أنواع عطب الإبداع (الرّوائيّ نموذجًا)

منذ 2015-04-09

ما أنثره هنا هو الأعطاب الّتي تصيب المؤلّفين حقيقة فيما يعرف اصطلاحًا "بسدّة الكاتب"، التّي هي أنواع لا نوع واحد كما قد يشيع عند بعضهم.

هذا شيء قد يصل إلى درجة أن يصير الكاتب نفسه كومة خردة ينبغي التّخلّص منها ورميها؛ لكونها غير قابلة للإصلاح، أو أنّه ابتداء غير صالح للكتابة وقد دخل سوقها خطأ، لكنّ ما أنثره هنا هو الأعطاب الّتي تصيب المؤلّفين حقيقة فيما يعرف اصطلاحًا "بسدّة الكاتب"، التّي هي أنواع لا نوع واحد كما قد يشيع عند بعضهم.

1- النّوع الأوّل: غياب فكرة صالحة:
وهو النّوع الأكثر شيوعًا والمتبادر للذّهن عند الأغلبيّة، وهو أن يجلس الكاتب لأوراقه فيجد ذهنه صفحة فارغة مثلها، بلا أيّ فكرة صالحة للكتابة، فيمرّ بنفس حالة ضعف أو عدمه ليلة الدّخلة، الّذي قد يكون سببه الحقيقيّ هيّنًا جدًا لكنّ الفزع الّذي يصحبه يصير هو في ذاته المشكلة المانعة بعد قليل.

2- النّوع الثّاني: تدفّق الأفكار:
وهو عكس النّوع الثّاني تماما، فالأفكار تتزاحم لدرجة تمنعك من كتابة أيّ شيء، وعندك سيولة كبيرة فيها لا يمكنك معها تحديد أهمّا من مهمّها ممّا لا قيمة له منها.

3- النّوع الثّالث: خطأ التّخطيط:
هنا الأفكار موجودة ومنتظمة في نفسها، لكن لا ترابط بينها إلّا بتعسّف، لا يخلق أكثر من قصّة قصيرة متضخّمة، أو رواية متناقضة، وأسوأ ما يكون هذا إذا كان واقعًا في فجوة عند ذروة السّرد تحوجك لاستدعاء ماضٍ لا يتمّ من دونه التّناسق وهو غائب عندك، أو يدفعك إلى نهاية مملّة لا ترضاها؛ وبكلّ حال هناك فجوة في التّخطيط أنت مخيّر فيها بين سوق جزء مملّ أو التّخلّص من جزء مهمّ لتحفظ التّناسق الدّاخليّ.

ومن أشهر الأمثلة على هذا قصّة مارك توين عندما توقّف في التّوت الفنلندي، فتعلّق هناك ولم يعد يرى خاتمة الرّواية.

4- النّوع الرّابع: التّعقيد المتجاوز لقدرتك:
أن يقع عندك شعور أنّ الرّواية بلغت حدّا من التّعقيد -بعد العقدة الكلاسيكيّة- أكبر من إمكانيّاتك، مع سير السّرد فترة زمنيّة بلغت حدّا مكلّفا (مائة صفحة مثلاً).

5- النّوع الخامس: اكتشاف شخصيّة مقحمة:
أن تكتشف شخصيّة قمت بصناعتها صناعة صحيحة، ثمّ اكتشفت أنّ وجودها مثقل للأحداث، أو لا قيمة لوجودها أصلاً ولا تأثير.. وتختلف المشكلة في حجمها بحسب الموقع الزّمني لهذا الاكتشاف، وعدد الأحداث الّتي دخلتها هذه الشّخصيّة أو تمّت الإحالة عليها في السّرد أو الحوار.

6- النّوع السّادس: صوت النّاقد الدّاخلي:
قد يعلو أحيانا توقّعك وتفاعلك الدّاخليّ مع القارئ لدرجة تمنعك من كتابة ما تريد، لتجرّك لكتابة ما يريد، ممّا يعطّل ملكاتك وقدرتك إلى حدّ قد يمنعك من الكتابة أصلاً، ويقتل الفكرة كلّها.

7- النّوع السّابع: المثاليّة:
محاولة كتابة جملة مثاليّة، واختيار العبارة الأمثل في أثناء سير الأحداث وتوليدها قد يؤدّي إلى تضييع الأفكار جملة أو فقد خيط المتابعة.

8- النّوع الثّامن: العجز عن قتل الرّواية المشوّهة:
اكتشاف كون الرّواية كلّها مبنيّة خطأ، وأنّها مسخ ينبغي قتله بعد حمل خلق حالة ودّ بينكما أمر شاقّ جدًا على النّفس، وعدم القدرة عليه قد يؤدّي لحالة انسداد عن الكتابة جملة، كما في الانفصال في العلاقات العاطفيّة تمامًا الّذي يدعو بعض النّاس لقرار عدم التّورّط مرّة أخرى.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

كمال المرزوقي

رئيس جامعة الإمام مالك للعلوم الشّرعيّة بتونس.

  • 12
  • 0
  • 11,501

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً