شيخي (أنور الداوود النبراوي)
الشيخ حفظه الله قريب العبرة جدًا.. ندي الكف جدًا.. باذل المعروف جدًا.. حاد الذكاء جدًا، بلا انتفاخ ولا انبعاج ولا تعالٍ.. بارك الله في أهل العلم الراسخين فيه، العاملين به، المقتدين بمن قد سلف.
أحد مشايخي هو الشيخ (أنور الداوود) يعشق التفسير، حتى لقد قصر درسه فيه على تنوع فنونه..
فعنايته به عناية خاصة، ويستقبل طلابه في بيته العامر بسخاء واضح، وهو رجل ذو فراسة عجيبة..
من مجلس واحد أخبرني من أنا.. وأبرز صفاتي الخلقية -بضم الخاء واللام- فوافق حقيقتي إلى حد بعيد..! فلعلها من بركة القرآن الذي يطلبه..
ثم افترقنا بسبب خلاف في منهجية الطلب، كنت أريد منهجًا متنوعًا في فروع العلم، وهو يصر على التفسير والحديث فقط، وبعد فراق دام ستة أعوام حاولت خلالها الاتصال بالشيخ أكثر من مرة فلم أعثر عليه، فقد غير رقم جواله، ثم استسلمت للتنائي والبين.. حتى أول أمس تفاجأت بمتصل غير مخزن رقمه بالجهاز فإذا هو صوت هذا الحبيب البعيد!
فسأل عني سؤال الوالد الشفوق عن ولده الغائب الذي انقطعت أخباره، وشط مزاره..! وبينما أهم بتقديم الاعتذار عن الافتراق، ونزولي عن رأيي إلى رأيه بدأني هو بالاعتذار عن الافتراق واﻹصرار، ونزل عن رأيه إلى رأيي! وأنه مشتاق للمدارسة والمناقشة معي في شتى فروع العلم، مدارسة الند للند لا مجالسة التلميذ للشيخ..! أي تواضع أظل هذا الرجل، بل أي نبل؟!
الرجل بالمقام الذي لا يحتاج فيه مثلي، ومع ذلك هو الذي يمد جسور التلاقي.. وهو الذي يتنازل عن رأيه..
بقي أن تعلم أن درس الرجل ليس درسًا أكاديميًا جافًا.. بل هو درس تتساقط فيه عبرات الشيخ مع كل آية، بل كل كلمة من كتاب الله، تخرج من عنده مترع الإيمان متألق الوجدان مشرق النفس.. وله أشياء في التفسير لم نجدها في كتب، لكنها من فتوح العليم الحكيم، وكم طلب منه أشياخه بتدوينها خشية الضياع، لكنه وللأسف لم يفعل حتى ذاك الوقت.
الشيخ حفظه الله قريب العبرة جدًا.. ندي الكف جدًا.. باذل المعروف جدًا.. حاد الذكاء جدًا، بلا انتفاخ ولا انبعاج ولا تعالٍ.. بارك الله في أهل العلم الراسخين فيه، العاملين به، المقتدين بمن قد سلف.
- التصنيف: