هل العولمة تهدد مؤسساتنا الخيرية ؟!

منذ 2015-03-26

ومن المؤسف أنه تشكَّل رأي عام بين المسلمين يتقبل هذا الاتهام الذي لا تدعمه الأدلة أو البراهين، بل إن الأدلة والبراهين تدحضه وتثبت نقيضه، هذه هي المرحلة الأولى.

تسارعت الأحداث في ميدان التنافس الحديث بين الأمم على العمل الخيري وما يحققه لها من مكاسب كبيرة في شتى المجالات، مما حدا بالغرب أن يضع خطة عمل مرسومة ذات مراحل متدرجة للتفرد في ساحات هذا الميدان، وعَمِل بشتى الوسائل والطرق لإقصاء الآخرين عن منافسته في هذا الميدان بالغِ الأهمية، وبدأت الخطة بتوجيه الاتهام زيفاً إلى المؤسسات الخيرية الإسلامية ومحاولة إلصاق تهمة دعم الإرهاب بها، وظل الإعلام الغربي وتوابعه يعزز هذه الاتهامات ويكرسها في الأوساط الشعبية، وساندته المقالات والتقارير لترويج هذه التهمة بين النخب.

ومن المؤسف أنه تشكَّل رأي عام بين المسلمين يتقبل هذا الاتهام الذي لا تدعمه الأدلة أو البراهين، بل إن الأدلة والبراهين تدحضه وتثبت نقيضه، هذه هي المرحلة الأولى.

وتبعتها مرحلة أُخرى وهي نتيجة حتمية لها؛ بإحجام المتبرعين والداعمين عن دعم الجمعيات الخيرية الإسلامية مخافةَ أن تلحق بهم هذه التهمة التي نالت مؤسساتهم. ففي ظل الخوف؛ أمسك الناس عن الإنفاق بواسطة هذه الجمعيات؛ لئلا تعود عليهم أموالهم وبالاً عليهم أو سبباً في المساءلة والمحاسبة، وحدث بهذا تجفيف رهيب لموارد هذه المؤسسات.

ثم جاءت مرحلة قطف ثمرة هذا التخطيط والتآمر على العمل الخيري الإسلامي، فكانت المرحلة الثالثة التي أصبحت ظاهرة طبيعية في معظم البلاد الإسلامية؛ وهي الحضور الفاعل للمنظمات الدولية المختصة بالعمل الإنساني، سواء على صعيد الأزمات والكوارث وتقديم الإغاثة والمساعدات، حيث تنفرد بالساحة الميدانية مما مكّنها من أن تعرض نفسها على أنها البديل المأمون لكل من أراد تقديم المساعدات من الأفراد والمؤسسات أو الحكومات. وكم هو مؤسف حقاً أن تجد من بين الداعمين المهمين لبعض المنظمات الدولية التبشيرية بعضَ تجار المسلمين أو الحكومات المسلمة!

أما على الصعيد الثقافي والفكري فقد عملت هذه الدراسات الدولية على تبنِّي أطروحات تحدد أولويات العمل الإنساني واحتياجاته واتجاهاته ومبادئه، في تغييب لدور المنظمات الإسلامية عن مواقع الريادة أو التأثير، ولا مانع من حضورها ووجـــودها ما دام دورها منحصراً في التبعية لهذه المنظمات الـــدولية، أو أن تقوم بدور الوكيل المحلي لها في أحسن الأحوال.

هل سيدرك الأطفال الجوعى والأُسر المنكوبة في أفريقيا وأندونيسيا أو في العراق وغزة؛ أن هذا الطعام الذي تقدمه لهم امرأة وضعت شارة الصليب على لباسها هو تبرُّع من مسلم أو حكومة إسلامية؟

يذكر أحد المسؤولين في منظمة «إنسانية» دولية أن أكثر من 60% من المستفيدين من معوناتهم هم من المسلمين، وذلك ليقنع الحضور بأهمية الدور الذي تضطلع به هذه المنظمة تجاه المسلمين ليقدموا تبرعاتهم لها.

والسؤال هو: هل يقف الأمر عند هذه المرحلة أم أن هناك مرحلة رابعة وخامسة؟ وكيف نحمي مؤسساتنا وعملنا الخيري من هذا الاختراق؟


محمد الكثيري

  • 0
  • 0
  • 1,159

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً