محبة آل البيت من يلعن زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحتفل بوفاتها؟!
فانصروا أمكم عائشة يا من يحب النبي وآله وأزواجه الطاهرين، انصروها يا أرباب الأقلام، انصروها يا أصحاب الإعلام، انصروها يا صُنّاع القرار، اسحبوا الجنسية من كل متطاول على جناب النبي وآله وزوجه وصحبه، ارفعوا ضدهم الدعاوى القضائية وتابعوهم بالملاحقات القانونية، لا يستقر لهم قرار وفيكم عين تطرف.. إن كنتم بررة فعلاً.
يوسف بن أحمد القاسم
- التصنيف:
- المصدر: