أمل - (3)
مع كل هذا الجُرم الذي اقترفوه وتأتي تلك الكلمة! يتوب عليهم؟! بعد أن قتلوا سبعين من صناديد الصحابة وأدموا وجه سيد ولد آدم وآذوه؟! نعم، إذا شاء الله، ولعله يُعذِّبهم، هذا في عِلمه ومن شأنه..
ورغم تلك الدماء الطاهرة الزكية التي سالت على وجهه بفعلهم، إلا أن ربه لم يأذن له بقطع (الأمل)!
لقد سالت الدماء من تلك الرباعية المكسورة في فمٍ طالما كان يلهج بذكر مولاه، والدعوة إلى سبيل رضاه..
اختلطت تلك الدماء بدماء ذلك الجرح الغائر الذي غُرِسَت فيه حلقات المِغفَر المعدني الذي يرتديه..
بيده الشريفة مسح الدماء عن وجهه وقال: « » (صحيح ابن ماجة:3269).
- « » (صحيح ابن حبان:6575)، سؤالٌ منطقيٌ وطبيعيٌ في مواجهة تلك الجرائم الشنيعة التي اقترفوها في حقه، بأبي هو وأمي..
هل يُفلِحُ أناسٌ واجهوا الإحسان بالجحود والنكران، وقابلوا دعوة الرحمن بالسيف والسنان؟!
لكن الإجابة كانت درسًا لا يُنسى.. درسًا لكل صاحب رسالة، ولكل من تحمَّل تكاليف البلاغ وواجهته المصاعب والأهوال في ذلك السبيل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128]، هكذا قضى الملك..
وهكذا بين وحكم: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}.
لست أنت من ستقضي في مصيرهم أو تعلم مآلهم، نعم هم ظالمون معتدون..
هم مجرمون لدماء نبيهم سفَّاكون، لكن ما يُدرِيك لعل الله يتوب عليهم.. يا إلهي!
مع كل هذا الجُرم الذي اقترفوه وتأتي تلك الكلمة! يتوب عليهم؟! بعد أن قتلوا سبعين من صناديد الصحابة وأدموا وجه سيد ولد آدم وآذوه؟! نعم، إذا شاء الله، ولعله يُعذِّبهم، هذا في عِلمه ومن شأنه..
لست أنت يا نبي الله -على قدرك ومنزلتك- من ستحكم في أمرهم أو تفصل في مآل مصيرهم، حقك في الدنيا محفوظ وإن لصاحب الحق مقالًا.. وظلمهم مُتقرِّرٌ معلومٌ وقد بيَّنه الله في غير موضع..
لكن يبقى المصير بيده لا بيدك..
ويظل في النهاية البلاغ مهمتك والهداية بغيتك والقاعدة ماثلة أمام عينيك لا تتغيَّر ولا تتبدَّل..
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ويبقى (الأمل)
- التصنيف: