ابتلاؤُه سبحانه لك
أبو فهر المسلم
اسْتَعْذِب بلاءَك في سبيل الله، يذهب ألمُه وتبقى لذَّتُه وأجرُه.. وتقَّرب إليه حتَّى يُحبّك.. فمتَى أحبَّك أكرمَك واصطفاك، وأغناكَ وكفَاك؛ فلا ترَى الوجود إلَّا برضاه، ولا يَحزنك بلاءٌ ما دامَت تَقواه، فاللهُ لا يُعذِّب مَن أحبَّه.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
ابتلاؤُه سبحانه لك على قدْر محبَّته إياك.. ففيِمَ جَزَعُك وسَخطُك؟!
قال ابن القيّم رحمه الله: "المَحبة كلّما تمَكّنت في القلب ورَسخت فيه كان أذى المُحِبِّ في رضا مَحبوبه؛ مُستحلًى غير مَسخوط! والمُحبّون يَفتخرون عند أحبابهم بذلك، حتى قال قائلهم:
لئِن سَاءني أن نِلْتَني بمَسائةٍ *** لقد سرَّني أني خطرتُ ببَالِكَ
فما الظنُّ بمحبة المَحبوب الأعلى؟! الذي ابتلاؤه لحبيبِه رحمةٌ منه له وإحسانٌ إليه" (انظر: إغاثة اللهفان).
قلتُ:
فمتَى ابتلاكَ فليس دومًا يَبتلِي ليُعذِّب.. ولكن يَصطَفي ويُهذِّب!
ولمَّا كان ابتلاؤهُ واصطفاؤهُ على قدْر مَحبتِه خَلْقَه؛ صار أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثَل فالأمثَل..
فلمَّا فَطن النبيُّون والصالحون لذلك، وأيقنوا بما وراء حجاب البلاء من إكرام، استَعذَبوا البلاء في سبيل الله، وصار عندهم فرحًا كلّه ورضا! حتى صاروا أفرحَ بالبلاء من فرح أحدِنا بالنّعماء..
لذا قالت تلك الصالحةُ، عندما قُطعَت أصابعُها: "حلاوةُ أجْرِها أنستْنِي مُـرَّ قطعِها"!
فاسْتَعْذِب بلاءَك في سبيل الله، يذهب ألمُه وتبقى لذَّتُه وأجرُه..
وتقَّرب إليه حتَّى يُحبّك.. فمتَى أحبَّك أكرمَك واصطفاك، وأغناكَ وكفَاك؛ فلا ترَى الوجود إلَّا برضاه، ولا يَحزنك بلاءٌ ما دامَت تَقواه، فاللهُ لا يُعذِّب مَن أحبَّه.