شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - (18) هديه صلى الله عليه وسلم في الملبس والمأكل والمشرب

منذ 2015-03-17

للطعام والشراب والكِساء آداب وأصول فهي من نعم الله علينا، وقد وجب الحمد لله فيها لنحافظ على بركتها وخيريتها.. هذه الآداب والأصول تسمى في عصرنا الحالي بــالإتيكيت، وقد سبقهم معلم البشرية صلوات ربي عليه بتعليم الأمة تلك الآداب والأصول..

للطعام والشراب والكِساء آداب وأصول فهي من نعم الله علينا، وقد وجب الحمد لله فيها لنحافظ على بركتها وخيريتها.. 

هذه الآداب والأصول تسمى في عصرنا الحالي بــالإتيكيت، وقد سبقهم معلم البشرية صلوات ربي عليه بتعليم الأمة تلك الآداب والأصول.. فهيا نتعرف منه صلوات ربي عليه تلك الآداب والأصول..

هديه صلى الله عليه وسلم في الملبس:
من كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله: حدثنا زياد بن أيوب البغدادي، قال: حدثنا أبو تميلة، عن عبد المؤمن بن خالد، عن عبد الله بن بريدة، عن أمه، عن أم سلمة، قالت: «كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسه القميص».

يصف الشيخ الجزري وغيره القميص بأنه: "ثوب مخيط بكمين غير مفرج يلبس تحت الثياب"، وعادة يكون مصنوع من القطن، قال الشوكاني في النيل تحت هذا الحديث: "والحديث يدل على استحباب لبس القميص، وإنما كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار اللذين يحتاجان كثيرًا إلى الربط والإمساك" (ص:373).

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ لِنُبَايِعَهُ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ، أَوْ قَالَ: زِرُّ قَمِيصِهِ مُطْلَقٌ قَالَ: فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ، فَمَسَسْتُ الْخَاتَمَ" (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

قال الحافظ ابن حجر في شرحه: "فالظاهر أنه كان لابسًا قميصًا وكان في طوقه فتحة إلى صدره، قال: بل استدل به ابن بطال على أن الجيب في ثياب السلف كان عند الصدر..."، وقال الحافظ ابن حجر بعد إيراد كلام ابن بطال: "وفي حديث قرة بن إياس الذي أخرجه أبو داود والترمذي وصححه، وابن حبان لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأدخلت يدي في جيب قميصه، فمسست الخاتم) ما يقتضي أن جيب قميصه كان في صدره؛ لأن في أول الحديث أنه رآه مطلق القميص، أي: غير مزرر" (انتهى)، والخاتم المقصود هو خاتم النبوة كما قال العلماء..

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما لبس جديدًا قال هذا الدعاء:
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ»" (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ، لِيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهَا مِنْ خِيَارِ ثِيَابِكُمْ» (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

وليس معنى تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم للثياب البيض أنه لم يكن يلبس غيرها، بل ورد أنه كان يلبس الأحمر والأخضر وغيره من الألوان فمن كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله جاء: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ «بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ»، وجاء أيضًا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، إِنْ كَانَتْ «جُمَّتُهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ»"، فهذا تقرير بأنه صلى الله عليه وسلم لبس غير اللون الأبيض..

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بُدَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيَّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: «كَانَ كُمُّ قَمِيصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرُّسْغِ» (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

هديه صلى الله عليه وسلم في المأكل:
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاثِ وَيَلْعَقُهُنَّ» (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله). قال النووي: "من سنن الأكل لعق اليد محافظة على بركة الطعام وتنظيفًا لها" (رواه مسلم).

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ فَرَأَيْتُهُ «يَأْكُلُ وَهُوَ مُقْعٍ مِنَ الْجُوعِ»" (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله). قال النووي رحمه الله: "المقعي الذي يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه".

ويجب عند الطعام التسمية والأكل بيميننا ومما يلينا، بحيث لا نمد أيدينا في كل أنحاء الإناء، ويظهر هذا جليًا من هذا الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْهَاشِمِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: "أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ طَعَامٌ، فَقَالَ: «ادْنُ يَا بُنَيَّ، فَسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

وعلمنا أيضًا الدعاء الذي يجب أن نذكره بعد فراغنا من الطعام: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ رِيَاحِ بْنِ عَبِيدَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).


هديه صلى الله عليه وسلم في الشراب:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحُلْوُ الْبَارِدُ» (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ هُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مَيْمُونَةَ، فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، «فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَأَنَا عَلَى يَمِينِهِ، وَخَالِدٌ عَلَى شِمَالِهِ، فَقَالَ لِي: «الشَّرْبَةُ لَكَ، فَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا»، فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ عَلَى سُؤْرِكَ أَحدًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَبَنًا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَزِدْنَا مِنْهُ»، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، غَيْرُ اللَّبَنِ»" (كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

هذا الحديث فيه الكثير والكثير من الآداب التي يجب أن نتعلمها على سبيل المثال لا الحصر:
- أن نبدأ بمن هو على اليمين عند تقديم الشراب أو الطعام، ثم الأيمن فالأيمن وهكذا.
- إن أردنا تفضيل أحد بالتقديم له أولاً إما لكبر سنه أو لأي سبب يجب استئذان الذي عليه الدور أولاً.
- فضل اللبن على غيره من الأطعمة والدعاء بالزيادة والبركة فيه.
- كيفية شكر الله على نعمه والدعاء والاستزادة من فضله العظيم.
فهلموا لاتباع هديه والاقتداء به صلوات ربي عليه لعلنا نهتدي. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام

  • 4
  • 0
  • 18,982
المقال السابق
(17) مشيته وجلوسه واتكاءه صلى الله عليه وسلم
المقال التالي
(19) هديه صلى الله عليه وسلم في الحديث والقراءة والنوم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً