إحياء - (250) سُنَّة أكل الزبد والتمر

منذ 2015-03-04

كانت حياة رسول الله بسيطة، وكان يأكل المتاح، ويحبه ويثني عليه، وكان الصحابة يعرفون أكلات يحبها؛ فحرصوا على تقديمها له؛ منها الزبد مع التمر..

كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيطة، فلم يكن يتكلَّف طعامًا ولا شرابًا؛ إنما كان يأكل من المتاح، ويحبُّه ويُثني عليه، وكان الصحابة يعرفون بعض الأكلات التي يحبُّها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكانوا يحرصون على تقديمها له؛ ومن ذلك معرفتهم لحبِّه صلى الله عليه وسلم لأكل الزبد مع التمر؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ رضي الله عنهما قَالاَ: "دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَدَّمْنَا «زُبْدًا وَتَمْرًا وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ»".

وفي رواية ابن ماجه عَنهما قَالاَ: "«دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعْنَا تَحْتَهُ قَطِيفَةً لَنَا، صَبَبْنَاهَا لَهُ صَبًّا، فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْوَحْيَ فِي بَيْتِنَا، وَقَدَّمْنَا لَهُ زُبْدًا وَتَمْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ صلى الله عليه وسلم".

وهذا الطعام -بفضل الله- ما زال متعارفًا عليه في كثير من البلاد، وهو طعام شهي يحبُّه كثير من الناس، ولكن يُضاف إلى طعمه اللذيذ ما عرفناه من حبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم له؛ مما يرفع قدره عندنا، ويجعلنا نصنعه لنا ولأولادنا، ومع أنه ليس هناك أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكل هذا النوع من الطعام فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل إلا الشيء النافع للأُمَّة، ولم يكن يحبُّ إلا الطيب؛ وقد قال تعالى في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157]، فلا شكَّ أن هناك الفوائد الجمَّة فيما كان يختاره صلى الله عليه وسلم ويُفَضِّله.

وقد كان من عادة الصحابة رضي الله عنهم أن يأكلوا مثل أكله صلى الله عليه وسلم؛ مع أنه لم يأمرهم بذلك؛ ومثال ذلك ما قاله جابر رضي الله عنه في حبِّه للخلِّ بعد معرفته لحبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم له؛ فقد روى مسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: "«أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ، فَقَالَ: مَا مِنْ أُدُمٍ؟» فَقَالُوا: لاَ إِلاَّ شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ. قَالَ: «فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الأُدُمُ»"، قَالَ جَابِرٌ: "فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم"، وقَالَ طَلْحَةُ: "مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ".

ولهذا كان الصحابة يتناقلون معرفة الأطعمة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّها، ومثل ذلك أيضًا ما رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  «يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ»"، فلنحرص على إبراز حُبِّنَا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتقليده فيما يحبُّ من أطعمة، وفيها الخير وتمام الصحة إن شاء الله.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 6
  • 0
  • 5,542
المقال السابق
(249) سُنَّة كثرة السجود
المقال التالي
(251) سُنَّة قراءة الأعلى والغاشية في صلاة الجمعة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً