المرأة وصناعة التغيير.

منذ 2015-03-12

فواجب المرأة أن تقوم على إعداد رأس المال البشري اللازم لأي تنمية، ولعملها في بيتها من الأهمية ما يعادل -بل يزيد- عن عملها خارجه، حين تدرك بأن بناء أفراد المجتمع الناجح رهين بناء أفراد أسرة ناجحة.

إن على المرأة أن تدرك أن على عاتقها مسؤولية تبليغ رسالتها في الحياة، وأن تسجل تاريخها المجيد الحافل بالعطاء، وتوقِد شموع النجاح، لتصنع لها ولأبنائها حياة الأمجاد، وتكون منارة يهتدون بمعالمها على طريق الاستقامة والصلاح، وإن وظيفتها الأولى التي عليها أن تضطلع بها هي تربية الأطفال، لأن الأم المربية هي مصدر قوة مؤثرة داخل البيت والأسرة والمجتمع بكامله.

ولهذا رفع الإسلام من قدر المرأة المربية التي تكرس نفسها للأمومة، واعتبر عملها في البيت تشريفًا لها، وإسهامًا جليلًا في البناء والإصلاح والتغيير وتنمية المجتمع.

(فإننا حين ننظر في جد لنوازن بين عمل المرأة وعمل الرجل، من حيث الجدوى على الحياة ومجد الدولة، ترى أن المرأة قد ذهبت باللب، والرجل قد قام من ذلك اللب بدور لا نقول إنه ثانوي، ولكنه ليس في صميم اللب، فأي الدورين يكون صاحبه عاطلًا، -أو في حكم المتعطل- إذا كان مقياس العمل والعطل هو الإنتاج للحياة؟ ماذا يكون أجر من ثمرتها طفل، وأجر من ثمرته جلب حزمة من حطب أو بضع ثمرات من شجرة قريبة؟! ولكن الحياة لا تجزى ذلك الأجر النقدي، فإن ثمر المرأة ومقامها أجلّ من أن يقدر بعرض).

الأمومة ومكانتها في الإسلام لـ(مها الأبرش) (2/934 - 936):

إن المرأة التي تدرك هذا الفهم تعطي المجتمع التوازن المطلوب، والمناعة والقوة، وتنشئ من داخل بيتها أمة، لأنها تساهم من خلال تحقيق مقاصد الزواج ومعانيه العظيمة، ومن خلال إشاعة معاني السكن والمودة والرحمة، وتوفير الحياة الطيبة الكريمة لأسرتها، في زيادة إنتاج زوجها وأبنائها خارج البيت، وكلما نما هذا الإنتاج نما المجتمع وتقدم، وارتفع الدخل القومي للأمة، وتضاعف مستوى رقيها وازدهارها.

فواجب المرأة أن تقوم على إعداد رأس المال البشري اللازم لأي تنمية، ولعملها في بيتها من الأهمية ما يعادل -بل يزيد- عن عملها خارجه، حين تدرك بأن بناء أفراد المجتمع الناجح رهين بناء أفراد أسرة ناجحة، ولهذا كانت الأمهات الصحابيات ومن تبعهن على المنهج القويم يدركن عظمة الرسالة التي يحملنها، فكان لديهن فقه المقاصد والموازنات، وإدراك تام بأن عملهن يبدأ من قعر بيوتهن، وأن صناعة التغيير تبدأ من داخل الأسرة أولًا، ولهذا كان أقصى طموحهن أن ينشئن جيلًا محمديًا فكرًا ومنهجًا وسلوكًا، يولد من أرحام الأمهات المؤمنات، ويسقي من حليبها الطاهر، الصافي المشرب، ليغذي الأيدي التي سترفع بالتكبير، والجباه التي ستنحني في الركوع وفي السجود تذللًا وخضوعًا لله، والجوارح التي ستسعى في الأرض سعيًا طيبًا، والتي ستعمل وتنتج وتؤسس.

ولو قرأنا سيرة الكثير من الأئمة والعلماء، سنكتشف أن وراء كل هؤلاء العظماء في تاريخ الإسلام أمًا عظيمة مربية، كان لها أثرها التربوي على لمعان نجمه، فوظيفة الأم المربية أن تسعى إلى تحقيق الضبط الاجتماعي حين تعمل على حراسة قيم المجتمع وإشاعة الفضائل والمثل العليا، ومدِّ الفروع عن الأصول الطيبة، وتلك من مقومات بناء الأمم ومنهج الإسلام في تربية المجتمعات.

بتاريخ: التاسع من مارس/أذار، لعام ألفين وخمسة عشر من الميلاد.

2015/03/09 م.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

صفية الودغيري

كاتبة إسلامية حاصلة على دكتوراه في الآداب - شعبة الدراسات الإسلامية.

  • 0
  • 1
  • 2,528

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً