تصرفات بعض الملتزمين
الالتزام الحقيقي يشمل كل الحياة (عقيدة، وسلوك، وعبادة، ومعاملات، وأخلاق) ظاهرًا وباطنًا، ومن هنا فكل مسلم هداه الله إلى صراطه المستقيم فهو ملتزم تقي، بغض النظر عن شكله أو لونه أو مظهره أو لغته أو قبيلته.. ومن هنا فالخلل يظهر في الأخذ ببعض جوانب الإسلام دون بعض.
تشي تصرفات وتعاملات بعض من يسميهم المجتمع (ملتزمين) بنقص حقيقي في الشخصية أو في التربية، خاصة أن هناك عيب مشترك بين هذا الجزء المعيب من أهل الالتزام وهو علو (الأنا) والنظر للآخرين ببعض الازدراء أو تقليل الشأن!
وكلمة ملتزم تطلق عادة على الشاب أو الشابة الذين يلتزمون بالهدي الظاهر، مع الالتزام بالعبادات الظاهرة كصلوات الجماعة والتراويح والتواجد بالمساجد.. والحقيقة أن الإسلام يشمل صلاح الظاهر والباطن: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:161-163]
فالالتزام الحقيقي يشمل كل الحياة (عقيدة، وسلوك، وعبادة، ومعاملات، وأخلاق) ظاهرًا وباطنًا، ومن هنا فكل مسلم هداه الله إلى صراطه المستقيم فهو ملتزم تقي، بغض النظر عن شكله أو لونه أو مظهره أو لغته أو قبيلته.. ومن هنا فالخلل يظهر في الأخذ ببعض جوانب الإسلام دون بعض.
وقد ينتج الخلل عن الإغراق في العلم النظري دون التأثر بالقدوة السلوكية والتربية الإيمانية الصحيحة.
فكثيرًا ما نرى من أغرق نفسه في العلم مع قلة خبرته في واقع الدعوة والمدعوين، فينتج عن هذا ما نراه من أعاجيب الأحكام القائمة على علم نظري لم يراع صاحبه تكييفها الواقعي ولا شروطها، أو موانع قد تعرض للمكلفين أو ما يعترض مناطها عمومًا.
ولأن الشاب والشابة الملتزمين غالبًا ما يكونوا في أسرتهم معروفين بأنهم "بتوع ربنا" كما يقول العامة..
فتجد هذه النظرة تتحول داخل البعض إلى مطلب يطالب به الجماهير المحيطة، مع أن البعض قد لا ينظر إليه بنفس النظرة التي تنظرها إليه أسرته، لأنهم يعلمون من ديانته أكثر مما يعلم غيرهم، ويرون من تقواه ما لا يراه المجتمع.
لذا تجد الكثير يتعللون عن معالجة هذه الأنا التي تظهر بين الحين والآخر بأحاديث غربة الإسلام وغربة أهله في آخر الزمان، ولو دقق النظر لعلم أنه حقًا من الغرباء، ولكن ليست غربة الإسلام وإنما هو غريب الأطوار يحتاج إلى وقفة مع النفس، قد تطل هذه الأنا من قلم كاتب أو من نظرة شاب ملتزم، أو حتى من موعظة شيخ تسلل الشيطان إلى قلبه فزرع فيه بعض العجب بنفسه.
لذا فالحذر الحذر وعلى كل منا أن يقف مع نفسه قبل أن يتحول إلى حائط صد عن الإسلام.
وعلى كل مسلم أن يطبق الإسلام تطبيقًا شموليًا، ظاهرًا وباطنًا، عقيدة وسلوكًا، وعبادة وعملًا وأخلاقًا.
وعلى النقيض: قد يظن بعض القراء أني أنتقد الملتزمين بهذا الكلام.. كلا والله.
فمن دونهم من أبناء المجتمعات ممن لم يلزموا أنفسهم بهدي ظاهر أو باطن لديهم من العيوب والمشاكل ما يحتاج لوقفات ووقفات.
وفي النهاية فالنصيحة تشمل الجميع، دون تطرق أو تطرف، أو تعصب لجماعة أو حزب، أو فصيل أو لون أو قبيلة.
فالنصيحة لله ورسوله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم.
والله المستعان
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: