رسالة موجزة إلى الشيخ المعجزة

منذ 2015-02-18

كان آخر عهدك بالدنيا الصلاة، وما أروعها من خاتمة يا شيخ وقد عز على الله أن تأتيه إلا شهيدا مسبحا وأنت تقول .. لو أن لي ألف نفس خرجت نفسا نفسا في سبيل الله لكان ذلك أغلى الأماني ..

فُزْتَ ورب الكعبة .. ومت واقفا كما يموت العظماء ..

كان آخر عهدك بالدنيا الصلاة , وما أروعها من خاتمة يا شيخ وقد عز على الله أن تأتيه إلا شهيدا مسبحا وأنت تقول .. لو أن لي ألف نفس خرجت نفسا نفسا في سبيل الله لكان ذلك أغلى الأماني ..
خرجت لتصلي الفجر ولم تسأل عن رخصة تمنعك من الخروج , ولم يمنعك تهديد الصهاينة من لقاء ربك , لبيت النداء ولم ترحم جسمك النحيل العليل ..
تقدمت وتراجع الذين يبيتون مع النغمة والوتر, ومن كانت شيمته الغدر .. لا يعرف صلاة الفجر . عشقت الشهادة فعشقتك وطلبتها فطلبتك , وكان اللقاء الفجر , لتأتي يوم القيامة يتساقط من جسدك الطاهر ماء الوضوء , وينطق جبينك بالنور من آثار السجود . تأتي واللون لون الدم والريح ريح المسك , رحلت ولسان الحال يقول ..

ثوى طاهر الأردان لم تبق      بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

قتلوك غدرا وأنت مقبل غبر مدبر , لأن مثلك لا يعرف الجبن ولا الفرار , أخجلتنا ياشيخ , وحيرت العالم بعظمتك , وما كان كرسيك إلا منبرا للدفاع عن الأمة وإعلانا للجهاد والحرب على أولاد القردة والخنازير.
قتلوك لأنك قتلتهم وأنت على عرشك المتحرك , نفسك العالية التي لا تُروض ولا تُساوم ولا تحيد عن الحق ألهبت مضاجعهم وجمدت الدماء في عروقهم و وقذفت الرعب في قلوبهم .
قتلوك لأنك أيقظت الأمة , وأصحاب الدور والقصور والكراسي البالية لا يريدون لهذه الأمة أن ترى النور .
جعلت حياة أعداءك والجبناء المتخاذلين قلقا وجحيما فقرروا قتلك , كنت إذا تكلمت وضعوا أيديهم على رءوسهم , وإذا توعدت أظلمت الدنيا في عيونهم , وإذا أشرت تطايرت أحلامهم ,وكأن الدنيا قالت للناس استريحوا وقالت بك في هؤلاء إلا أنتم , قتلوك ..وما استطاعوا أن يقتلوا الخوف والرعب في صدورهم .
قتلتهم وأنت قعيد أعزل , فلما أرادوا قتلك قتلوك بثلاثة صواريخ .. ومن بعيد بعيد جدا , وقدموا للدنيا وثيقة فشلهم وانكسارهم وألمهم ويأسهم , ثم أثبتوا لك النصر والرفعة .
قدمت نفوس أبناءك الطاهرة للشهادة , وجعلت كل واحد منهم على الموعد , يعرف دوره ومهمته ومكانه , وتسابقوا جميعا ليقدموا نفوسهم رخيصة في سبيل الله , فهذا اليوم وذاك كان بالأمس وهذا غدا .. ( كل قد علم صلاته وتسبيحه ) . وقدم 
المتهالكون على الكراسي البالية أبناءهم , حتى إذا قضوا فالطين يرث الطين , والله يقول .. ( وأملي لهم إن كيدي متين ) .
سجنوك فكنت في سجنك الحر الطليق , وكانوا هم الطلقاء المسجونين أسرى أذلاء , ينظرون إليك من طرف خفي , لماذا طلقت الدنيا وهانت عليك الحياة ؟ لماذا لا تخاف من حدهم وحديدهم وأنت الأسير القعيد السجين ؟من أين لك بهذه القوة التي عزت أن تكون في أقوى الناس بنية وأشدهم بأسا وأقواهم تحملا ؟
لقد تجلت فيك قدرة العاجز ففضحت عجز القادرين .. ما أعظمك يا ياسين و يا معجزة العصر وآية من آيات الله في خلقه .
كنت ترى بصعوبة , وتسمع بصعوبة,وتتكلم بصعوبة , وتتحرك بصعوبة , كانت حياتك كلها صعوبة .. وكان السهل لديك أن تبيع نفسك لله . ضربت أروع مثل في الصبر والرضا بقدر الله , فعلام يسخط القادرون ؟؟؟ ماذا تركت للناس من بعدك وقد جمعت خصال الخير ؟؟ حملت شرف الدفاع عن الأمة ومقدساتها , وأقمت الحجة على الناس , وربيت رجالا وبنات كنا نسمع عنهم ونقرأ عنهم فرأيناهم رأي العين , كنت أروع مثل للصدق والتجرد علىأرض الإسراء , ما عرفت الجبن ولا الخنوع ولا التراجع , اتعبت عدوك وما عرفت أنت التعب ولا الكلل ولا الملل , كنت راسخا كالجبل , فكان المتشدقون بالكلمات أمامك كالأوراق المتطايرة , نسيت آلامك بآمالك ورحت تقول .. 
قد كبرنا على الجروح وتعالينا على الألم .
لم تخف أنت ومن ربيتهم على الحق من تهديد أو وعيد وإن كان من أشد القوى على الأرض وأعنفها وأشرسها , وتحقق فيكم قول الحق سبحانه .. ( الذين قال لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
علمت الأمة أن ميزان القوى المادية ليس معيار النصر .. إن رجلا يساوي أمة , ورجلا أيقظ أمة , حري به أن يُحمل على الرءوس , ويسكن القلوب , ويوضع على المقل .
لكن من هزم الأمة , وأضاع الكرامة , وضلل الناس .. أساتذة الذل والانكسار , وعباقرة اليأس والتعتيم , فهؤلاء لا موقع لهم إلا تحت الأقدام .
من لم يخجل اليوم فمتى ؟؟؟ ومن لم تهن عليه النفس في سبيل الله فأنى تهون ؟؟؟
لو علم أعداؤك ما أنت فيه من نعيم لما قتلوك , ولضنوا عليك بالشهادة .. ولكن إذا خُتم على القلوب فإنها لا تُفتح إلا بإذن من علام الغيوب .
إن للعظمة أسرار , وللرجولة معالم , وللطهارة أدلة , وللخطاب مهر .
من خطب الدنيا كان مهره الذل , وعرسه في الطين , والخبيثات للخبيثين .
ومن خطب الجنة أمهرها نفسه , وقدم لها روحه , وكان عرسه في عليين , والطيبات للطيبين .
نحن لا نبكي عليك وإنما نبكي علينا .. هنيئا لك يا شيخنا الجليل , وأنت في مقام جميل ..
آن لك أن تستريح فقد أديت ووفيت , آن لك أن تلقى الأحبة محمدا وصحبه , آن لك أن تمشي على المرمر , وتشرب من الكوثر، قد أثمر عملك قد أثمر , فلك كل ذلك وأكثر.
آن أن يقال لك .. (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).

نعم عقبى الدار
نعم عقبى الدار
وعليك السلام

أحمد المنسي

  • 0
  • 0
  • 1,316

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً