أصول السعادة العشرة في سورة الشرح
عبد المحسن بن زبن المطيري
أن السعادة بيد الله تعالى وحده سبحانه، من قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح من الآية:1]، فهو سبحانه الذي يشرح لا غيره، السعادة مخلوق من مخلوقاته، فالله جل جلاله خلق الأعيان وخلق المعاني كالموت والحياة {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك من الآية:2]
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصول السعادة العشرة في سورة الشرح:
1- الأصل الأول: أن السعادة بيد الله تعالى وحده سبحانه، من قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح من الآية:1]، فهو سبحانه الذي يشرح لا غيره، السعادة مخلوق من مخلوقاته، فالله جل جلاله خلق الأعيان وخلق المعاني كالموت والحياة {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك من الآية:2]، ومن هذه المعاني (السعادة)، فيضع هذا المخلوق في قلب من يشاء بفضله فيسعد ويضحك، وينزعه من قلب من يشاء فيشقى ويبكي ، قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ} [النجم:43].
2- الأصل الثاني: السعادة تكون في القلب وليس العقل، من قول الله تعالى: {لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح من الآية:1]، فالصدر يكنى به عن القلب كما قال الله تعالى: {وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج من الآية:46]، والقلب لا يملكه إلا الله سبحانه فهو مقلب القلوب ومصرفها، وصلاح القلوب إنما يكون بالطاعة: « » (المحدث: ابن تيمية، تفسير آيات أشكلت [1/383]).
3- الأصل الثالث: مغفرة الذنوب، من قول الله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} [الشرح:2]، فكلما كان الإنسان متخففًا من الذنوب كان أقرب إلى السعادة، وقد شبه القرآن الأوزار بالثقل الذي يكاد يقصم الظهر: {الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح:3]، وإنما تغفر الذنوب بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحيات ومواسم الخيرات.
4- الأصل الرابع: رفع الذكر الحسن ، من قول الله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح:4]، فالذكر الحسن يستجلب دعاء الناس، ويستنطق الألسنة بالثناء، والنفوس تطرب للثناء، ونستفيد من قوله سبحانه {وَرَفَعْنَا} أن الذكر الحسن يوهب ولا يطلب، لذلك لا ينفع التصنع بل الإخلاص لله جل جلاله وحده.
5- الأصل الخامس: ما خلق الله تعالى عسرًا بلا يسر، من قول الله سبحانه: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5]، وعندما يعرف المرء أن الله سبحانه ما جعل عسرًا بلا يسر، ولا مشكلة بلا حل، ولا هما بلا مخرج، ولا ضيقًا بلا فرج، فإن هذا يذهب عنه أكثر الهم ، فهو يوقن أن هناك حلاً، ولكن المطلوب منه هو البحث عنه فقط.
6- الأصل السادس: اليسر ينزل في لحظة نزول العسر، من قول الله تعالى: {مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5]، ولم يقل بعد العسر يسرًا، فمنذ حصول العسر والمشكلة والهمّ يبدأ لطف الله تعالى ويسره وتنفيسه، فمثلاً حصول المصيبة من أسباب تكفير الذنوب، الذي هو أحد أسباب المصائب والهموم، وهكذا يتوالى يسر الله جلّ جلاله ولطفه حتى ينجل الهم ويندحر الضيق ويرتفع العسر.
7- الأصل السابع: كل عسر معه يسران، لتكرار النكرة {يُسْرًا} الذي يدل على التعدد، ولذلك قال كثير من السلف: "والله لا يغلب عسر يسرين".
8- الأصل الثامن: استثمار الفراغ من أصول السعادة، من قول الله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ} [الشرح من الآية:7]، فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يكون له فراغ، وجاء في الصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح البخاري [6412]).
9- الأصل التاسع: العبادة، من قول الله تعالى: {فَانصَبْ} [الشرح من الآية:7]، أي أقبل على الطاعة والعبادة، والعبادة هي بوابة السعادة الكبرى، وكل من زادك عبادة زادك سعادة، ومن مشهور كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية".
10- الأصل العاشر: الإخلاص في صرف وجوه الرغبات لله تعالى وحده لا لسواه، من قول الله جل جلاله: {وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب} [الشرح:8]، وتحقيق هذا المعنى العظيم هو مسك الختام .