إحياء - (296) سُنَّة التسبيح عند التعجب
كان صلى الله عليه وسلم دائم التدبر في خلق الله، ولذا كان يسبح الله إذا رأى شيئًا عجيبًا كإعلان منه واعتراف بقدرة الله رب العالمين..
قدرة الله لا حدود لها؛ وقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر:44]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن يكون دائم التدبُّر في خَلْقِ اللهِ؛ فإن هذا يرفع من درجة إيمانه، وكان للرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك سُننًا كثيرة، منها أنه كان يُسَبِّحُ اللهَ إذا رأى شيئًا عجيبًا، وذلك كإعلان منه أنه يعترف أن هذا الشيء العجيب لا يقدر عليه إلا الله..
وكان يُسَبِّح اللهَ كذلك إذا رأى من المؤمنين فعلًا عجيبًا على خلاف المتوقَّع، وكأنه يُسَبِّح اللهَ الذي خلق الأفهام المختلفة، ومثال ذلك في السُّنَّة كثير؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ المَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ. فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: « » قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ: « ».
وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «
» قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « » قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « ». قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ".وتعلَّم الصحابة هذه السُّنَّة فكانوا يُسَبِّحون اللهَ إذا رأوا شيئًا عجيبًا؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: « »، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ. فَقَالَ: « ». وَمَا هُمَا ثَمَّ، « »، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ. قَالَ: « ». وَمَا هُمَا ثَمَّ.
فليكن شعارنا التسبيح عند رؤية أمرٍ عجيب، ولنا في كل تسبيحة حسنة.
ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].
- التصنيف:
- المصدر: