اقرأ قبل أن لا تستطيع أن تقرأ!
وذكروا عن شكيب أرسلان أنه كان في سباقٍ محمومٍ مع زمن صحته وشبابه فكان يكتبُ حتى عطبتْ يده
أما أبو بكر الرازي فقد كان في أول أمره مغنياً بالعود، ثم عزمَ على تثقيف نفسه وتدارك عمره، فكان يصارع وقته ليلحق بركبِ العظماء فقرأ حتى عمي، وكتبَ حتى انخلع كتفه!!
- التصنيفات: التصنيف العام -
قبل يومين أكرمني أحدُ المشايخ الفضلاء باتصالٍ هاتفي بعد غـَيبةٍ طويلة (غيبة أبدان لا غيبة أرواح) ولما نشدته عن حال أبحاثه، واستفصلتُ خبر قراءاته (وهكذا هي عادةُ حديثنا أن نفيض في ذكر شؤون العلم ونضرب عن الناس الذكرَ صفحاً) استعبرَ بأسى قائلاً:
لقد غشا عينيّ ألمٌ أسهدني *** وأحاطَ بهما وجعٌ قلقلني
وما أحسبُ ذلك إلا من توالي النظر في ساشات الحاسب عندما كنتُ أصاليها ساعاتٍ طوالاً لبحث مسألةٍ في برامجه الموسوعية، أو لإلقاء موعظةٍ في شبكاته العنكبوتية ثم أردفَ متنهداً: "وهأنَذا منذ أسبوع كامل لم أكتحلْ بمطالعةِ كتابٍ، ولم أجرد سيفَ نظري لمبارزة الحروف".
لكَ الله أيها الشيخُ الجليل فآفة الانقطاع الجبري عن القراءة مصيبةٌ عند النابهين أمثالك لا تضارعها مصيبة
وألمُ العين من جلائل الأدواء، ونـــُغــَص الأسقام التي تجلب بـَلبال الفكر وتنـفـــّر طيور السكينة في النفس.
والشابُّ إذا كان عزباً قالوا له: "لا همّ إلا هم العرس، ولا وجع إلا وجع الضرس" أما إذا ركبَ سفينةَ الزواج، وشرب من آنية العرس، وتسربل برداء العيال فلابد من تجديد المثل له ليصبح: لا همّ إلا هم الدَّين، ولا وجعَ إلا وجع العين!!
نعودُ لشكاية الشيخ وتحسراته وهي عندي من دلائلِ عقله وأماراتِ نجابته وقد قال أحدهم: "وهو راقم هذه الأسطر سلمتْ براجمه من الأوخاز".