تائهون في زمن العولمة
خلق الله الخلق بعزة وحكمة، بعزة؛ حيث خلقها بقوة لم يشوبها ضعف أو خور، وبحكمة؛ فقد وضع كل شيء في موضعه، وجعل بعضهم فوق بعض درجات، وتتجلى في هذا كامل حكمته، فجعل أمر السفيه بيد العاقل، والجاهل بيد المتعلم، وعلى هذا القياس، ثم اعتلى - سبحانه -؛ ليكون أمر الجميع بيده.
خلق الله الخلق بعزة وحكمة، بعزة؛ حيث خلقها بقوة لم يشوبها ضعف أو خور، وبحكمة؛ فقد وضع كل شيء في موضعه، وجعل بعضهم فوق بعض درجات، وتتجلى في هذا كامل حكمته، فجعل أمر السفيه بيد العاقل، والجاهل بيد المتعلم، وعلى هذا القياس، ثم اعتلى - سبحانه -؛ ليكون أمر الجميع بيده.
ولكن في هذا الزمن يبدو أن الزبد مكث في الأرض، وأن ما ينفع الناس ذهب جفاء، انفجر حديثي هذا من صخرة الواقع، وأخص منه الإعلام ذلك العَكِر الراكد، وقد أقبل إليه الناس عطشى الأفكار والأخلاق، فأنبئني بعد رويهم عن حالهم؟ أما الرقابة فهي خاوية على عروشها، كأعمىً يدل مبصراً على الطريق، دعونا من الرقابة فهي أبعد من أن تُرى، وهلموا إلى ضمائر أصحاب القنوات أو المؤسسات المنتجة، فإني أراها رأي الأعشى للطريق في ليلة حالكة السواد، وإن في نفسي سؤالاً أُكنه لها منذ زمن، ماذا يظنون عقول الناس حتى يلقوا أمامهم نفايات أفكارهم؟ أم أن الأموال أصبحت سترةً غليظة تحجب الضمائر عن أن تعمل، وتجعلها لازمة بعد أن كانت متعدية.
أسوق حديثي هذا لمن شاء أن يدَّكر، لمن كان له قلب يخفق كبقية الناس، تذهب بي الأفكار أحيانا حتى أتوه، فما أرجع حتى بخفي حنين، وتبدأ التساؤلات بمد وجزر، ما حال أطفالنا بعد عشر سنوات؟ أو بعد عشرين سنة، حين يتقلدون المناصب، التي لن يكون بد حينها من أن يتقلدها أحدهم، لعلها حين تضيع الأمانة.
إن المسألة بحاجة إلى وقفةٍ جادة، وتحرك سريع؛ لتحرير عقول أبنائنا من استعباد تلك القنوات والبرامج الهابطة، إننا بحاجة لكشف السُّتُر عن ضمائرنا، وتحكيم عقولنا، وألاّ ننتظر رقابة تستيقظ حتى تقول: (لا)، فهي أشبه بالميْت، إن لم تكن ميتة.
لازلنا لم نرق للدرجة الأولى، وتلك الكلاب النابحة لا زالت تقبض بنواجذها ثيابنا، في محاولة جادة لثنينا عن الصعود والارتقاء، والحقيقة أن منَّا من صعد، ومنَّا من استسلم، أما من صعد وتحرر من تلك الكلاب النابحة كان له أن يساعد غيره على الصعود، ولكن للأسف ظل يتضجر، ويتأفف، ويولول، ويلطم الخد، ويشق الجيب على غيره، فمن ارتقى متفرج، ومن بقي متفرج، الكل يبكي؛ فقد كبلنا أيدينا باليأس.
فائز الأسمري
- التصنيف:
- المصدر: