التطبيع خلف ستار المؤتمرات الأكاديمية
من جديد عادت مكتبة الإسكندرية تطرح الجدل في الأوساط المختلفة؛ ففي الوقت الذي سبق أن أثارت فيه الجدل حول وثيقتها الشهيرة للإصلاح، وسحبها بعد ذلك لكتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» من العرض في أروقتها، وهو ما اعتبر استجابة لضغوط "إسرائيلية" عاد الحديث مجددًا عن التطبيع مع المكتبة، واستضافتها لشخصيات "إسرائيلية" في مؤتمراتها الخاصة بالحوار بين الثقافات والشعوب.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
من جديد عادت مكتبة الإسكندرية تطرح الجدل في الأوساط المختلفة؛ ففي الوقت الذي سبق أن أثارت فيه الجدل حول وثيقتها الشهيرة للإصلاح، وسحبها بعد ذلك لكتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» من العرض في أروقتها، وهو ما اعتبر استجابة لضغوط "إسرائيلية" عاد الحديث مجددًا عن التطبيع مع المكتبة، واستضافتها لشخصيات "إسرائيلية" في مؤتمراتها الخاصة بالحوار بين الثقافات والشعوب.
ومن فترة لأخرى، يعود الجدل إلى المكتبة حول استضافتها لمثل هذه الشخصيات "الإسرائيلية"، وهو ما يعتبره مراقبون تطبيعًا مع شخصيات المجتمع "الإسرائيلي"، ومكافأة لما ترتكبه حكومته من جرائم بحقّ الفلسطينيين.
والواقع، فإنه ومنذ تدشين مؤسسة الحوار الأورو-متوسطي، في المكتبة، أو ما يعرف بمؤسسة "آنا ليند" بداخل ساحة المكتبة، وعادة ما تستضيف المكتبة شخصيات "إسرائيلية"، بدعاوى الحوار مع الدول المتوسطية، وهى المخاوف التي تنتاب كثيرين منذ تدشين هذه المؤسسة، قبل ثلاثة أعوام، من أن تخترق"إسرائيل" هذه المؤسسة، باعتبارها من الدول الواقعة في هذا النطاق الجغرافي.
وكان من أبرز الشخصيات التي استضافتهم مؤتمرات المكتبة أخيرًا، اثنان من الحاخامات اليهود المقيمين في مدينة القدس المحتلة، وذلك في مؤتمر "حوار الشعوب والحضارات"، والذي سبق أن اعتبرتهما إحدى الجهات السيادية الكبرى في مصر من الشخصيات غير المرغوب في حضورها جلسة افتتاح المؤتمر- بحضور قرينة الرئيس المصري- فتمّ منعهما من الحضور في جلسة افتتاح المؤتمر.
وفى هذا السياق، فإن المتتبع لأنشطة المكتبة أخيرًا يلاحظ استضافتها لأنشطة تنوعت بين محاضرات وندوات ومؤتمرات ركزت على ضرورة تشجيع الحوار بين الشرق والغرب، وتعزيز قيم التنمية في العالم، والدعوة لإثراء الحوار الأورو- متوسطي، وهو ما يعكس الأهداف المعلن عنها لاختيار المكتبة مقرًا للمؤسسة المشار إليها.
ويؤكد مسئولون بالمكتبة أنه لا علاقة مطلقًا بين مشاركة بعض الشخصيات اليهودية في مؤتمراتها وبين التطبيع، من ناحية، وبين استضافة المكتبة لمؤسسة "آنا ليند" من ناحية أخرى، "خاصة وأن المكتبة جهة مستقلة، لا تخضع لأية ضغوط من أي طرف أو وصاية من أي جهة خارجية".
ونتيجة للانفتاح الذي تعمل به المكتبة، فإنه يتم النظر للمكتبة على أنها صرح ثقافي لجميع الدول، ومع هذه العمومية تبدو المخاوف من حضور "إسرائيل" في أنشطتها.
مخاوف المراقبين تتزايد في أن تتسع دائرة مشاركة الشخصيات "الإسرائيلية"، أو ما يسميهم مسئولو المكتبة "أكاديميون"، إلى استضافة شخصيات مسئولة، بدعوى دراسة الحوار، وبحث آفاقه، في الوقت الذي يتعهد فيه مسئولو المكتبة بتوفير كافة إمكانياتها "اللوجستية" وعناصر البنية التحتية والمقومات الإدارية من أجل نجاح المؤسسة، التي يعكس اختيارها ليكون مقرها بالمكتبة، حسب مسئولي المكتبة، "تقديرًا لدور مصر في دعم التعاون والحوار بين الثقافات وتلاقى الحضارات لتحقيق التقارب بين الشعوب".
وقد جاءت استضافة المكتبة للمؤسسة المتوسطية، عقب اجتماعات وزراء خارجية دول الأورو- متوسطية في العاصمة الأيرلندية، قبل ثلاثة أعوام، واختيارهم للمكتبة لاستضافة هذه المؤسسة من بين ثلاث مدن كانت مرشحة لهذا الاختيار هي روما الإيطالية، ونيقوسيا القبرصية، وفاليتا المالطية، وتقرر اختيار المكتبة تحديدًا باعتبارها أحد أنشطة مشروع الشراكة الأوروبية- المتوسطية، وصَرْحًا ينفتح على جميع حضارات العالم، حسب حيثيات الاختيار.
وتذكر المكتبة أن اختيارها مقرًا لهذه المؤسسة هو تأكيد يتوافق مع فلسفتها واستراتيجيتها الداعية إلى تفعيل الشراكة الأورو- متوسطية ودعم مشروعات التنمية في الشرق الأوسط.
ويتم استضافة المكتبة للمؤسسة بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية، وهو المعهد الذي تعهد بأن يطلق على المؤسسة اسم "آنا ليند"، وزيرة خارجية السويد السابقة، التي تمّ اغتيالها، وذلك تقديرًا لدور هذه الوزيرة في تدعيم حوار الثقافات بين مختلف دول العالم، وتحقيق التقارب بين الشمال والجنوب، خاصة في المجالات الثقافية والإبداعية والفكرية والاجتماعية.
عمرو محمد