الديمقراطية - الحرية
كمال المرزوقي
تعرض الدّيمقراطيّة على عموم النّاس بطريقة جعلت المنطبع والمتبادر إلى أذهانهم أنّها مرادف للحرّيّة، وحقيقة الأمر خلاف ذلك تماما، فالحقيقة هي أنّ إحدى الإشكاليّات الأساس في النّظام الدّيمقراطيّ أنّها لا تلغي الاستبداد وليست هي نقيضا له ولا ضدّا، بل غاية أمرها أن تكون قسيما له فقد تتّسق معه أو تتعارض لأمور خارجة عنها.
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
تعرض الدّيمقراطيّة على عموم النّاس بطريقة جعلت المنطبع والمتبادر إلى أذهانهم أنّها مرادف للحرّيّة، وحقيقة الأمر خلاف ذلك تماما.
فالحقيقة هي أنّ إحدى الإشكاليّات الأساس في النّظام الدّيمقراطيّ أنّها لا تلغي الاستبداد وليست هي نقيضا له ولا ضدّا، بل غاية أمرها أن تكون قسيما له فقد تتّسق معه أو تتعارض لأمور خارجة عنها.
وعليه يمكن أن يكون النّظام ديمقراطيّا استبداديّا أو ديمقراطيّا غير استبداديّ ويكون النّظام ملكيّا تكفل فيه حرّيّة الفرد ويكون ملكيّا استبداديّا .. فلا تلازم.
ولأجل هذا كانت هذه المسألة إحدى مواضع الانتقاد للدّيمقراطيّة كبناء فكريّ من أساسها عند الدّيمقراطيّين أنفسهم وعند غيرهم، خاصّة اللّيبراليّين الّذين من واقع نظرهم التّحرّريّ وتقديمهم لقيمة الحرّيّة وإن أدّت إلى إهدار الدّيمقراطيّة نبّهوا طويلا على ضرورة ضبطها - الدّيمقراطيّة - بضوابط تكفل الحرّيّات الفرديّة وأسموها الدّيمقراطيّة اللّيبراليّة.
ومن المصادر الغنيّة في نقد التّلازم المزعوم بين الدّيمقراطيّة والحرّيّة = الفكر اللّيبراليّ
* بعض الشّواهد المنتقاة : 1- يقول باسكال سالان المفكّر الاقتصادي الفرنسي اللّيبرالي: "في بلد كفرنسا الذي يوصف بالبلد الدّيمقراطي الّذي لا يتوفّر لمواطنيه إلاّ قدرٌ قليل من الحرية الفردية، و يمكن القول عن سويسرا إنّها بلد أكثر ديمقراطيّة وأكثر إحتراما للحرّية الفرديّة.
بينما نجد بلدانا أخرى كهونغ كونغ و شيلي عرفت أنظمة غير ديمقراطية و مع ذلك وجد فيها قدر مرتفع نسبيا من الحرّيّة الفرديّة، وعكس هذا نجد أن روسيا كانت بدون شك بلدا استبداديا " اهـ
- اللّيبراليّة -
ويقول أيضا : " يتّضح من خلال ملاحظة بسيطة أنّه لا وجود فعلا لعلاقة (تلقائيّة) بين الدّيمقراطيّة و الحرّيّة " اهـ
- اللّيبراليّة-
2- يقول الفيلسوف الاقتصادي البريطانيّ وعرّاب اللّيبراليّين جون ستيوارت مل: " مشكلة الحرّيّة تطرح بإلحاح داخل الدّولة الدّيمقراطيّة ، فبقدر ما تزداد الحكومة ديمقراطيّة بقدر ما ينقص ضمان الحرّيّة الفرديّة " اهـ
- عن الحرّيّة -
3- يقول ألكسي دو تكفيل في كتابه ( الدّيمقراطيّة في أمريكا) والّذي يعتبر من أمّات الكتب عند الدّيمقراطيّين وأحد مراجع التّأسيس فيها : " إنّي أُحبّ بكلّ شعوري الحرّيّة و احترام القانون ولكنّي لاأُحبّ الدّيمقراطيّة " اهـ.
4- يقول صامويل هنتنجتون وهو أحد أقطاب الدّيمقراطيّة : " يمكن للديمقراطية أن تنتهك حرية الفرد و هو ما يحدث بالفعل " اهـ
- الموجة الثالثة التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين -
فجعل الدّيمقراطيّة مساويا معنويّا أو مرادفا للحرّيّة خطأ من الأساس نقده الدّيمقراطيّون أنفسهم ولا إسلاميّ في الصّورة !
ربّ يسّر وأعن!