رأسٌ تتقاذفه أقدام، ورأس تقذفه القاذفة

منذ 2015-02-19

أظنك اليوم وكل يوم تقوم بفتح جهازك للاطلاع السريع على الأخبار تمر بشتى أنواعها وتصنيفاتها، وأنت تحتسي قهوتك أو تتناول قطعة من الشوكولاتة اللذيذة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أظنك اليوم وكل يوم تقوم بفتح جهازك للاطلاع السريع على الأخبار تمر بشتى أنواعها وتصنيفاتها، وأنت تحتسي قهوتك أو تتناول قطعة من الشوكولاتة اللذيذة.

تصادف أحيانًا صورة +18، لكنه بتصنيفنا، لأننا لانحتمل رؤية الدماء مسفوحة، والأجساد مشوهة، 
لربما أصابنا دوران أو حالة من الضيق تكدر علينا باقي يومنا،
ولربما لم نستطع تناول قطعة الدونت التي بأيدينا، 
ونحن لا ينبغي أن نجلب لأنفسنا النكد والحزن،
فلابد من التحذير من نشرها أيضًا لأننا سنحاسب على ترويع من رآها،
وأيضًا قطعة الدونت التي ستسقط من أيدينا من تسبب بسقوطها؟

والمضجر بدمائه ماحاله؟!
لا علينا ربنا أرحم به منا نحن ندعوا له ونساعده بأقوى سلاح والله يلطف بهم 
(لا أستهين بشأن الدعاء، وإنما لنستبين حيل إبليس، فالدعاء الصادق تُصدّقه الجوارح)

الآن سأستأجر عقلك للحظات، أنت ذا الخيال الواسع فقط تخيل، واعذرني ان قطعت عليك وقتك الثمين.

لو كنت في غرفتك في بيتك آمنًا هانئًا مستريحًا 
وفجأة!
يدخل عليك ملثم أو مدجج ويشهر فيك السلاح ليقوم بتقييدك فورًا.
ومن ثم يأتي بعائلتك أجمع،
ويبدأ أولا بصغارك وردات قلبك فينحرهم نحرًا بالسكين واحدًا تلو الآخر، 
ودماؤهم الطاهرة تنتثر في جدران الغرفة من بشاعة القتل!

انتهى منهم،
أتى دور بنياتك الطاهرات العفيفات، قام بسحب إحداهن وتعريتها واعتدى على شرفها وشاركه أصحابه حتى بدأت تنزف تكاد تهلك
لكنهم أشفقوا عليها فأجهزوا عليها فنحروها كماتنحر الشياه وقطعوها أوصالًا أمامك.
ثم سحبوا بنيتك التي تكبرها ثم صنعوا فيها كما التي قبلها.
بالطبع اللحظة ماقبل الأخيرة هي زوجتك العزيزة لابد أن يسقوها من ذات الكأس. 
لن أطلب منك أن تتخيل مالذي يحدث بها وبك بعدها فخيالك واسع يكفيني عناء الوصف.

بعدها من الممكن أن يطلقوا سراحك لتبني مستقبلك،
وقد تنزل عليهم الرحمة فيلموا شمل عائلتكم المشتتة فيلحقوك بهم.

لا تنس أن هذا الخيال بالنسبة لك!
لأن عقلك المرهف يستحيل عليه أن يتصور وقوعه حقًا وبأبشع من وصفي لك.

الآن أطلب منك بعد إذن سعادتك تكمل السباحة في خيالك الخصب، تبقَّ القليل فقط،

في ذات الوقت من الناحية الأخرى من المدينة، 
أخ لك من لحمك ودمك، تسمعه يصرخ على عتبات المدرج هاتفًا بنصرة فريقه المفضل فهذه المباراة إن كنت جاهلًا حاسمة ويترتب عليها أمور عظام تؤثر في مستقبل عالم الكرة.
والآخر يتابع تلك المباراة الحاسمة خلف شاشة التلفاز، والثاني بسيارته عبر جواله، أنت تعرف التقنية تجعلك مع الحدث ولو في عمق البحر.

هم جميعهم يعلمون بحالك ، لكن اعذرهم فما باليد حيلة.
فأنت أين وهم أين! 
وللأمانة هم لم ينسوك، فقد أثرت شفقتهم وأحزنتهم حتى إنهم تألموا لحالك حين علموا ودعوا بأن يلطف الله بك، بل وقد كتبوا تغريدة يدعون لك بها.
وينقلون عن أحدهم أنه دمعت عيناه ، ومنهم من نفى ذلك لأنه صادف معرفته بحالك خسران فريقه في المباراة الحاسمة جدًا. 
مباريات كرة القدم العالمية منها والمحلية هي من اللهو المباح فما بالك تلومهم على ترويحهم عن نفسهم؟

لا تعارض بين متابعته لبطولات الكرة، ومتابعة أخبار نحرك.
فلا تكن متعنتًا متشددًا تحرم ما أحل الله.

أنت تكاد تجن!
تصرخ حتى تفتق بطنك من هول المصيبة! تريد النجاة تريد الثأر!! ياعرب يامسلمون! 
....
يا أخي يا أخي صدقنا نحن متألمون لحالك جدًا.
لكن توقيت صراخك ليس مناسب أبدًا،
أو نسيتَ أن هذه الليلة مباريات البطولة الفلانية؟ 
لااا أحد سيسمعك صدقني!
كان بإمكانك الصراخ في وقت أنسب 
حتى الشوارع فارغة، تريدهم يركضون لك منقذين؟!
لابد أن تتأقلمون جميعكم على هذه المصائب كان الله في عونكم، والفرج قريب بإذن الله، لا تقلقوا.
.................

الآن سأتوقف عن عرض الخيال المرعب لتعود لواقعك الوردي المُذهَّب ، وأعتذر إن جلبت لك أحلام مزعجة، مع استبعادي حصول ذلك فقد لا تحدّث نفسك بما رأيته في خيالك، حتى ولا بالأحلام تشيل هم! 

..............

تعلم ويعلم الجميع يقينًا وترى وتسمع وتعقل مايحدث لإخوتك في بلاد المسلمين لكنك تستغفل نفسك وتُلهيها، وتشيح بوجهك مكتفيًا بالدعوات العابرة وتحوقل ممتعضًا مما يحدث.

لكن أحذرك ثم أحذرك أن تكون كالثور الأسود، ستفترسك السباع بعد أن خذلت إخوتك وهم يستجدونك النصر.

تذكر أن الله لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون،
فمن خَذَلَ سَيُخذل، وأيام الله دول!

سوف تستجدي المسلمين النصرة والغوث ولن تجد للمعونة يدًا إن لم تنقذك عناية الرحمن

سوف تصرخ: وااا إسلاماه واااغوثـــــاه، عرضي ينتهك! عائلتي تسبح في بركة الدماء! القاذفات دمّرت حيّنا بأكمله! 
أطفالي غدوا أشلاء! 
أين المنقذ؟!! أين المعين؟!! أين المُدافع عنا نحن المسلمين؟!!

لكن أوه يبدو أنك نسيت أن عندهم مسلسل درامي حماسي ينتظرون حلقاته بفارغ الصبر

أنت سوف تُجن من شدة التعذيب الذي تلاقيه من السجان 
وأبناؤك قد سقط على البيت برميل هشّمه بمن فيه

نعم الناس سيدعون لك فلا تقلق ولا تظن أنهم نسوك.

بل وسينشئون الأوسمة في المواقع الإجتماعية ليتحدثوا عن معاناتكم الموجعة لتثقيف المجتمع وتوعيته بحالكم، ماذا تريد أكثر من هذا ؟!

......................

يا إلهنا يالله!!
ربـــاه نسألك ياقوي يامتين أن لا تهلكنا بالأيام 
اللهم إنك حَكَمٌ عَدْلٌ سبحانك، اللهم خذلنا إخوتنا في أرضك اللهم نعوذ بك أن تجعل الدائرة علينا بخذلاننا لهم.

اللهم إن البلاء بإخوتنا في سوريا وفي بورما وفي اليمن وفي أفغانستان وفي باكستان وفي فلسطين وفي العراق وفي مصر وفي إيران وفي الهند وفي أفريقيا الوسطى وفي بقاع شتى قد نالهم من البلاء مانالهم، وأنت بهم أرحم منا فانصرهم على عدوك وعدوهم والطف بهم يالطيف.

مابالهم الناس حتى هذا اليوم لازالوا في سكرتهم يعمهون!
فتيانهم وفتياتهم وأطفالهم بل وشيبانهم شابوا ولازالت الكرة هي الهم الأول! 

ألا نرى حال الدول المجاورة؟!
ألا نخاف من بطش الله بنا حين خذلنا عباد الله المستضعفين؟
والله ليس بيننا وبين الله نسب، إذن مالذي سينقذنا من بأس الله إن جاءنا؟
وربنا يمهلنا ولم تقشعر أبداننا خوفًا من إمهاله
إذن ننتظر ماذا؟

نرى جميعا مذابح جماعية اليوم في دول شتى يحرّقون أحياء ويعذبون بالمئات بل بالآلاف والله!
ولا أحد يتحرك!!
ألا يهمنا مستقبلنا؟! إذا لماذا نأخذ بأسباب الهلاك في الدنيا والآخرة
أنانيتنا متى سنتخلى عنها!؟

إذا كان لا يهمنا مجاعات ومجازر أردت المستضعفين من المسلمين هلكى 
فإنه سيأتي يوم لن يلتفت إلينا أحد

... تلكم هي العدالة الإلهية فوق كل أحد ...

سارة السحيباني 

  • 0
  • 0
  • 791

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً