حبيبة الفؤاد
- التصنيفات: الشعر والأدب - الأدب مع الوالدين -
نسْيمٌ منْ جنانِ الأم هبّا *** فألقى في الربوْع شذاً وحبّا
فصفقت الضلوعُ لهُ بشوقٍ *** وضمّتهُ كضمّ المرء حبّا
فناجاهَا النّسيمُ بهمس أمّ *** فأجرى في العروقِ السّحْرَ ذوْبا
وأهدى الروحَ منْ دعواتِ أميّ *** فكانَ دُعاؤها للروْحِ طبّا
رعاها اللّه من أمٍّ رؤؤمٍ *** ولقّاها السرورَ وخيرَ عقبى
فمن ينسى الأمانَ بحجر أمٍّ *** وقدْ أرخى على الأنغام هدباً؟
ومنْ ينسىَ التي سهرتْ عليهِ *** ليالي شدةٍ تقتاتُ رعبا؟
فلن أنساكِ يا أمي حياتي *** وهل تنسى عروق الحيّ قلباً؟
فكم ذقت النعيم بساعديكِ *** وصيرت المضيْق عليّ رُحبا
وكم خلت الصعاب بلا انفراجٍ *** وكانَ الصدرُ للوسواس نهْبا
فناديتُ الرؤوْمَ: إليّ أمّي *** فلبتْ بالحنانِ تحلّ صَعبَا
سرورك منْ سروري حين ألهو*** بعافيةٍ، أثيرُ البيْتَ لعْبا
فتبيض الليالي وهي سودٌ *** ومرّ العيش يصبحُ فيّ عذبا
وتنعشك الأماني وهيَ وهمٌ *** ويبدو بعدها في الحّس قربا
وغمكِ إن ألمّ بي أكتئابٌ *** فيبدُو الخصبُ يا أماهُ جدْبا
ودولابُ الزمان يدورُ نهباً *** وآياتُ الإلهِ تنيرُ قلبا
ولما أن عقلت رأيت أمّي *** تعلّمني حروفَ العلمِ شهبا
فإن العلمَ للإنسان نورٌ *** ومن يرضى سوى الأنوارِ صحبا؟
وخيرُ الصحب في الدنيا كتابٌ *** ينير بصائراً ويقيتَ لبّا
وأمّ لا تني عنْ خلق جيلٍ *** قويمِ الخلق يخشى اللّه دأب
وما مثْلُ الأمومة إنْ تسامتْ *** يعدّ طلائعاً تجتاز صعباً
وما مثل الأمومة منْ طبيبٍ *** لروح تبتغي للأمن درباً
ولو أسطيْعُ أنْ أحصي جميلاً *** لأمي ما كفاني القولُ حقبا
فلولا الأم ما أبصرت نوراً *** ولولا الأم كان العيش جدبا
صالح محمد جرار