شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - (6) خُلق الرحمة

منذ 2015-02-24

الرحمة خُلق عظيم وهي مشتقة من الرحمن وهو اسم من أسماء الله الحسنى، فمن اتخذ الرحمة خُلقه في جميع تعاملاته فقد سعِد وغنم، ومن حُرم منه فقد شقيَ وتعِس، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من أرحم الخلق، فقد كان رحيمًا بالطفل والمرأة والضعيف، وبلغت رحمته الطير والحيوان..

الرحمة خُلق عظيم وهي مشتقة من الرحمن وهو اسم من أسماء الله الحسنى، فمن اتخذ الرحمة خُلقه في جميع تعاملاته فقد سعِد وغنم، ومن حُرم منه فقد شقيَ وتعِس، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من أرحم الخلق، فقد كان رحيمًا بالطفل والمرأة والضعيف، وبلغت رحمته الطير والحيوان..

ومن نماذج رحمته صلى الله عليه وسلم بالطفل: أنه صلوات ربي عليه إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ، أسرع في أدائها وخفّفها.. فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه» (صحيح البخاري:707).

وتعجب منه أعرابي حين رآه يُقبل الحسن بن علي رضي الله عنهم، فهو لا يقبل أحدًا من صبيانه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة» (صحيح الجامع:2534)، وكان صلوات ربي عليه يحمل الأطفال ويصبر على أذاهم.. فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: "أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي، فبال على ثوبه، «فدعا بماء، فأتبعه إياه» (صحيح البخاري:222).

وكان صلوات ربي عليه رحيم بالنساء، وكان يوصي القائم عليهن خيرًا..
فقال صلوات ربي عليه في خطبة الوداع: «..أَلَا واستَوْصُوا بالنساءِ خيرًا..» (صحيح الجامع:7880).
وضرب صلوات ربي عليه المثل الحي على حسن معاملته لزوجاته، والتلطف بهن، ففي صحيح البخاري (4211) يحكي أنس ابن مالك عن ما رآه من معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجه صفية بنت حيي قال: "..ثم خرَجْنا إلى المدينةِ فرأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «يَحْوي لها وراءَه بعباءةٍ، ثم يَجْلِسُ عندَ بعيرِه فيَضَعُ ركبتَه، وتضعُ صفيةُ رجلَها على ركبتِه حتى تركَبَ»".

سبحان الله ما أرحمك وأعظم خُلقك يا رسول الله، أين الرجل الذي ينحني ويجلس أمام الناس لتضع زوجته قدمها على ركبته تيسيرًا لها في ركوب الدابة؟! صلوات ربي وسلامه عليك يا خير الأنام..

وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم فأوصى بهم وقال عنهم: «هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» (صحيح البخاري:2545). وهذا لأن الخادم دائمًا يكون ضعيف أمام مخدومه، فلا يستطيع أن يطلب حقوقه، أو يرد الأذى الواقع عليه، فكيف يتركه أرحم الخلق صلوات ربي عليه دون أن يوصي بهم خيرًا؟!

وقد أوصى بالخادم أيضًا في موضع آخر فقال صلوات ربي عليه: «إذا جاءَ خادمُ أحدِكم بطعامِهِ فليُقعدْهُ معَهُ أو ليناولْهُ منْهُ فإنَّهُ هوَ الَّذي وليَ حرَّهُ ودخانَهُ» (صحيح ابن ماجة:2678). والحديث يحثنا بالرحمة به فهو الذي طهى لنا ووقف أما نيران الموقد ولهيبه، فلا نتكبر عليه بل نجعله يشاركنا الطعام فيبارك الله لنا..

أما عن رحمته بالطير والحيوان فهناك العديد من الأحاديث التي توضح ذلك منها..
قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء، فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذبحَ، وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه، فليُرِحْ ذبيحتَه» (صحيح مسلم:1955).

ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار، فإذا فيه جَمَل فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم «فمسح ذِفراهُ»، فسَكَتَ، فقال: «من رب هذا الجمل؟»، فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال له: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه» (صحيح أبي داود:4549).

ومن رحمته صلوات ربي عليه بالطير والنمل، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته، فرأينا حمَّرةً معها فرخان فأخذْنا فرخَيها فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ، فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال «من فجع هذه بولدِها؟ رُدُّوا ولدَها إليها»، ورأى قريةَ نملٍ قد حرقناها، فقال: «من حرقَ هذه؟»، قلنا: نحن، قال: «إنه لا ينبغي أن يعذِّبَ بالنارِ إلا ربُّ النارِ» (صحيح أبي داود:5268).

فلنتراحم فيما بيننا ونتسامح ويعفو بعضنا عن بعض، عسى الله أن يرحمنا ويعفو عنا ويجيرنا من عذابه، فقد قال صلوات ربي عليه: «من لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ، ومن لا يَغفِرْ لا يُغْفَرْ له» (السلسلة الصحيح:483). 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام

  • 22
  • 4
  • 38,435
المقال السابق
(5) خُلق الجود والكرم
المقال التالي
(7) خُلق الحياء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً