من مواقف اﻹنسان الكنود
في إحدى زيارتي للبلدة فوجئت بمن يخبرني أن صاحبنا يبحث عنك، وينتظرك بفارغ الصبر، فتواعدنا والتقينا، ثم أخبرني عن مشكلته التي صورها على أنها نهاية العالم! -وهكذا ينظر اﻹنسان للعالم من زاويته الضيقة!-.
كنت في سنواتي اﻷولى بالجامعة.. وكنت من بين أصدقاء الدراسة معروفًا بالتدين مع نفر قليل منهم، بينما اﻵخرون مسرفون ما بين مقل ومستكثر، وكان أحدهم من المستكثرين جدًا، وقد كان يتقمص أدوار أبطال السينما تمامًا بتمام، فقد حباه الله قوامًا ممشوقًا، وطولاً فارعًا، وعضلات مفتولة، إلى جانب وسامة وقسامة، لكن! مع فراغ عقل وطيش ونزق، كل هذه المسوح أضفت على صاحبنا هالة يبصرها السطحيون والسطحيات فقط، ومن عطالته وبطالته أنه كان لا يصلي، وكم نصحته! ولكن لم ينتصح.
ثم تفرقت بنا السبل فدخلت الجامعة، وقد تخرج صاحبنا في المدرسة الصناعية، وفي إحدى زيارتي للبلدة فوجئت بمن يخبرني أن صاحبنا يبحث عنك، وينتظرك بفارغ الصبر، فتواعدنا والتقينا، ثم أخبرني عن مشكلته التي صورها على أنها نهاية العالم! -وهكذا ينظر اﻹنسان للعالم من زاويته الضيقة!-.
وقد كانت مشكلته أن والد مخطوبته قد قرر فجأة أن يفسخ الخطبة بلا سابق إنذار، وطلب منه الحضور ليأخذ هداياه ومتعلقاته، وأنه -أي صاحبنا- سعى في الشفعاء والوسطاء من علية القوم في البلدة وكبارها فلم يقبل الرجل شفاعتهم، بل وطرد والدة صاحبنا من بيته لما أن أرادت أن تدخل عليه من باب يحرج الرجال!
ولما أعيته الحلول.. بحث صاحبنا في دفتر أصدقائه فلم يجد خيرًا مني كصديق متدين يثق في رأيه وحكمه -هكذا يظن!-، وذهلت حينما ابتدأني بحل انعقد عليه عزمه، وهو أن يهرب مع فتاته التي شاركته طيشه في فكرة الهرب! وأنه جاء يستفتيني في ذلك..
- التصنيف: