ورع عمر بن الخطاب
إن الورع بمعناه الحقيقي يعني اتقاء الشبهات، والتنازل عن بعض من الحلال؛ مخافة الوقوع في الحرام.
- التصنيفات: سير الصحابة -
إن الورع بمعناه الحقيقي يعني اتقاء الشبهات، والتنازل عن بعض من الحلال؛ مخافة الوقوع في الحرام، وقد بلغ سيدنا عمر رضي الله عنه درجة عالية من الورع تعلمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «
فقد ضرب الفاروق المثل في الورع، والتقوى، والترفع عن الدنيا، ومما يدل على ورعه ما أخرجه أبو زيد عمر بن شبة من خبر معدان بن أبى طلحة اليعمرى أنه قدم على عمر بقطائف وطعام، فأمر به فقسم، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أرزقهم ولن أستأثر عليهم إلا أن أضع يدى في طعامهم، وقد خفت أن تجعله نارًا في بطن عمر، قال معدان: ثم لم أبرح حتى رأيته اتخذ صفحة من خالص ماله فجعلها بينه وبين جفان العامة. فأمير المؤمنين عمر يرغب في أن يأكل مع عامة المسلمين لما في ذلك من المصالح الاجتماعية، ولكنه يتحرج من أن يأكل من طعام منع من مال المسلمين العام، فيأمر بإحضار طعام خاص له من خالص ماله، وهذا مثال رفيع في العفة والورع إذ إن الأكل من مال المسلمين العام معهم ليس فيه شبهة تحريم؛ لأنه منهم، ولكنه قد أعف نفسه من ذلك ابتغاء مما عند الله تعالى، ولشدة خوفه من الله تعالى خشي أن يكون ذلك من الشبهات فحمى نفسه منه.
مشاهد من ورع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
وعن عبد الرحمن بن نجيح قال: نزلت على عمر، فكانت له ناقة يحلبها، فانطلق غلامه ذات يوم فسقاه لبنا أنكره، فقال: ويحك من أين هذا اللبن لك؟ قال: يا أمير المؤمنين إن الناقة انفلت عليها ولدها فشربها، فخليت لك ناقة من مال الله، فقال: ويحك تسقينى نارًا، واستحل ذلك اللبن من بعض الناس، فقيل: هو لك حلال يا أمير المؤمنين ولحمها. فهذا مثل من ورع أمير المؤمنين عمر، حيث خشي من عذاب الله جل وعلا لما شرب ذلك اللبن مع أنه لم يتعمد ذلك، ولم تطمئن نفسه إلا بعد أن استحل ذلك من بعض كبار الصحابة الذين يمثلون المسلمين في ذلك الأمر.
ذكر الآخرة بما فيها من حساب ونعيم أو شقاء أخذ بمجامع عمر وملأ عليه تفكيره، حتى أصبح ذلك موجهًا لسلوكه في هذه الحياة، ولقد كان عمر شديد الورع، وقد بلغ به الورع درجة عالية.
لقد مرض يومًا، فوصفوا له العسل كدواء، وكان بيت المال به عسلًا، جاء من بعض البلاد المفتوحة، فلم يتداو عمر بالعسل كما نصحه الأطباء، حتى جمع الناس وصعد المنبر واستاذن الناس: إن أذنتم لي، وإلا فهو علي حرم. فبكى الناس إشفاقًا عليه، وأذنوا له جميعًا، ومضى بعضهم يقول لبعض: لله درك يا عمر، لقد أتعبت الخلفاء بعدك.
عمر بن الخطاب مع أسرته:
قال عمر: إن الناس ليؤدون إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، وإن الإمام إذا رتع رتعت الرعية. ولذلك كان شديدًا في محاسبة نفسه وأهله، فقد كان يعلم أن الأبصار مشرئبة نحوه وطامحة إليه، وأنه لا جدوى إن قسا على نفسه، ورتع أهله فحوسب عنهم في الآخرة، ولم ترحمه ألسنة الخلائق في الدنيا، فكان عمر إذا نهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإنى والله لا أوتى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلا أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم أن يتقدم، ومن شاء منكم أن يتأخر. وكان شديد المراقبة والمتابعة لتصرفات أولاده وأزواجه وأقاربه وهذه بعض المواقف..
المرافق العامة:
منع عمر رضي الله عنه أهله من الاستفادة من المرافق العامة التي رصدتها الدولة لفئة من الناس، خوفًا من أن يحابى أهله به، قال عبد الله بن عمر: اشتريت إبلًا أنجعتها الحمى فلما سمنت قدمت بها، قال: فدخل عمر السوق فرأى إبلًا سمانًا فقال: لمن هذه الإبل؟ قيل: لعبد الله بن عمر، قال، فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر بخ... بخ... ابن أمير المؤمنين، ما هذه الإبل؟ قال: قلت: إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى، أبتغي ما يبتغي المسلمون. قال: فقال: فيقولون: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين. يا عبد الله بن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين.
محاسبة عمر بن الخطاب لابنه عبد الله لما اشترى فيء جلولاء:
قال عبد الله بن عمر: شهدت جلولاء -إحدى المعارك ببلاد فارس- فابتعت من المغنم بأربعين ألفًا، فلما قدمت على عمر قال: أرأيت لو عرضت على النار فقيل لك: افتده، أكنت مفتديًا به؟ قلت: والله ما من شيء يؤذي بك إلا كنت مفتديًا بك منه. قال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا فقالوا: عبد الله بن عمر صاحب رسول الله، وابن أمير المؤمنين وأحب الناس إليه -وأنت كذلك- فكان أن يرخصوا عليك أحب إليهم من أن يغلوا عليك، وإنى قاسم مسؤول وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش، لك ربح الدرهم درهم، قال: ثم دعا التجار فابتاعوا منه بأربعمائة ألف درهم، فدفع إليّ ثمانين ألفا، وبعث بالباقي إلى سعد بن أبى وقاص ليقسمه.
خذه يا معيقيب فاجعله في بيت المال:
قال معيقيب: أرسل إليّ عمر مع الظهيرة، فإذا هو في بيت يطالب ابنه عاصمًا... فقال لي: أتدري ما صنع هذا؟ إنه انطلق إلى العراق أخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين، فانتفقهم (سألهم النفقة) فأعطوه آنية وفضة ومتاعًا، وسيفًا محلى، فقال عاصم: ما فعلت، إنما قدمت على أناس من قومي، فأعطوني هذا. فقال عمر: خذه يا معيقيب، فاجعله في بيت المال.
فهذا مثل من التحري في المال يكتسبه الإنسان عن طريق جاهه، ومنصبه، فحيث شعر أمير المؤمنين عمر بأن ابنه عاصًما قد اكتسب هذا المال لكونه ابن أمير المؤمنين تحرج في إبقاء ذلك المال عنده لكونه اكتسبه بغير جهده الخاص فدخل ذلك في مجال الشبهات.
عاتكة زوجة عمر والمسك:
قدم على عمر مسك وعنبر من البحرين فقال عمر: والله لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك. قال: لا. قالت: لم؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا -وأدخل أصابعه في صدغيه- وتمسحي به عنقك فأصيب فضلًا على المسلمين.
فهذا مثل من ورع أمير المؤمنين عمر واحتياطه البالغ لأمر دينه، فقد أبى على امرأته أن تتولى قسمة ذلك الطيب حتى لا تمسح عنقها منه فيكون قد أصاب شيئًا من مال المسلمين، وهذه الدقة المتناهية في ملاحظة الاحتمالات أعطاها الله لأوليائه السابقين إلى الخيرات، وجعلها لهم فرقانًا يفرقون به بين الحلال والحرام والحق والباطل، بينما تفوت هذه الملاحظات على الذين لم يشغلوا تفكيرهم بحماية أنفسهم من المخالفات.
منع جر المنافع بسبب صلة القربى به:
عن أسلم قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل، وقال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى، ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، وأسلفكما، فتبيعان به متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح. ففعلا، وكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال. فلما قدما على عمر قال: أكلَّ الجيش أسلف كما أسلفكما؟ فقالا: لا. فقال عمر: أدّيا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغى لك يا أمير المؤمنين، لو هلك المال أو نقص لضمناه. فقال: أديا المال. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله. فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضًا (شركة). فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال. قالوا: هو أول قراض في الإسلام.
أسس عمر بن الخطاب رضي الله عنه مبدءًا قويمًا في معيشة الوالي:
من ورع الفاروق عمر أنه أسس مبدءًا قويمًا في معيشة الوالي، وأكله من مال الرعية، وأنه لا يحل له من مال الرعية إلا ما كان آكلًا من صلب ماله. فلا يحل للوالي على المسلمين من ماله إلا كسوة الشتاء من الثياب، وكسوة الصيف وقوته وقوت أهله كقوت رجل من المسلمين، ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، وما يحج به ويعتمر.
يقول عاصم بن عمر: لما زوجني عمر أنفق علي من مال الله شهرًا، ثم أرسل إليّ يرفأ، فأتيته وهو في مصلاه عند الفجر، أو عند الظهر، فقال: يا يرفأ احبس عنه، ثم دعاني، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا بني فو الله ما كنت أرى هذا المال يحل لي من قبل أن أليه إلا بحقه، وما كان قط أحرم عليّ منه إذ وليته، فعاد أمانتي وقد أنفقت عليك شهرًا من مال الله، ولست بزائدك، ولكني معينك بتمر من مالي فبعه.
ثم قم إلى جانب رجل من تجار قومك، فإذا ابتاع فاستشركه، ثم أنفق على أهلك. قال عاصم بن عمر: فذهبت ففعلت. هكذا يعلم الفاروق أولاده وقومه أن مال المسلمين أمانة في عنقه، وإنما الأخذ منه بقدر الحاجة والضرورة.
ومن جانب آخر نجد للفاروق يبني في أبنائه قواعد الجد والاجتهاد، والاعتماد على النفس، والحرص على السعي وعدم التواكل اعتمادًا على جاه الوالد أو أمواله.
ويروي عبد الله بن الأرقم فيقول: قلت لعمر: يا أمير المؤمنين، إن عندنا حلية من حلي جلولاء، وآنية وفضة، فانظر ما تأمرنا فيها بأمرك. قال عمر: إذا رأيتني فارغًا فآذني. قال ابن الأرقم: فجئته يومًا، فقلت: يا أمير المؤمنين، إني أراك اليوم فارغًا. قال: أجل ابسط لي نطعًا، فأمر بذلك المال فأفيض عليه، ثم جاء حتى وقف عليه فقال: اللهم إنك ذكرت هذا المال فقلت: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:14].
اللهم وقلت: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد:23].
اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، اللهم إني أسألك أن نضعه في حقه وأعوذ بك من شره.
ونمضي مع عفة الفاروق ، وشدته في مال المسلمين، وحرصه على عدم خوض أسرته في مال الله.
محاسبة النفس عند الفاروق عمر:
من أسباب صلاح القلوب، وهداية النفوس: محاسبة النفس على العيوب والذنوب، لتدارك التقصير في عبادة علام الغيوب. ولعل آعظم آية قرآنية توضح لنا أهمية محاسبة النفس في حياة المسلمين، قول الحق تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18].
أي: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم، وعرضكم على ربكم. فالله تعالى عالم بجميع أحوالكم، وأعمالكم، لا تخفى عليه منكم خافية، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير.
وقد كان الفاروق آية في محاسبة النفس، حتى قال مقالته السابقة: لو مات جمل في عملي ضياعًا، خشيت أن يسألني الله عنه. بل كان يدعو المؤمنين إلى محاسبة النفس، مذكرًا لهم بيوم القيامة، حيث لا تخفى منهم خافية.
يقول عمر بن الخطاب: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتجهزوا للعرض الأكبر، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقَّة:18].
وكان الفاروق يحاسب نفسه على ما يبدر من تقصير منه، ولو كان شيئًا يسيرًا. فكل منا في حاجة إلى محاسبة نفسه عن أفعاله وأقواله. وكل منا في بحاجة إلى محاسبة نفسه عن قدر شكره لنعمة الإسلام. وما أحرى بكل واحد أن يسأل نفسه: هل اتقيت الله في مكسبي ومطعمي، ومشربي وملبسي؟ هل أخلصت لله في السر والعلانية؟ هل عدلت في الرضا والغضب؟ هل عفوت عمن ظلمني؟ هل أعطيت من حرمني؟ هل وفيت بالعهد لمن عاهدته؛ وصدقت في الوعد لمن واعدته؟ هل تذكرت الموت والبلى، واليوم الآخر وشدائده؟
فالخير كل الخير في محاسبة النفس، والشر كل الشر في الهوى، والسعي خلف النفس الأمّارة بالسوء.
ذكر خوف عمر من الله تعالى:
من شمائل الفاروق خوفه الشديد من الله تعالى، ويظهر ذلك الخوف جليًا في أقواله وأفعاله.
لقد كان الفاروق على جانب كبير من الخوف من الله، جلس عنده بعض أصحابه عند موته يثنون عليه بما قدم للإسلام. فقال: والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه.
فهذا الطود الشامخ، والرجل الباهر القوي الأمين، الصلب في دين الله، القانت الزاهد، التقي النقي، لا تفرحه بنفسه بما قدم من أعمال، ولا ييأس من روح الله، أخذ الورع بقوة.
لقد تربى عمر على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فعلماه ما تعجز عنه كتب التربية والأخلاق قديمها وحديثها، وما يزال كتاب الله بين أيدينا وما تزال سنة رسول الله محفوظة لدينا، وفيها علم وتربية وأخلاق بما لا يقاس عليه.
موقف عمر من هدية ملكة الروم لزوجته أم كلثوم:
جاء في تاريخ الطبري [2]: وقالوا ترك ملك الروم الغزو وكاتب عمر وقاربه.. وبعثت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب إلى ملكة الروم بطيب ومشارب وأحفاش من أحفاش النساء، ودسته إلى البريد فأبلغه لها وأخذ منه، وجاءت امرأة هرقل وجمعت نساءها وقالت: هذه هدية امرأة ملك العرب وبنت نبيهم. وكاتبتها وكافأتها وأهدت لها، وفيما أهدت لها عقد فاخر، فلما انتهى به البريد إليه، أمره بإمساكه، ودعا الصلاة جامعة، فاجتمعوا فصلى بهم ركعتين، وقال: إنه لا خير في أمر أبرم عن غير شورى من أموري، قولوا في هدية أهدتها أم كلثوم لامرأة ملك الروم، فأهدت لها امرأة ملك الروم. فقال قائلون: هو لها بالذي لها، وليست امرأة الملك بذمة فتصانع به ولا تحت يدك فتتقيك. وقال آخرون: قد كنا نهدي الثياب لنستثيب، ونبعث بها لتباع ولنصيب ثمنًا، فقال: ولكن الرسول رسول المسلمين والبريد بريدهم، والمسلمون عظموها في صدرها. فأمر بردها إلى بيت المال، ورد عليها بقدر نفقتها.
غششت أباك ونصحت أقرباءك:
جيء إلى عمر بمال، فبلغ ذلك حفصة أم المؤمنين، فقالت: يا أمير المؤمنين، حق أقربائك من هذا المال، قد أوصى الله بالأقربين من هذا المال فقال: يا بنية حق أقربائي في مالي، وأما هذه ففي سداد المسلمين، غششت أباك ونصحت أقرباءك؛ قومي.
أردت أن ألقى الله ملكًا خائنًا:
قدم صهر عمر عليه فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال، فانتهره عمر وقال: أردت أن ألقى الله ملكًا خائنًا؟ فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم.
_________________________
[1]- البخاري: كتاب الإيمان- باب فضل من استبرأ لدينه- حديث رقم [50].
[2]- تاريخ الطبري: [2-601].