مبرأة السماء
أَعَلَى عُرَى الأخلاقِ يجتمعانِ *** عَفُّ اللسانِ وباعثُ الْبُهْتانِ؟!
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
أَعَلَى عُرَى الأخلاقِ يجتمعانِ *** عَفُّ اللسانِ وباعثُ الْبُهْتانِ؟!
شتَّان بين موقِّرٍ لنبيهِ *** في عرضِه والناكثِ الخوَّانِ
أمَّاهُ يا حِبَّ النبي وعرضَهُ *** لا ضِيمَ طَرْفُ مُعَذَّبِ الأجفانِ
لم يبقَ منّا مؤمنٌ لم يصطلِ *** شرقُ الدُّنىَ والغربُ ينتفضانِ
غارت على عِرْض النبيِّ جحافلٌ *** أيلومُهم إلاَّ ذوو الطُّغيانِ؟
مَا صامَ يومَ الدّفع منّا ناطقٌ *** والنفسُ يقتُلها فحيحُ الجَانِي
قد نَبْتغي موتًا على كَفِّ العِدَا *** عِزًّا ولكن لا نَنِي لِجَبَانِ
ونُذِلُّ بالإيثارِ شُمَّ أنوفنا *** خَفْرًا لِذِمَّةِ مستجيرٍ وَانِ
عَرَبًا عرفنا الحُكم حين شفى بنا الْ *** قَهَّارُ دَاءَ الفُرْسِ والرومانِ
ما اختارنَا الرحمنُ حولَ رِحابِه *** لِنُقِيمَ أجداثًا على أضغَان
أُمَّاهُ - والعبراتُ كالجَمَراتِ - لا *** سَلِمَتْ أنوفٌ أذعنتْ لهوانِ
لا بشَّرَ اللهُ الحسودَ بنعمةٍ *** كلاَّ ولا رُدَّتْ إليهِ يدَانِ
ينهاهُ طهرُكِ والنبيُّ وآلُهُ *** والوحيُ ثم يثوبُ للشيطانِ
متوليِّاً كِبْرَ الكَذُوب فويْحَهُ *** طَلَبَ الجنانَ بِمَسلكِ النيرانِ
يا حسرةَ الأفَّاكِ ما بِعِقَالِهِ *** شُدَّتْ سوى خِرَقٌ على هَذَيانِ
غطَّى بها عجْزَ الحِجَى مُتَعالِمًا *** فَرَعَتْ غُثاءَ الْحِقْدِ والْبُطلان
أُمَّاهُ يَهْنِيكِ افتضاحُ عَدوّنا *** وكفاكِ نَصرًا مُحكَمُ القرآنِ
الوالغون المقْذِعُونَ هُمُ الأذى *** وَلأَنتِ - يا صدِّيقَةُ - الطُّهرانِ
أَهنا بِكِ الْرَّحمنُ قَلْبَ "محمَّدٍ" *** تَاللهِ مَا ضِدّان يأتلفانِ
نورٌ إلى طُهْرٍ يحنُّ وأيُّما *** نبأٍ سَرَى شَرُفَتْ بِكِ الأُذُنَانِ
بِكِ لا بأقوالِ الدَّعِيِّ تشرَّفتْ *** وعليكِ لا يتنازعُ الْقَمَرَانِ
فضحتْ براءَتُكِ الشكوكَ فَأَدْبَرَتْ *** ظُلَمًا وأَنتِ منارةُ الإيمانِ
وتهلَّلتْ عَيناكِ بِشرًا فالْمُنى *** لا تُنْكِرَنَّ وفودَها عينانِ
فالصُّبْحُ لا كالصبحِ عندَ حَلِيلَةٍ *** أَطيارُهُ والوحيُ يعْتنِقَانِ
والروضةُ الغنَّاءُ مِلْءُ رحابِها *** ذِكْرٌ يرفرفُ حولَهُ ملَكَانِ
سَلْ في المدينة كُلَّ بيتٍ عنْهُمَا *** هلْ باتَ مثلَ ودَادِهمْ زوجَانِ؟
غرَسَا على وجْهِ الزمانِ سُرُورَهُ *** يا سُعْدَهُ إذْ خُصَّ من أزمانِ
فكأنّما مَرُّ النسيمِ وطَرْقُهُ *** بالْبابِ سَجْعُ الطيرِ بالأفْنَانِ
في روضةِ الجناتِ نازعَهَا البَلا *** والمبتلَى المشمولُ بالرِّضوانِ
يُبلى النبيُّ وخيرةٌ من بعدِه *** ويُغَرُّ باقي الخلقِ بالإحسانِ
من نالَ حُبَّ الله - يومًا - يُبْتلَى *** وضعيفُ إيمانٍ يَرَى الحدثانِ
هَيْهَاتَ تَبْقى بَعدَنَا الدُّنْيا ولم *** تأخُذْ نَصِيبَ الظُّفرِ والأسنانِ
فتميلُ ضرَّاءُ البَلا وزناً ويا *** أسفَا على السرَّاءِ في الميزَانِ
رُحماكَ ربِّي - مَا لنا إيمانُهُمْ *** كَلاَّ ولا نقْوَى عَلى الأَحْزانِ
أيقظْ خِفافَ العقلِ من سَكَرَاتِهِمْ *** واغفِرْ عظيمَ الذنبِ والْهُجرَانِ
ما كنتُ في صمتِ الْمُرِيبِ مُصَفَّدًا *** كَلاّ ولا سارَعْتُ في بُهتانِ
مُذْ لامستْ قلبي الشفيفَ براءةٌ *** تُتْلَى بِآيِ "النُّورِ" عِبْتُ بياني
وَتَضَعْضَعَتْ أوزانُ شعريَ بعدَها *** فبأيِّ تبيانٍ يفيضُ لساني
رَبَّاهُ إني قَدْ برِئْتُ فبرِّئَنْ *** قلَمَيَّ مِنْ عِيٍّ ومنْ إِذعانِ
وارفعْ بيارقنَا على منْ أرجفُوا *** مَا أَقبحَ استِنْسَارَةَ البُغثانِ
لو لا "أبا حسنٍ" توارَى نالهمْ *** من سيفهِ البتّارِ حَرْبُ الجاني
قد كان نِعْمَ الهدْيِ حينَ دعَاهُمُ *** فشرَوا أذاهُ بأبخسِ الأثمانِ
ونَمَوا إليه الزورَ ما شبعتْ لهمْ *** بِطَنٌ ولا أرواهمُ النهرانِ
قالوا: "عليٌّ" قلتُ: حاشا إنّمَا *** طُهْرٌ نما من طُهْرِهِ "الحسنانِ"
قالوا: و"فاطمةٌ" فقلتُ: أجِيرُهَا *** أترونها لهجَتْ بفُحْشِ لسانِ؟!
بنتُ الرسولِ وبضعةٌ من رُوحِهِ *** وفؤادُها مِن سورةِ "الفُرقانِ"
وفِدًا "لزينِ العابدينَ" شِرَارُكُمْ *** ما لاذَ منكُمْ "رافضٌ" بِضِغَانِ
أجعلتموها سُبَّةً لخيارِكمْ؟ *** تاللهِ ما بخيارِكُمْ منْ شَاني
لا والّذي جَعَلَ السيادةَ فيهمُ *** ما السادةُ الأحبابُ باللُّعَّانِ
عُودُوا إلى أخلاقِ "أهلِ البيتِ" لَنْ *** تجدوا سِوى التوقيرِ والإحسانِ
واسترشِدوا الأشياخَ من عُقلائكمْ *** رَتْقُ انفتاقِ الجمعِ بالأعيانِ
قدْ شَقَّ صفَّ الأمةِ اللاَّغُونُ حَتَّى *** عَاث بالأزمانِ شرُّ مَكانِ
نَهض الدّعيُّ به فبئسَ مقامه *** ولبئسَ ما يجني على الأوطانِ
تُلْجِيْهِ "مَاُسُونٌ" وتجمَعُ حَولَهُ *** منْ كلِّ منبُوذٍ وشَرِّ مُدانِ
يَثِبُونَ بِالتاريخِ منْ أطرافِهِ *** يتَتَبَّعُونَ مَزَالِقَ الشَّنَآنِ
ودُعاتُهمْ أنصافُهُمْ واحَسْرَتَا *** تَئِدُ العُقولَ حَدَاثةُ الأسْنانِ
لِلأمةِ الثكْلى جِراحٌ غضَّةٌ *** ولفِتنةِ التفريقِ ألفُ سِنَانِ
فَبِأَيِّ ثَائِرةٍ تُرَاقُ دماؤنا *** ولأيِّ حربٍ يُجْمَعُ الأَخَوَانِ
عَوْدًا إلى هدي الرسولِ "محمدٍ" *** عَفِّ الحديثٍ مُنَزَّهِ الأَرْدَنِ
جمَعَ الرحيمُ به النفوسَ عَلَى الهُدَى *** صَفًّا فكَانوا أوثقَ البنيانِ
فجَلَوا غُبَار العقلِ في صَلَواتهم *** حتى كأنَّ الغيبَ رهنُ عيانِ
وَتَرَاحَمُوا حَتَّى سَمَتْ أَخْبَارُهُم *** مَا ذَابَ مثْلُ حدِيثهمْ بجَنانِ
وَتنَزَّهَتْ أخلاقهُمْ عنْ فاحشٍ *** متخَلِّعٍ أو فاسقٍ طَعَّانِ
فكأنَّمَا جَهْلُ السَّفِيهِ مَنَاكِرٌ *** وكَأَنَّمَا صَفْحُ الْكَرِيمِ مثَاني
وكأَنَّهُمْ في الفتنةِ الأقسى يدٌ *** شُدَّتْ بأجْمعِهَا علَى الأذْقانِ
عَادُوا وَأَنْفُسُهُمْ تَذُوبُ مَدَامِعًا *** والْخِلُّ يأْسُو عَبْرَةَ الْخُلاَّنِ
إنْ تِلْكَ إلا أُمَّةٌ مِنَّا خَلَتْ *** وحِسَابُهُم في ذِمَّةِ الدَّيَّانِ
تنْحو بخيرِ فِعَالِهِمْ أفعالُنا *** ونَرى بِحُسْنِ الظَّنِّ كلَّ الشانِ
إن كانَ ربي اختارَهُمْ لِنبيِّهِ *** صَحْبًا، فنِعْمَ تَخَيُّر الرَّحمنِ
وَإنِ اصْطَفَى أزْواجَهُ وحْياً، فهل *** في آخرِ الأزمانِ وحيٌ ثانِ؟!!
يَهواكِ أُمَّ المُؤمنينَ النورُ، والْ *** فُجَّارُ تهواهُمْ يدُ الشَّيطانِ
دونَ النبيِّ وعِرْضِهِ أرْواحُنا *** وفِدَاهُما طُولَ المدَى الثَّقَلانِ
عبده بن علي الفيفي