إحياء - (285) سُنَّة الصلاة إلى سترة

منذ 2015-04-07

أراد الرسول للمسلم أن يُصَلِّي صلاته خاشعًا لله دون شواغل أو ملهيات؛ لذلك منع الناس من المرور بين يدي المصلِّي حتى لا يصرفون ذهنه عن صلاته..

أراد الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلم أن يُصَلِّي صلاته خاشعًا لله دون شواغل أو ملهيات؛ لذلك منع الناس من المرور بين يدي المصلِّي حتى لا يصرفون ذهنه عن صلاته؛ وقد روى البخاري عن أَبِي جُهَيْمٍ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ». قَالَ أَبُو النَّضْرِ -أحد رواة الحديث-: "لاَ أَدْرِي، أَقَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً".

ولكي يُساعد المصلِّي نفسه على الخشوع، ولكي يُساعد الناسَ في تطبيق سُنَّة عدم المرور بين يدي المصلِّي، شَرَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُنَّة جميلة، وهي سُنَّة الصلاة إلى سترة، وهذا يعني أن يضع المصلِّي أمامه شيئًا حائلًا يُصَلِّي إليه، فمَنْ أراد أن يمرَّ فليفعل ذلك من خلف السترة، وبذلك يحفظ المصلِّي خشوعه في الصلاة دون أن يُرهق الناس بانتظار انتهاء صلاته؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: حسن صحيح- عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا».

وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الحَرْبَةُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا»، وروى البخاري عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَبْطَحِ، فَجَاءَهُ بِلاَلٌ «فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ» ثُمَّ خَرَجَ بِلاَلٌ بِالعَنَزَةِ -أي العصا- حَتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَبْطَحِ، «وَأَقَامَ الصَّلاَةَ».

وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ المُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ، حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ كَذَلِكَ، يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ المَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ شَيْءٌ"، والسواري هي أعمدة المسجد، وكانوا يُصَلُّون إليها كسترة.

ومن السُّنَّة أن يجعل المصلِّي السترة قريبة لئلاَّ يُضَيِّق على المسلمين طريقهم؛ فقد روى البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ». وفي رواية أبي داود المذكورة آنفًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «.. وَلْيَدْنُ مِنْهَا». أي من السترة، فلنحرص على هذه السُّنَّة المهمَّة.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 3
  • 1
  • 2,101
المقال السابق
(284) سُنَّة ختام قيام الليل
المقال التالي
(286) سُنَّة الغداء والقيلولة بعد الجمعة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً